مقترح بإنشاء جهاز الشرطة الاجتماعية في ليبيا - عين ليبيا
إننا حين نؤكد على دور المجتمع والدولة في الضمان والتكافل الاجتماعي، فإننا إنما نعود بهذه الفكرة إلى مصدرها الأصيل الذي اشتقت منه، وهو تعاليم الدين كما نجدها في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، وكما وجدناها تجسد فعلاً عملياً وممارسة فعلية تحت حكم الخلفاء الراشدين، ثم بلغت قمة تجسدها الفعلي على يدي الخليفة عمر بن عبد العزيز، حين انتهت سياساته الفذة في مجال قيام ولي الأمر بواجباته في رعاية شؤون الرعية، وسد حاجة المحتاج من أفرادها، إلى أن لم يعد في كل أنحاء الدولة فقير أو محتاج.
ومن هنا فإننا لن نكون طامحين إلى تحقيق أمر مستحيل إذا وضعنا في صميم سياساتنا التطلع إلى بلوغ هذا النموذج الرائع الذي نجده في تراثنا الإسلامي، ثم نقتبس ما نجده ملائماً من البرامج والسياسات التي نشاهد الآن كيف نجحت مجتمعات كثيرة في الدول المتقدمة في تنفيذها وتطبيقها وتجسيدها واقعاً ملموساً، وليس مجرد طموحات وأحلام.
وانطلاقا من هذا نصمم ما يلزم من البرامج لمتابعة ورعاية شؤون الشرائح التي تحتاج إلى العون والمساعدة من المجتمع، وتأتي في مقدمتها: الأرامل والأيتام ومجهولو النسب، الشيوخ والعاجزون، الفقراء وذوو الدخل المحدود.
ويهمنا أن نؤكد أن المجتمع المتكافل الذي نحلم بالقدرة على المساهمة في تحقيقه، يجب أن يفعل الممكن لكي:
من هذا المنطلق أتقدم إلى مجلس مدينتنا الموقر بهذا المقترح، وهو يتعلق بإنشاء جهاز، يتبع وزارة الشؤون الاجتماعية مثلاً، ويمكن أن نطلق عليه “جهاز الشرطة الاجتماعية“، يتكون من عناصر مختارة من كلا الجنسين (رجال ونساء)، يدربون تدريباً خاصاً، ويؤهلون للتعامل مع الفئات التي سيكون عليهم التعامل معها: المتسولون، الأطفال المشردون أو المجبرون على العمل قبل سن الرشد..إلخ. يُقَسَّم العاملون والعاملات في هذا الجهاز إلى دوريات راكبة، يفضل أن تكون لهم سيارات مميزة بألوانها ومسماها، وتتكون كل دورية من اثنين على الأقل: شرطي وشرطية، يكون لهم قيافة خاصة بهم مميزة. وتقوم هذه الدوريات بما يلي:
1- التجول في شوارع المدينة وأحيائها السكنية ومفترقات الطرق فيها وحيثما توجد المساجد، وبوجه عام الأماكن التي يعتاد المتسولون الوقوف فيها لممارسة التسول، والأماكن التي يكثر فيها تشغيل الأطفال قبل سن الرشد.
2- ضبط أي متسول/متسولة، صغيراً كان أم كبيراً، ونقله إلى مركز الشرطة الاجتماعية، حيث يسلم إلى قسم الدراسة الاجتماعية، فيقوم اختصاصيون بسؤاله عن حالته وما إذا كانت له أسرة أم لا عائل له، ثم القيام بزيارة ميدانية لتقصي أحوال الأسرة على الطبيعة، ومعرفة عدد أفرادها والمسكن الذي يسكنون به، ودخلهم العام، ومدى سده حاجاتهم الضرورية. ثم إعداد تقرير مفصل عن الحالة وتوصياتهم بشأنها.
3- ضبط أي طفل قبل سن الرشد (الخامسة أو السادسة عشرة) يوجد في الشارع أو في الأسواق الشعبية أو في الورش الصناعية أو في المزارع وغيرها، في أوقات الدوام الدراسي خارج صفه الدراسي الذي يجب أن يكون فيه، ونقله إلى مركز الشرطة الاجتماعية، كي يقوم الاختصاصيون بدراسة حالته الاجتماعية وتقدير الظروف والأسباب التي دفعت الطفل إلى الخروج من المدرسة أو الاضطرار إلى التسول أو العمل.
4- بعد إجراء الدراسة الاجتماعية والزيارة الميدانية لأسر هؤلاء المضبوطين يقدم الاختصاصيون تقريرهم عن الحالة، وتقدير التعويض أو الراتب الشهري الذي يفي بحاجات الأسرة، ويحمي أفرادها من اللجوء إلى التسول وأطفالها من الاضطرار إلى مغادرة صفوف الدراسة إلى ميادين العمل.
5- في حالة العود، أي إذا عاد الرجل أو المرأة الذي ضبط متلبساً بالتسول، أو الطفل الذي ضبط خارج المدرسة في أوقات الدراسة إلى نفس الفعل مرة أخرى، يقدم إلى القاضي المختص للنظر في تحرير مخالفة تسول ضده، والأمر بإيداعه السجن أو تقرير أي عقوبة مناسبة. وفي حالة الأطفال، يحاكم ولي أمر الأسرة، وينزل عليه العقاب.
6- ينظم هذا الجهاز حملة إعلامية مناسبة للإعلان عن الجهاز وأهدافه وبرامجه، وحملة توعية للتأكيد على روح التكافل الاجتماعي، من خلال برامج لتمتين صلة الرحم بين الأهل والأقارب، وتوظيف رابطة الانتماء إلى القبيلة كي تقوم القبيلة بدورها كشريك أساسي في قضية التكافل الاجتماعي.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا