واشنطن – يقولون ان “العادات القديمة لا تموت بسهولة”، وبالنسبة لقوات “القدس” الايرانية الفرع السري الخارجي التابع للحرس الثوري، هناك عادات تقوم على التخريب على غرار عمل “المافيات” ضد خصوم الجمهورية الاسلامية ربما لا تموت على الاطلاق.
ولربما تكون ابتسامات ومصافحات وتغريدات الرئيس الايراني حسن روحاني على تويتر مجرد لفت للانظار عن الاعمال الطائفية التخريبية التي يقدم عليها الحرس الثوري.
وفيما العالم يراقب سلوك ايران بعد ابرام اتفاق جنيف الشهير مع القوى الكبرى (5+1) ولا تزال حالة ضبط النفس في داخل فيلق القدس الايراني تحت الاختبار، بحسب ما نشرته صحيفة “هفينغتون بوست” الاميركية في عددها الصادر الاحد.
وفي التاسع عشر من تشرين ثاني/نوفمبر وبعيد توصل فريق التفاوض الايراني الى اتفاق في جنيف، تعرضت السفارة الايرانية في لبنان الى عملية تفجير مزدوجة راح ضحيتها 23 شخصا من بينهم الملحق الثقافي والعديد من الاشخاص لم يكشف عن هوياتهم وانتماءاتهم.
وفي الظاهر فيمكن تفسير الهجوم على انه جزء من حملة مستمرة من قبل المتعاطفين مع المعارضة السورية لاستهداف العناصر الموالية لنظام الاسد في لبنان، لكن سبق ذلك هجومين اخرين في الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله الرئيسي.
ولكن كل من حزب الله والمسؤولين الايرانيين يعتبرون الهجوم تصعيدا خطيرا يدلل على قوة اجنبية كبيرة، اذ يعلم المهاجمين موقع مكتب السفير، اضافة الى تعقيدات المعلومات التي بحوزتهم واستخدام احد المفجرين اليات تفجير متطورة تهدف الى نسف عامودي وليس افقي للمبنى.
ومنذ ذلك الحين لم يكف حزب الله عن اتهام السعودية “العدو اللدود” رسميا في الوقوف وراء العملية لكن لم يثبت اية صلات للمفجرين اللبناني والفلسطيني بالسعودية.
ولكن بحسب الصحيفة الاميركية فإن الحافز متوفر لدى الامير بندر بن سلطان الذي يقف في صف الغاضبين من رفض ادارة الرئيس الاميركي التدخل العسكري ضد الاسد وقيامه بحملة لتدريب الجماعات المعارضة في سوريا.
وبالنسبة الى اي شخص يسعى لمعاقبة ايران فإن السفارة الايرانية في بيروت كانت الهدف الافضل اذ تعتبر المركز العصبي الذي يدير عمليات الحرس الثوري في شرق المتوسط ويقدم الاسلحة لحزب الله ومركز رئيسي لدعم عمليات النظام الايراني ونظام الرئيس السوري بشار الاسد.
وقبل قدوم روحاني كان يتعين على قوة القدس التابعة للحرس الثوري العقاب والرد على اي هجوم لمصالح طهران كما وقع للسفارة “ضمن سياسة العين بالعين”، وفي السنوات الاخيرة اتهم فيلق القدس باستهداف دبلوماسيين اسرائيليين في الهند وتايلاند وجورجيا وارمينيا ردا على محاولات تخريب للبرنامج النووي.
كما ويرى البعض ان الحرس الثوري ضالع في استهداف شركة ارامكو السعودية في هجوم “تقني” غير مسبو في ديسمبر/كانون اول 2012، اضافة الى المحاولة الفاشلة لاغتيال السفير السعودي في واشنطن في اكتوبر 2011.
ويدين زعيم فيلق القدس قاسم سليماني بالولاء للمرشد الاعلى وليس الى روحاني.
ولربما تكون ايدي فيلق القدس مقيدة الان لكن نفوذها اصبح راسخا في المجتمعات الشيعية بالمنطقة ولربما لا تحتاج الى الرد عبر طواقمها وانما عبر وكلائها المنتشرين في العراق وسوريا ولبنان والاراضي الفلسطينية واليمن والبحرين والسعودية، وفي اي دولة اخرى بالمنطقة فيها مجتمعات شيعية.
وتضرب المجتمعات الشيعية في العراق ولبنان المثل في الانصياع لاوامر فيلق القدس الذي سعى لتحريك بعض العناصر المؤيدة له بتلك البلدان الى المعارك الدامية في الاراضي السورية.
ولا تستغرب الصحيفة الاميركية، التحذير السعودي لرعاياها بضرورة مغادرة لبنان وسط مجموعة من التهديدات لسفارتها في لبنان ايضا، وليس من قبيل المصادفة هجوم الميليشيات الشيعية على موقع حدودي سعودي مع العراق في 22 نوفمبر/تشرين ثاني بعد ثلاث ايام على هجوم بيروت، وليس هناك مجال للتفكير في ردود افعال حلفاء آخرين لفيلق القدس بالمنطقة للدفاع عن الرعاة الايدولوجيين والماليين في طهران.
والشيء المهم، ان فيلق القدس ليس مجموعة تغفر او تنسى، اذ ان الشبكة التي تمولها الدولة في جميع انحاء العالم سترد على تفجير بيروت ولو كان ذلك يتطلب الانتظار مليا لتحويل انظار العالم عن البرنامج النووي الايراني.
ووسط جدل حول مصداقية ايران واستعدادها للتحول الى قوة اقليمية معتبرة، لا يمكن تجاهل مساعي فيلق القدس لزعزعة الاستقرار في المنطقة، فالتقارب مع طهران لا يمكن ان يسير جنبا الى جنب مع تعزيز التطرف الشيعي العنيف.
واي شخص لا يدعو ايران الى انهاء تدخلات فيلق القدس ونزع تخصيب اليورانيوم سيضع اخطر اسلحة العالم بين مخالب اشد اصناف الارهاب.
اترك تعليقاً