وقع زعماء المعارضة السورية الأحد اتفاقا توصلوا إليه بعد جهود مضنية تحت ضغط دولي مكثف لتشكيل ائتلاف جديد موسع للاعداد لمرحلة ما بعد سقوط الرئيس بشار الأسد واختاروا نشطا اسلاميا شعبيا لرئاسة الائتلاف.
وتوالت رسائل الدعم المرحبة بتشكيل الهيئة الجديدة من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، فضلا عن تركيا وقطر.
وانتخب النشط معاذ الخطيب وهو امام سابق للمسجد الأموي في دمشق رئيسا للائتلاف.
وانتخب رجل الاعمال رياض سيف الذي اقترح مبادرة تشكيل الائتلاف الجديد والناشطة سهير الاتاسي نائبين للرئيس.
وقال أعضاء من جماعات المعارضة التي حاولت جهدها على مدى ايام في العاصمة القطرية الدوحة توحيد صفوفها تلبية لدعوات داعميها العرب والغربيين إن الكيان الجديد سيضمن صوتا للأقليات الدينية والعرقية وللمسلحين الذين يقاتلون على الأرض والذين يشكون من التجاهل من جانب جماعات المعارضة في الخارج.
والخطيب اسلامي معتدل فر من سوريا في وقت سابق من العام الجاري وتواصل مع الاقليات في بداية الانتفاضة السورية. والقى ذات مرة خطبة في بلدة دوما السنية المحافظة وقد وقف بجواره مسيحي بارز وعلوي معروف.
وناصرت الى حد كبير الاقليات ومن بينها الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الاسد السلطات خلال الانتفاضة خشية ان يتولى السلطة اسلاميون من الاغلبية السنية وهي مخاوف روج لها الاسد.
واعلنت الولايات المتحدة مساء الاحد انها ستقدم دعمها للمعارضة السورية الموحدة بعد الاتفاق الذي توصلت اليه في الدوحة.
وقال مساعد المتحدثة باسم وزارة الخارجية مارك تونر في بيان “نحن على عجلة من امرنا لدعم الائتلاف الوطني الذي يفتح الطريق امام نهاية نظام الاسد الدموي والى مستقبل السلام والعادلة والديمقوراطية الذي يستحقه الشعب السوري باسره”.
واضاف المتحدث “سوف نعمل مع الائتلاف الوطني كي تأتي مساعداتنا الانسانية والسلمية متجاوبة مع حاجات الشعب السوري”.
أما في باريس، فاعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس الاحد ان فرنسا تقدم “دعما كاملا للائتلاف السوري” واصفا الاتفاق الذي توصلت اليه مختلف فصائل المعارضة بانه “خطوة مهمة”.
وقال فابيوس ان “هذا الاتفاق يشكل خطوة مهمة في عملية توحيد المعارضة السورية التي لا بد منها” مضيفا ان “فرنسا تقدم دعما كاملا لهذه العملية كي يتمكن هذا الائتلاف من تشكيل بديل يحظى بصدقية لنظام بشار الاسد”.
من جانبها، اشادت بريطانيا الاحد بقرار فصائل المعارضة السورية تشكيل ائتلاف قوي معتبرة ان تشكيله خطوة حاسمة لانشاء هيكلية قادرة على تأمين مرحلة انتقالية سياسية في سوريا.
وتحدث وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في بيان عن “خطوة مهمة في تشكيل معارضة واسعة وتمثيلية تعكس كل تنوع الشعب السوري”.
واضاف هيغ “نطلب من الائتلاف الوطني لقوة الثورة والمعارضة السورية الالتزام مع كل فصائل المجتمع السوري في الاعداد لمرحلة انتقالية سياسية سوريا بحاجة ماسة اليها”.
وقال رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا إن الخطيب من دمشق وهو رجل مشهور هناك وعبر عن اعتقاده بأن ما جرى في الدوحة يمثل خطوة خطيرة ضد النظام السوري وخطوة مهمة نحو الحرية.
واشاد صبرا ايضا بانتخاب سيف والاتاسي كنائبين لرئيس الائتلاف الجديد الذي اطلق عليه “الائتلاف الوطني السوري لقوى المعارضة والثورة”.
وسيصبح الخطيب بشكل تلقائي النقطة المحورية لأنشطة المعارضة في صراع سريع التطور تخشى فيه واشنطن وحلفاؤها من أن يساعد انهيار مفاجئ لحكم الأسد جماعات متشددة مناوئة للغرب على انتهاز فرصة الفوضى للسيطرة على بلد مهم وكبير في قلب الشرق الأوسط.
وسيسعى الكيان الجديد لان يصبح الجهة الوحيدة لتلقي المساعدات العسكرية والانسانية لسوريا رغم توضيح الولايات المتحدة انها لن تغير موقفها بعدم التدخل العسكري المباشر.
وفقد المسؤولون من الولايات المتحدة وقطر التي ساعدت ثروتها النفطية والغازية في تمويل الانتفاضة التي بدأت قبل 20 شهرا الثقة في المجلس الوطني السوري الذي يقولون انهم يرون انه انفصل عن الاحداث على الارض ويعاني من الخلافات.
ووجهت قطر وتركيا دعوة للدعم الدولي الكامل للكيان الجديد.
وقال الشيخ حمد بن جاسم ال ثاني رئيس وزراء قطر للصحفيين بعد انتخاب الخطيب في فندق شيراتون الدوحة انه سيتم السعي لجعل كل الاطراف تعترف بشكل كامل بهذه الهيئة الجديدة بوصفها الممثل الشرعي الوحيد للشعب السوري.
ومن المتوقع ان تسمح الجامعة العربية للمجلس الجديد بتمثيل سوريا في الجامعة التي علقت عضوية حكومة الاسد فيها. وقد يلي ذلك جهود لكسب اعتراف دولي اوسع بما في ذلك الامم المتحدة.
وقال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ان تشكيل الائتلاف الوطني يعني ان المعارضة لم تعد مقسمة.
واردف قائلا “على اصدقاء سوريا.. دعم هذا الاتفاق. لا توجد اعذار بعد الان”.
“يجب على كل من يساندون النضال المشروع للشعب السوري اعلان التأييد الواضح لهذا الاتفاق وان يكونوا اكثر فعالية”.
وقال مندوبون انه سيكون هناك تمثيل محدد للمرأة والأكراد إضافة للمسيحيين والعلويين. لكن لم يتضح جليا ما إذا كان المجتمعون قد توصلوا الى اتفاق تام.
وقال مندوبون ان النشطاء الاكرد سيعطون موافقتهم الكاملة خلال الايام المقبلة بعد التشاور ولكن نائبا ثالثا للرئيس قد يعين من الاقلية الكردية.
وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل اليه في الدوحة سيكون المجلس الوطني السوري ضمن جماعات ممثلة في جمعية تتألف من 55 الى 60 عضوا لها رئيس ونائبان وأمين عام سيتم انتخابهم جميعا في وقت لاحق يوم الأحد. وقال أشخاص مقربون من سيف ان المجلس سيكون له 14 مقعدا لكن مصادر بالمجلس قالت انه يتوقع حصوله على 20 مقعدا.
وقال وائل مرزا عضو المجلس الوطني السوري إن عددا من مرشحي التوافق سيحصلون على الأرجح على مقاعد. هؤلاء يشملون اليساري هيثم المالح والبيانوني عضو الاخوان المسلمين والاسلاميان المستقلان منذر الخطيب وعبد الكريم بكار والناشطة المعارضة الشهيرة سهير الأتاسي.
وقال مرزا ان الائتلاف منفتح على جميع قوى المعارضة الحقيقية ذات الثقل والنفوذ والتي لها نفس الأهداف التي يسعى اليها الائتلاف لاسقاط النظام وإقامة نظام ديمقراطي في سوريا.
وفي محادثات مضنية استمرت حتى الساعات الأولى الأحد بالدوحة هدد المجلس الوطني السوري بالانسحاب من المؤتمر تماما. وحضر رئيس وزراء قطر ووزير خارجية الامارات العربية المتحدة شخصيا لاقناع ممثلي المجلس بالبقاء مشددين على ان التوصل لاتفاق سيضمن دعما دوليا.
وقال مصدر بالاجتماعات “لم يوافق المجلس الوطني السوري الا تحت الضغط. إنهم لا يريدون غير احتكار تمثيل الثورة. تم منحهم مهلة حتى العاشرة صباح اليوم إما للانضمام (للائتلاف) أو المخاطرة باعلانه دونهم”.
وقال موفدون ان الائتلاف سيحاول تشكيل حكومة انتقالية من عشرة أعضاء خلال الأسابيع القادمة على غرار المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا الذي تشكل أثناء انتفاضة العام الماضي وتولى السلطة بعد سقوط معمر القذافي.
اترك تعليقاً