بدأ اليوم في تونس ملتقى الحوار الليبي برعاية البعثة الأممية، ووفق أبرز بنود جلسات الحوار التي أُعلن عنها فإنه من الواضح أننا أمام بداية مرحلة انتقالية جديدة، وولادة جسم سياسي جديد بحيث أعطيت لملتقى الحوار صلاحيات موسعة فهو من سيحدد صلاحيات المجلس الرئاسي في شكله الجديد، وحكومة الوحدة الوطنية التي سيتم تشكيلها، وهو الذي سيضع آلية اختيار رئيس وأعضاء المجلس الرئاسي ووفق معيار جغرافي على أساس ثلاثة أقاليم، وأيضا سوف يكون من مهام ملتقى الحوار إصدار لائحة تنظيمية لتنظيم وتسيير عمل المجلس الرئاسي، وإذا ما حدثت أي خلافات في هذه المرحلة الانتقالية الجديدة نتيجة عدم وفاء بعض الأطراف السياسية بالتزاماتها، أو تعذر إصدار القرارات المطلوبة، وظهرت عراقيل تحول دون الوصول إلى الهدف الأسمى وهو الانتخابات فإن ملتقى الحوار سوف يجتمع برعاية البعثة الأممية للبت في ذلك.
كل ما سبق يؤكد أننا أمام مرحلة انتقالية جديدة بدون ضمانات حقيقية، وبدون وجود آلية واضحة لمعاقبة الأطراف التي ستضع العراقيل أمام الوصول إلى حل السياسي، ما يحدث هو هروب للمجتمع الدولي الضامن لاتفاق الصخيرات الموقع في ديسمبر عام 2015م من معاقبة ومحاسبة معرقلي الحل السياسي.
تم الحديث اليوم عن قاعدة دستورية خاصة بالانتخابات ولم يتم ذكر مسودة مشروع الدستور التي أعدتها لجنة الستين المنتخبة وهي جاهزة للاستفتاء منذ يوليو عام 2017م، وقد عطل مجلس النواب في طبرق الاستفتاء على مسودة الدستور ليفسح المجال أمام الحل العسكري الذي أثبت فشله.
إننا أمام فصل جديد من فصول الصراع في ليبيا، ولسنا على مشارف حل سياسي حقيقي.
إن تعديل شكل المجلس الرئاسي وفق نظام الأقاليم الثلاثة كما كانت في دستور المملكة في عام 1951م سيدفع البلاد إلى صراعات جديدة ذات طابع جهوي تهدد الوحدة الوطنية وكيان الدولة الليبية، ولسنا مجانبين للصواب عندما نقول بأنه علينا أن ننتظر الحلقة القادمة من مسلسل التواطؤ الدولي على ليبيا، وهي بعنوان “التوزيع العادل للثروة على ثلاثة أقاليم”، وهذا يعني تمويل الصراع الليبي محليا، وبأموال الليبيين، وسحب البساط من تحت أقدام حكومة الوفاق الشرعية في طرابلس وإضعافها، ومنعها من فرض سيطرة وهيبة الدولة على كامل إقليمها السياسي، باختصار ما يحدث في تونس هو إرادة دولية لإعادة إنتاج اللاعبين في المشهد السياسي الليبي بما يضمن استمرار الصراع بدون حل، واستنزاف الدولة الليبية اقتصاديا وبشريا، وضرب قوى الثورة الوطنية المنتصرة في الحرب على طرابلس لكي يلتقط الطرف المهزوم في الصراع الليبي أنفاسه ويستعد لجولات جديدة من الحرب.
لن يكون هذا التحليل خاطئ وغير منطقي إلا إذا شاهدنا خروج مرتزقة الفاغنر الروس من ليبيا، وانتهاء دور حفتر في المشهد السياسي الليبي المضطرب المفتوح على كل الاحتمالات، وأخطرها أن تصبح ليبيا سوريا جديدة في قلب شمال أفريقيا، قد يراها البعض نظرة تشاؤمية إلا أنها تأخذ في الاعتبار مؤشرات كثيرة على الأرض.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً