مراسم التسليم والاستلام

مراسم التسليم والاستلام

أعرف كما يعرف كل الليبيين الأحرار الغيورين على وطنهم أن مراسم التسليم والاستلام عزيزة في قوم لم يستلموا ولم يسلموا، ولومهم مقتصر على من استلم ولم يسلم، لكن في حالتنا هذه فإن التسليم والاستلام غاية في الأهمية والمراسم أهم.

المقاتلون الليبيون سيتولون حماية منشآت الإمارة في مدينة سرت لكي يتمكن إخوانهم من غير الليبيين من حضور احتفالات العيد مع ذويهم في بلدانهم… إنها حرب من أجل المبطن والفاصوليا ولربما السفنز بالدحي!!.

إن إجازة “العيد الصغير”  تتطلب إعداد مسرح القتال بمفرقعات عند بوابة السدادة.. إيذانا بدخول شهر الصيام.. تزينت الأرض والسماء باللون الأحمر القاني وتم التوقيع على مستندات التسليم والاستلام المبدئية لثمانية شهداء استلموا الآخرة وسلموا الدنيا، ولكن هذا كان مجرد تمرين (بروفة) للحفلة الكبرى التي كانت بويرات الحسون مسرحا لها، فتراقصت أرواح أكثر من 30 شهيدا سلموا مهامهم الدنيوية، وغطت دماء أكثر من مائة جريح المسرح، معطية الحفل لون الأحمر الذي يفوح منه ريح المسك عندما يقوم الأشهاد بين يدي ربهم.

وغير بعيد بفندق جي دبليو ماريوت الصحراء صعدت روح الوزير الشهيد محمد سوالم، معلنا تسليم مهام وزارة العمل إلى من يكملون المسيرة، تاركاً فنادق شرم الشيخ، والعقبة، ودبي لمن بخس الوطن عملهم، وأحبط التردي كل محاولات التحليق بأرواحهم.

أصر الشهود على حضور وزير الشهداء ونقيب المحامين ليلقي مرافعته الأخيرة التي جرفت تخريفات الدباشي إلى المزبلة في مراسم حضرها الشهيد والشهود . عبدالرحمن الكيسة سلم نقابته واستلم منصب وزير الشهداء من جديد، أكمل مهمة تسيير الوزارة  في الدنيا، وارتقى ليخبر الشهداء بما فعل فيمن ائتمنوه عليهم من عائلاتهم.. يخبرهم هناك في أجواف الطير الخضر في ظل عرش الرحمن، بحقيقة أدائه في الوزارة، ويقدم تقريره في حضرة أرباب العمل.. معلنا أن قوانين الحرب والسلام، وبناء الأوطان والمعارك التاريخية لا يخوضها من يألف النعيم، ويربكه التبديل بين البدلة الحريرية، والبزة الخشناء.. إن وزراء يقضون في سوح الوغى لتاج كرامة وعنوان فخار.. رحمكما الله من وزيرين مجاهدين.

لتتم مسرحية التسليم والاستلام كما خطط لها من قبل قيادة التنظيم، ترجل كل من إبراهيم عبد العالي وعبدالسلام النجار، وهما من الوجوه العسكرية البارزة، معلنان تنحيهما إلى الفردوس الأعلى بإذن الله، موكلين تسيير شؤون الدنيا إلى رفاقهم في الهندسة العسكرية، مؤذنين بنوع راق من التبادل على المناصب.

أما زميلهما في الكتيبة 166 عمر الحصان فترك الأمانة في يدي ابنيه، وسلمهما الراية التي أدَّيَا بها ركعتي شكر على معسكر الساعدي، بعد أن سلمهم إياه نظراؤهم في تنظيم الدولة!!.

لا خوف من التنظم فالقيادة العامة التي ترابط آلياتها على أبواب معاقل التنظيم، في كل تراب ليبيا الحبيبة، ويدك طيرانها الجسور التي شيدها التنظيم في درنة يوميا، إضافة إلى المدارس، ومحطات توليد الطاقة في درنة، وبنغازي، لأن هذه الأماكن هي التي يتحصن فيها قادة التنظيم الخطرون..طيران القيادة العامة، وقيادة أركانها يشن حربا استباقية على تنظيم الدولة تقتل الأطفال الذين يحتمل أن يلتحقوا بالتنظيم بعد ما يبلغون الحلم، ويصلوا السن القانونية للانخراط في جيش داعش!! هل فيكم من له قدرة على تخيل فلم كوميدي بهذا المدى من السخرية؟ أجيبوا؟..لا أخال أنكم تستطيعوا.

القنوات الليبية تنقل خطب الجمعة من مساجد سرت.. مشهد غاب منذ عام، أو يزيد.. كل هذا ولم يكتمل مشهد الاستلام والتسليم بعد.. ما زال لدى شباب ليبيا أرواح تتوق إلى الجنة، وما زال في حلوق أمهات ليبيا زغاريد تودع عزيزا إلى الجنان، وما زال تراب ليبيا عطشا لدم شهيد يروي له قصة الآباء المؤسسين، وما زال في سماء ليبيا متسع لروح شهيد تحلق معلنة أن الوطن يستحق دماءنا..وأن لأمتنا عدوا هو الإرهاب، والتطرف بكل ترجماته.

ما زال سجل تسليم واستلام العار يسجل أسماء قوم ابتلينا بهم لا هم لهم إلا ذواتهم وليذهب الوطن إلى الجحيم…يبخسون دماء سكبت من أجلنا وأجل هذا الوطن لنحيا أحراراً ولكن عند الله تجتمع الخصوم.

ما يقارب المائتين من الشهداء، مآت الجرحى، عشرات الأيتام، عشرات الأرامل، عشرات الثكلى.. مآت الأسر المكلومة، كل هذا وثمة من يملك القدرة على التشكيك في أن المعركة وطنية، ثمة من يملك القدرة على مداراة خجله من فضيحته بشرب الماء المالح لتنتفخ وجنتاه فلا تظهر تجاعيد الخجل في محياه الفولاذي!! مرة أخرى يضيعوا فرصة يُلمّ بها شعث الوطن.

كل هذا وعملية القرضابية 2 تراوح مكانها وتصفح سياراتها، وتعد العدة للانقضاض على طفل في درنة، ومحطة لتوليد الكهرباء في محيط بنغازي، وأنبوب يحمل ماء شربا لطفل في الجنوب، كل هذا وجيشهم الباسل يشحذ سلاحه لمعركة تنظيم الدولة الفاصلة في الهواء الطلق بين السودان ومجاهل الصحراء الليبية، وعين “جيشهم” على الموارد والحقول، ومطارات الصحراء حيث تروج التجارة المحرمة، وتتفتق عبقريات التهريب، وتلتقي مصالح عصابات غسيل الأموال، بأباطرة المخدرات، بصناع تجارة الحروب.

اللهم هذا رمضان، وهؤلاء شهداؤك على خلقك.. اللهم اسمع شهادتهم فيمن يريد ليبيا لليبيين، ومن يريدها لنفسه، وبنيه.. اللهم اسمعها فيمن يرخص دماء شباب ليبيا دفاعا عن الأرض والعرض والحرية، ومن يريقها رغبة في سلطة أو حظوة أو مال… اللهم مكن لأحب الفريقين إليك… قولوا آمين.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

التعليقات: 1

  • محمد مفتاح

    اشتم رائحة النفاق و التدحنيس. اولا انت ما تملكش الجنة يا منافق يا أفاق, و إلا لفرقتها علي جماعتك و طردت منها الانبياء و الرسل. الحمد لله الذي لا يشرك في أمره أحدا.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً