مرسي يقايض المصريين المرسوم الخطير بالدستور الأخطر

تصويت يقاطعه الليبراليون والمسيحيون

ابقت الجمعية التأسيسية للدستور التي بدأت الخميس الاقتراع على مواد المسودة النهائية للدستور واحدة تلو الاخرى، على المادة الثانية التي تنص على ان “مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع”.

ويأمل حلفاء الرئيس محمد مرسي في جماعة الأخوان المسلمين أن يساعد التصويت على مسودة الدستور على إنهاء أزمة أثارها إعلان دستوري يوسع سلطات الرئيس، لكن الموافقة على هذه المادة الخلافية من شأنها أن تؤجج صراعات محتدمة أصلا حول الإعلان الدستوري الذي اعلنه الرئيس محمد مرسي قبل أسبوع.

وخلال الجلسة التي بثها التلفزيون المصري على الهواء مباشرة، تمت الموافقة بالإجماع على المادة الثانية للدستور التي تنص على ان “مبادئ الشريعة الاسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع”.

وتطابق هذه المادة، المادة الثانية التي كانت موجودة في دستور عهد حسني مبارك، الذي تم إلغاؤه بعد الاطاحة به في 11 شباط/فبراير 2011.

وشارك في جلسة اقرار الدستور 85 عضوا من بينهم 11 عضوا كانوا في قائمة الاعضاء الاحتياطين وتم استبدالهم بالاعضاء المنسحبين قبل دقائق من بدء الاقتراع.

وبموجب لائحة الجمعية الدستورية تقر كل مادة من المسودة اذا حظيت بتأييد 67 بالمئة من اجمالي اعضائها (100 عضو).

واذا لم تحصل على هذه النسبة يعاد التصويت بعد 24 ساعة ويتم اقرارها اذا حصلت على موافقة 57% من الاعضاء، وفي حال لم تحصل على هذه النسبة تلغي نهائيا من المسودة.

في الأثناء، يتوقع أن يدعو مرسي إلى الوحدة الوطنية في كلمة للشعب يلقيها الخميس لتهدئة الأزمة التي أثارت احتجاجات بدأت منذ أسبوع، وهددت بتقويض بوادر أولية للتعافي الاقتصادي بعد عامين من الاضطرابات.

وفي مقابلة مع مجلة تايم، قال مرسي إن الأغلبية تؤيد إعلانه الدستوري. غير أنه أضاف “إذا صار لدينا دستور سيتوقف كل ما قلته أو فعلته الأسبوع الماضي”.

ولقي شخصان حتفهما وأصيب المئات بجروح في احتجاجات عمت كامل التراب المصري، أثارها الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي قبل اسبوع، ومنحه سلطات واسعة وحصّن قراراته من أي طعون قضائية، مما عمق الانقسام بين الإسلاميين ومعارضيهم.

وفي خطوة تفسح المجال أمام المزيد من المواجهات، دعت جماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤها الإسلاميون إلى مظاهرات مؤيدة لمرسي السبت بميدان التحرير، حيث ينظم معارضو الرئيس هناك، اعتصاما دخل الخميس يومه السابع.

وتأمل جماعة الإخوان المسلمين التي دعمت مرسي في انتخابات الرئاسة التي أجريت في يونيو/حزيران في إنهاء الأزمة بأن يحل محل الإعلان الدستوري المثير للجدل، دستور جديد يوافق عليه الشعب في استفتاء عام.

ويقوم هذا الرهان على أساس اعتقاد الإسلاميين بأن لديهم القدرة على حشد أصوات كافية للموافقة على الدستور في الاستفتاء.

وفاز الإسلاميون في جميع الانتخابات التي أجريت منذ الإطاحة بالرئيس حسني مبارك من السلطة العام 2011.

غير أن المعارضين يقولون إن محاولة الانتهاء من الدستور سريعا يمكن أن تزيد الأمور سوءا.

ويمثل الدستور أحد الأسباب الرئيسية للخلاف بين مرسي ومعارضيه من غير الإسلاميين الذين يقاطعون الجمعية التأسيسية المكونة من 100 عضو، قائلين إن الإسلاميين استحوذوا عليها واستغلوها لفرض رؤيتهم لمستقبل مصر.

وصارت شرعية الجمعية التأسيسية موضع شك، بسبب مجموعة من الدعاوى القضائية التي تطالب بحلها.

وضعف موقف الجمعية أيضا بانسحاب عدد من أعضائها منهم ممثلو الكنيسة وليبراليون.

وتقول جماعة الإخوان المسلمين إن الموافقة على الدستور في استفتاء ستنهي كل الجدل الدائر حول قانونية الجمعية والمسودة التي صاغتها في الأشهر الستة الماضية.

وبمجرد موافقة الجمعية على مسودة الدستور، ستحال إلى مرسي للمصادقة عليها، وهي خطوة متوقعة مطلع الأسبوع المقبل.

ويجب على الرئيس المصري بعد ذلك الدعوة إلى الاستفتاء في غضون 15 يوما.

وقال أعضاء في الجمعية إنه فور الموافقة على الدستور في استفتاء، ستنتقل السلطة التشريعية من مرسي إلى مجلس الشورى بموجب مادة في الدستور الجديد.

وقال المتحدث باسم جماعة الإخوان المسلمين محمد غزلان “هذا مخرج.. وبعد الاستفتاء عليه (الدستور) كل الإعلانات الدستورية السابقة ابتداء من إعلان مارس/آذار 2011 حتى الإعلان الأخير، الذي أثار هذه الزوبعة سوف تسقط بطبيعتها بعد حوالي 15 يوما إن شاء الله”.

وتفتقر مصر إلى سلطة تشريعية منتخبة منذ حل مجلس الشعب الذي هيمن عليه الإسلاميون في يونيو/حزيران. ولا يمكن إجراء انتخابات برلمانية جديدة قبل الموافقة على الدستور.

ومن المفترض أن يكون الدستور الركيزة الأساسية لمصر ديمقراطية جديدة عقب ثلاثة عقود من حكم مبارك.

ومدد مرسي فترة عمل اللجنة التأسيسية شهرين، بعد أن كانت المهلة المحددة لانتهائها من الدستور ستنقضي في 12 ديسمبر/ كانون الأول 2012.

وسيحدد الدستور صلاحيات الرئيس والبرلمان، ودور السلطة القضائية، والمؤسسة العسكرية التي تولت السلطة لعقود إلى حين الإطاحة بمبارك، كما سيحدد أيضا دور الشريعة الإسلامية.

وقال مصطفى كامل السيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة “القوى العلمانية والكنيسة والقضاة غير راضين عن الدستور، وكذلك الصحفيون، لذا أعتقد أن هذا سيزيد من حدة التوتر في البلاد”.

وأضاف “لا أعلم كيف يمكن أن ينظم الاستفتاء إذا كان القضاة مستاءين”.

وتشرف السلطة القضائية على الانتخابات في مصر.

وانتقد المعارض البارز والأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى الإسراع من عملية إعداد الدستور. وكان موسى انسحب من الجمعية في وقت سابق من نوفمبر/تشرين الثاني.

وقال “هذا هراء، وهو إحدى الخطوات التي ما كان ينبغي اتخاذها نظرا للغضب والاستياء من الجمعية التأسيسية الحالية”.

وتسبب الإعلان الدستوري الذي أصدره مرسي في زيادة خلافاته مع معارضيه وتدهور العلاقات المتوترة بالفعل بينه وبين القضاة الذين اعتبر الكثيرون منهم هذا الإعلان بمثابة تهديد لاستقلالهم.

وأعلنت اثنتان من المحاكم المصرية الأربعاء تعليق عملهما.

وبدا مرسي غير نادم على إصدار الإعلان الدستوري في المقابلة التي نشرت الأربعاء.

وقال “أعتقد أنكم رأيتم أحدث استطلاعات الرأي.. أعتقد أن أكثر من 80 بالمئة أو نحو 90 بالمئة من الشعب في مصر -وفقا لهذه الاستطلاعات- يؤيدون ما فعلته.. فهو ليس ضد الشعب بل مع الشعب ويتفق مع مصالحه”.

ويقول معارضو الرئيس المصري إن الإعلان الدستوري يعكس توجهات استبدادية لرجل سجنه مبارك.

وأعربت حكومات غربية عن قلقها إزاء الإعلان، فيما قالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان إنه أعطى مرسي سلطات أكبر من المؤسسة العسكرية التي حل محلها.

وفي مقابلته مع مجلة تايم فند مرسي تأكيد معارضيه على أنه صار فرعونا جديدا.

وقال “سبب دخولي السجن هو أنني كنت أدافع عن القضاء والقضاة المصريين.. أدرك تماما ما يعنيه الفصل بين السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية”.

وأضاف “يمثل الرئيس السلطة التنفيذية والرئيس ينتخبه الشعب.. وأنا حريص على أن يتمتع الشعب بالحرية الكاملة في الانتخابات وحريص على تداول السلطة عبر انتخابات حرة”.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً