كثر التساؤل عن القيمة الدستورية لوثيقة الاتفاق المزمع التوقيع عليها في الصخيرات وكثر الجدل حول قضايا متعلقة بتفسيرات هذا وذاك لهذا الاتفاق.
بوابة الاتفاق السياسي الليبي هو المادة (67) من مسودة الاتفاق، والتي تعطي الحق لمن يدعيه في إجراء التعديل للإعلان الدستوري. فمجلس النواب يعتقد أنه يملك الحق، وأنه مستمر في ممارسة شرعيته، وأنه قدم تنازلا بإجراء تعديل على الإعلان الدستوري يسمح بإنشاء أجسام ووضع جديد ينهي الانقسام. ويرى المؤتمر أنه ينشئ مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة من خلال تعديل للإعلان الدستوري.
المعضلة كيفية ممارسة هذا الحق في ظل المادة (67) التي تنص:
“يتم تعديل الإعلان الدستوري بما يتفق ونصوص هذا الاتفاق وفقاً للإجراءات المقررة قانوناً ووفقاً للمقترح بالملحق رقم (7) بهذا الاتفاق خلال موعد غايته 15 يوليو 2015.”
ويجب أن يصر الأطراف وبالذات المؤتمر الوطني العام على تعديلها لتنص:
“يتم تعديل الإعلان الدستوري بمايتفق ونصوص هذا الاتفاق وفقاً للإجراءات المقررة قانوناً خلال موعد غايته 15 يوليو 2015.”
ويمكن أن يلحق بالاتفاق، الملحق رقم (7) كملحق استرشادي غير ملزم. ولا ينبغي بحال أن يشمل التعديل مادة تنص على أن “يُعد الاتفاق السياسي الليبي جزء لا يتجزأ من هذا التعديل” وذلك لاختلاف إرادة الطرفين في التوقيع على هذا الاتفاق، بالذات فيما يخص الجهة المناط بها تعديل الإعلان الدستوري.
كما أن التعديل يجب أن يشمل مادة تنص على “إلغاء كل ما يخالفه” لضمان عدم التعارض ويعطي السمو لهذا التعديل وفقاً لما تم الاتفاق عليه في وثيقة الاتفاق السياسي الليبي.
بهذا التعديل يصبح من الصعب رفض التوقيع على المسودة وهي بذلك تضمن احترام أحكام القضاء القاضي بانعدام مجلس النواب وجلساته وقراراته، طبقاً لفهم المؤتمر. وهي في ذات الوقت تنشئ مجلساً للنواب بقانون ويسمى أعضاؤه بقرار، ويقوم بأداء مهامه التشريعية كمجلس تشريعي وحيد خلال ما تبقى من المرحلة الانتقالية. كما يمكنه أيضاً أن يعيد تقديم كل تشريعاته التي أصدرها بالمخالفة لأحكام القضاء لإعادة النظر فيها وفقاً لهذا الاتفاق وللتعديل الدستوري (الدستوري منهما).
من هنا سيبقى لوثيقة الاتفاق السياسي الليبي قيمتها القانونية ولكن وفقاً لمبدأ السمو للإعلان الدستوري وتعديلاته.
والسمو للدستور يعني في الحالة الليبية السمو للإعلان الدستوري، أي إنه لايوجد أي نص أعلى من الإعلان الدستوري وتعديلاته (في غياب الدستور الدائم)، أويساويه في المرتبة، ومن ثم لا يجوز مخالفة أحكامه، لذا فهو يعلو على ما عداه من قوانين وأنظمة وقرارات وأعمال. وهو الذي ينشيء النظام القانوني للدولة.
يأتي الاتفاق السياسي الليبي نتيجة فشل الحسم العسكري وفشل الساسة في التوصل إلى اتفاق ينهي الانقسام السياسي. وهو يحظى بدعم إقليمي ودولي بارز، ولكنه لن ينشئ نظاماً قانونياً للدولة، وإنما يمهد الطريق لذلك، ولن يصبح ملزماً ما لم يتم إدخاله في الإعلان الدستوري بموجب تعديل دستوري ملزم ويتمتع بمرجعية دستورية سامية.
والبنود الأخرى في الاتفاق والتي لا يتضمنها الإعلان الدستوري لأسباب مختلفة مثل المقدمة والديباجة وتدابير بناء الثقة والترتيبات الأمنية والدعم الدولي فإنها ذات صفة قانونية عامة إذا ما صادق عليها النواب والمؤتمر وهنا تجدر الإشارة إلى أهمية أن تنص المادة (69) على أن ” يدخل هذا الإتفاق حيز التنفيذ فور المصادقة عليه” وليس فور توقيعه.
أي عند المصادقة، في حالة المؤتمر الوطني؛ يجب أن ينص على ان الاتفاق منشيء لمجلس النواب، ويجرد عند مصادقته على الاتفاق السياسي الليبي أي إشارة إلى استمرارية مجلس النواب قبل توقيع هذا الاتفاق، فتكون مصادقته مشروطة بقراءته وفهمه؛ ويصبح بالتالي هذا الاتفاق ملزم له. ويمكن أن يقوم مجلس النواب بنفس الشيء في ظل قناعته بأنه مستمر طبقاً للقانون رقم (10) الذي على أساسه انتخب.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً