قد يضطر الإنسان إلى الحصول على الجنسية الثانية، بسبب فرص العمل أو الهروب من واقع بلده الأصلي السياسي والاقتصادي والعيش في بلد آخر، نلاحظ أن غالبية مزدوجي الجنسية هم من رعايا ما كان يُعرف بدول العالم الثالث ومنها دولنا العربية، وهذه الدول بمجملها تعرضت للاحتلال الأجنبي وبالأخص الأوروبي، لم يأتي هؤلاء للإعمار كما يدعون بل جاؤوا لنهب خيرات الدول ومن ثم إفقارها وقتل وتشريد المناوئين لهم، وهذه الدول الاستعمارية تعمل على جلب رعايا الدول التي كانت مستعمرة من قبلها من ذوي الكفاءات بمختلف المجالات وأخيرا جلب العمالة غير الماهرة لتدني أجرها.
قد يبدو الأمر في بدايته أنه انتقال للخبرات إلى حيث تجد فرصة للإبداع والاختراع وعيش الرفاهية، لكنه في الحقيقة ما هو إلا سعي محموم من قِبل الدول الاستعمارية للظفر بتلك العقول والاستفادة منها إلى أقصى حد ممكن وتقديم الإغراءات، وصل الأمر بهذه الدول إلى عدم السماح لتلك العقول المهاجرة بالعودة إلى أوطانها وإن أدى الأمر إلى اغتيالها والشواهد على ذلك كثيرة.
نلاحظ عبر وسائل الإعلام المختلفة أن الغرب الاستعماري لا يحترم من يعيشون على أراضيه من رعايا الدول التي كانوا يحتلونها، فرغم حصولهم على الجنسية إلا أنهم لا يتمتعون كأقرانهم (الأصليين) بالرعاية الاجتماعية التي تكفل لهم العيش الكريم والتوظف في مؤسسات الدولة، بل نجدهم يسكنون في أحياء تفتقر إلى أبسط الأشياء من مصادر للمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية ويعملون في المهن الوضيعة ويعاملون بقسوة من قِبل السلطات البوليسية والزج بهم في السجون ولا ينصفهم القضاء، فعن أية حقوق يتشدق هؤلاء؟.
الأنكى من ذلك أن بعض مزدوجي الجنسية يعملون لصالح الدول التي منحتهم الجنسية على حساب دولهم الأصلية وبالأخص في مجال ما يُسمى زورا وبهتانا بحقوق الإنسان (شعارات براقة هلامية يختطها الغرب كيفما يشاء) حيث أن هؤلاء (مزدوجي الجنسية) يسعون إلى إثارة القلاقل في بلدانهم من خلال وسائط التواصل الاجتماعي، بل يذهبون إلى بلدانهم الأصلية وقيادة مظاهرات ضد أنظمتها، ليقينهم التام بأن من منحوهم الجنسية وشجعوهم على تخريب بلدانهم، سوف يسعون إلى استرجاعهم بكل الوسائل خاصة وأن دولهم الأصلية لا حول لها ولا قوة، وعندما تعمد دولهم الأصلية التي لازالوا يحملون جنسيتها إلى محاكمتهم على ما ارتكبوه من أعمال عنف وإثارة للشغب، بل إلى تزويد من منحوهم الجنسية بمعلومات تمس بالأمن الوطني تُقيم الدول الغربية الدنيا ولا تقعدها وتُطالب تلك الدول بترحيلهم لأنهم يحملون جنسيتها وهي مطالبة وفق القانون بحمايتهم، ومن هنا يبدأ ما يعرف بتنازع الوطنية.
ترى لماذا لا تسعى الدول الأصلية التي لا حول لها ولا قوة على مجابهة الغرب إلى سحب الجنسية من كل من سعى إلى الحصول على جنسية أخرى ويعمل لصالحها بل يسعى إلى إثارة الفتن ببلده الأصلي فهؤلاء لا فائدة تُرجى منهم بل ولاءهم لأسيادهم الذين منحوهم الجنسية وجعلوهم أعيناً على بلدانهم، ومن ثم في حالة قدوم هؤلاء إلى بلدانهم الأصلية وارتكاب أعمال شغب فإنهم يعاملون كأجانب وتُطبق عليهم النصوص والأعراف الدولية التي تحكم علاقات الدول.
لقد لاحظنا وبأم أعيننا أن مزدوجي الجنسية الذين عادوا إلى (بلدانهم) عقب الإطاحة بأنظمة الحكم ضمن مسلسل الربيع العربي، تولوا مناصب قيادية ونهبوا ثروات شعوبهم وعندما أبعدوا عن السلطة رحلوا إلى مانحيهم محملين بتلك الأموال، أنهم وبكل بساطة عملاء بمرتيه الخيانة العظمى.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً