مفهوم الدولة في القانون الدولي

مفهوم الدولة في القانون الدولي

د. رمضان بن زير

أستاذ قانون دولي، دبلوماسي سابق، ورئيس المركز العربي - الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي

يتركز الحديث في بلادنا هذه الأيام، حول مفهوم السيادة الوطنية وهو من المفاهيم السياسية المعقدة المرتبطة بحقوق الإنسان خاصة المساواة في الحقوق بين كافة المواطنين بالدولة، فالسيادة من العناصر الأساسية لتكوين الدولة.

لهدا سأحاول توضيح مفهوم الدولة للقارئ الكريم حتى يعرف هل نحن في ليبيا دولة أم شبه دولة أم اللادولة من خلال ما تضمنته قواعد القانون الدولي العام المنظمة للعلاقات بين الدول، وبيان حقوق وواجبات كل منها.

الدولة أول من يُعنى بها القانون الدولي العام وتخاطبها أحكامه، لها المقام الأول والنصيب الأوفر من الدراسة، باعتبارها الشخص الرئيسي للقانون الدولي العام المنظم للعلاقات الدولية، فهي تقوم بوضع قواعده بما يتفق عليه والتي لولاها لما وجد أصلا، فهي منه بسبب وإن اختلفت تماما عنه اختلاف القانون نصا وروحا، والوقائع المقضي بها عليه.

تتعدد العلاقات بين الدول وتختلف لكنها تدور حول أمرين لا ثالث لهما: أولهما مبدأ الدولة وسيادتها، وحماية حدودها، وصيانة استقلالها ومدى ما قد يكون بينها وبين جيرانها من علاقات، ثانيهما المجتمع الدولي بمؤسساته التي يفترض أن تقوم على مبدأ العدالة بين الدول.

لهذا نجد أن النظام الدولي يتركز في الوقت الحالي على تقسيم العالم إلى وحدات إقليمية تُعرف باسم الدول الذي يبلغ عددها في الوقت الحالي 195 دولة أعضاء بالجمعية العامة للأمم المتحدة بالإضافة إلى دولة فلسطين ودولة الفاتيكان فقد تم منحهما صفة المراقب.

إذن ما هو تعريف الدولة؟ يمكن أن نُعرف الدولة بأنها عبارة عن مجموعة من الأفراد من الجنسين يُقيمون معا بصفة دائمة في إقليم معينة وتُسيطر على حكومة لها السيادة على الأقليم وأفراده وهي وحدها صاحبة الاختصاص التشريعي والتنفيذي في إقليمها والقضائي.

من خلال ما تقدم من تعريف للدولة يتضح أن الدولة تنشأ باكتمال عناصر ثلاثة: الشعب وهم مجموعة الأفراد الذين يرتبطون برابطة سياسية وقانونية (الجنسية) وإقليم معين يقيم عليه أفراد الشعب بصفة دائمة وسلطة ذات سيادة تتولى إدارة شؤون الشعب وتسيطر على الإقليم، ولكن هذا قد يختلف من دولة إلى أخرى، فبعض الدول نشأت باكتمال هذه العناصر بطريقة عادية، وبعضها الآخر نشأ نتيجة انسلاخ جزء من دولة أخرى وصارت دولة قائمة بذاتها، كما حدث بالنسبة للدول التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى، نتيجة تفكك إمبراطورية النمسا والمجر وانتزاع أجزاء من ألمانيا، وكذلك انسلخ باكستان الشرقية المعروفة اليوم باسم بنجلاديش عن باكستان الغربية في عام 1971 – إن سبب الانفصال هذا جاء بسبب انتصار العامل القومي على العامل الديني الذي كان يجمع الدولتين في دولة واحدة -، كما تنشأ الدول باتحاد عدة دول في دولة واحدة بسيطة أو فدرالية كما في تجربة الجمهورية العربية المتحدة، فقد نشأ باتحاد مصر وسوريا في دولة واحدة، أو كما حدث لدولة تنزانيا، التي تكونت باتحاد زنجبار وتنجانيقا.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. رمضان بن زير

أستاذ قانون دولي، دبلوماسي سابق، ورئيس المركز العربي - الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي

اترك تعليقاً