أعربت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، عن استغرابها واستهجانها الشديدين حيال تكليف شخص مدني غير مؤهل لشغل منصب برئاسة جهاز أمني وظيفته حساسة جداً.
جاء ذلك في بيان للمؤسسة أُرسل إلى “عين ليبيا” حول صدور قرار رئيس حكومة الوحدة الوطنية بشأن تسمية صبري هدية رئيساً جديدا لجهاز الشرطة القضائية.
وأكدت المؤسسة أن القرار صُدِر بالمخالفة للمعايير والاشتراطات المنصوص عليها في تعيين رئاسة الجهاز المنصوص عليها في القانون رقم (5) لسنة 2005م بشأن مؤسسات الإصلاح والتأهيل وتعديلاته، والقرارات التنظيمية لجهاز الشرطة القضائية، وأخراها القرار رقم 1960 لسنة 2013 م في شأن اعتماد الهيكل التنظيمي واختصاصات جهاز الشرطة القضائية، والتي نصت عليها في إحدى مواده، أن جهاز الشرطة القضائية جهاز مدني يعني بالإشراف على السجون وحراسة وحماية المقار القضائية وحماية الأعضاء، وتنفيد الأحكام والأوامر والتعليمات الصادرة عن السلطة القضائية، ويتكون من عدد كافي من الأعضاء من أفراد الشرطة والمدنيين، وعلى أن يكون رئيسه من أحد أعضاء الهيئات القضائية لا تقل درجته القضائية عن درجة مستشار بمحكمة الاستئناف.
ونوه البيان بأن تعيين غير ذلك سواء من الضباط أو المدنيين مخالف لأحكام قانون تنظيم عمل الجهاز، واستناداً لتقارير المتابعة الفنية الدورية للمؤسسة تجاه أوضاع مؤسسات الإصلاح والتأهيل، والتي رصدت العديد من المخالفات القانونية والانتهاكات الجسيمة تجاه حقوق السجناء والموقوفين بهذه السجون إضافة إلى الزج بجهاز الشرطة القضائية في المهام والأعمال العسكرية وأعمال العنف التي شهدتها مدينة طرابلس في أكثر من مناسبة، جراء أعمال وممارسات إدارة العمليات والأمن القضائي التابعة للجهاز، وعملها بالمخالفة لاختصاصاته المنصوص عليها في القانون والقرارات التنظيمية المتعلقة بعمل واختصاصات الجهاز، وحيثُ كان ولازال سوء إدارة الجهاز يعود لتولي بعض الأشخاص ليسوا من ذوي الكفاءة والاختصاص، وبل سجلت ضدهم مخالفات جسيمة إساءة للسلطات الممنوحة لهم وتقصير وإهمال في أداء الواجب وإدارتهم لهذه المرافق التي لا تُراعي معايير حقوق الإنسان ولا تلتزم ولا تتوافق مع التشريعات والقوانين الوطنية، ومرد ذلك لسوء اختيار قيادات جهاز الشرطة القضائية من خارج إطار المؤسسة الأمنية وسجلاتهم سيئة في انتهاكات حقوق الإنسان، بحس نص البيان.
وأشارت مؤسسة حقوق الإنسان إلى قرار مجلس وزراء الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب رقم (59) للعام 2024م بشأن تكليف اللواء مصطفى آدم رئيساً لجهاز الشرطة القضائية، وبهذا القرار الآخر يعمل رؤساء الحكومتين بعلم أو بدونه على ترسيخ انقسام جهاز الشرطة القضائية، الأمر الذي سيتسبب في مزيد من تدهور أوضاع المؤسسة، ويجعل من رؤساء الجهاز مطية لتجاوزات خطيرة تضعف سلطته التي كانت موحدة طيلة السنوات الماضية، وأيضًا يساهم في توسيع دائرة الانتهاكات المرتكبة بحق نزلاء السجون الخاضعة لسلطة الجهاز، وسيسهم في زيادة تردي وسوء أوضاع السجناء والموقوفين بهذه السجون التابعة للجهاز، ويجر ما يترتب من إجراءات إدارية وفنية فيها أمام المحاكم المدنية، وفقا لبيان المؤسسة.
وأضاف البيان: “وهذا الأمر نحذر منه وننبه بأهمية المسار القانوني والإجرائي تجاه سلطة الإدارة المكلفة، وتنوه المؤسسة بأن بدل من سعي الحكومتين لتوحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية لتحافظ على كيان الدولة موحداً، نجدهم يغوصوا يوماً بعد الآخر في تمزيق وتقسيم ما تبقى من مؤسسات أمنية فنية تعنى بضمان إنفاذ واحترام القانون، لذلك فإن المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا تعتبر قرارات التكليف بالمناكفة للسياسية والتضحية بأحد أهمّ الأجهزة الأمنية التخصصية ذات الاختصاص الفني والقانوني ذا الطبيعة الخاصة في مهام عمله”.
وعبرت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا عن رفضها لقرارات رئيس حكومة الوحدة الوطنية إصدار قرارات بتكليف أشخاص غير مؤهلين ولا يتمتعون بسيرة حسنة على رأس أجهزه أمنية، في عملاً ممنهج لتدمير ما تبقى من الأجهزة الأمنية للدولة، في مقابل مصالح وتحالفات سياسية وأمنية، وبهذا تقوم الحكومة بشرعنة الفساد الإداري وسُوء الإدارة في إحدى المؤسسات والأجهزة الأمنية التي تعني بإنفاذ القانون وتنفيذ الأوامر والأحكام القضائية وترتبط بشكلٍ مباشر بالحقوق والقانون، وبضمانات حماية حقوق السجناء والموقوفين.
ودعت المؤسسة الحكومتين إلى سحب قراراتهم الأخيرة بتكليف رؤساء للجهاز، نظراً للظروف الاستثنائية الراهنة، ولأهمية وحساسية قضايا السجون والتقارير التي سجلت انتهاكات جسيمة وقعت على السجناء وذويهم، داعية أيضا المجلس الرئاسي إلى التدخل لمعالجة هذا العبث بمصير جهاز الشرطة القضائية ووحدته.
كما طالبت المؤسسة أيضاً، حكومة الوحدة الوطنية بالعمل على تكليف شخصية قضائية ذات كفاءة وخبرة في مجال عمل الجهاز من سلك السلطة القضائية لرئاسة الجهاز، وتكليف معاونين له من قيادات الجهاز الأمنية لتحسّين مستوى أداء الجهاز وإعادة توحيده من جديد، والإسهام في تفهم عمل الجهاز واحتياجاته والعمل على معالجة الأخطاء والتجاوزات السابقة، وتحسين أوضاع السجناء والموقوفين بهذه المؤسسات الإصلاحية، بما يتوافق مع المعايير الخاصة بضمانات حقوق السجناء والموقوفين المنصوص عليها في القانون رقم (5) لسنة 2005م والضمانات الدولية لحقوق الإنسان المتعلقة بحقوق السجناء.
اترك تعليقاً