مخططات افساد الانتخابات التونسية تدخل حيز التنفيذ

افتتاح المعركة السياسية بالعنف
افتتاح المعركة السياسية بالعنف

تونس – يبدو أن الجماعات الجهادية في تونس بدأت في تنفيذ مخططاتها التي كانت أعلنت عنها لإجهاض الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقرر اقامتها في اكتوبر/تشرين الاول ونوفمبر/تشرين الثاني بمهاجمة مقرات الأحزاب الوطنية والديمقراطية ذات الحظوظ الاوفر في الفوز.

واستهدفت تلك الجماعات مقرات لحزب حركة نداء تونس المنافس الأول لحركة النهضة الإسلامية وعدو جماعات الإسلام السياسي عامة.

واستخدمت قوات الأمن التونسية، الثلاثاء، الغاز المسيل للدموع لتفريق مجموعات سلفية هاجمت مقر حزب حركة نداء تونس في مدينة الروحية التابعة لمحافظة سليانة شمال غرب تونس، فيما ردت تلك المجموعات مستعملة الزجاجات الحارقة والرشق بالحجارة في حادثة تعد الأولى من نوعها عكست مخاوف القوى الوطنية والديمقراطية من سعي الجماعات الجهادية لإجهاض الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها يوم 26 أكتوبر/تشرين الاول.

وبدأت الاشتباكات عندما تجمع العشرات من السلفيين أمام مقر نداء تونس بمدينة الروحية قبل أن يتدافعوا لمهاجمة المقر مستخدمين الزجاجات الحارقة والعصي، مما اضطر قوات الأمن لاستخدام الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

وقال شاهد عيان إن العشرات من الملتحين متسلحين بالعصي والزجاجات الحارقة تجمعوا أمام جامع المدينة ثم توجهوا إلى مقر المكتب المحلي لحزب حركة نداء تونس وحاولوا مهاجمة المقر غير أن قوات الأمن تصدت لهم وأجبرتهم على التراجع.

يأتي الهجوم بعد يومين فقط من مهاجمة رئيس نداء تونس الباجي قائد السبسي الجماعات الإسلامية مخيرا الناخبين بين التصويت للديمقراطية أو للاستبداد.

فقد فتح زعيم حركة نداء تونس النار على جماعات الإسلام السياسي واصفا إياها بـ”القوى التي لا تؤمن بالديمقراطية ولا بمدنية الدولة وتسعى إلى بناء دولة الاستبداد الديني”.

وخير قائد السبسي الناخبين في اجتماع شعبي بالمهاجرين التونسيين عقده بمدينة نيس جنوب فرنسا بين “التصويت لمن يؤمن بالديمقراطية والتعايش وبمدنية الدولة وبين من لا يؤمن بالديمقراطية ويريد العودة بتونس إلى القرن السابع ويعمل على بناء دولة الاستبداد الديني”.

من جانبه أبدى الأمين العام لحركة نداء تونس الطيب البكوش تخوفه من تزييف الانتخابات، موضحا أن الهيئة العليا للانتخابات ليست محايدة فبعض ممثليها حسب قوله لهم انتماءات حزبية، في إشارة إلى علاقات مع حركة النهضة.

ويقول الخبراء إن حزب حركة نداء تونس يبدو المستهدف الأول من هجمات محتملة تشنها الجماعات الإرهابية لا فقط لأنه يمثل قوة سياسية تحظى بتأييد شعبي واسع ما يجعل حظوظها في الفوز وافرة، وإنما لأنه يقود مشروع وطني ديمقراطي ويرفض مشاريع الجماعات الإسلامية بما فيها حركة النهضة.

وتحذر القوى الوطنية والديمقراطية من أن الإرهاب يمثل أبرز المخاطر التي تهدد المسار الانتخابي إضافة إلى العنف اللفظي والمادي، لافتين إلى أن الجماعات الجهادية كانت توعدت التونسيين بإجهاض الانتخابات.

فقد شدد زعيم الإتحاد من أجل تونس سمير الطيب على أن “الإرهابيين يترصدون العملية الانتخابية سواء للقيام باغتيالات أو تفجيرات”، ملاحظا أن “الجماعات الإرهابية تسعى لإجهاض أول انتخابات من نوعها لكونها تعكس إرادة التونسيين في بناء دولة مدنية ومجتمع حر وتعددي تتعايش فيه مختلف الأحزاب السياسية”.

وبرأي الطيب فإن “الجماعات الإسلامية عموما لا تؤمن بالديمقراطية ولا بمدنية الدولة ولا حتى بمفهوم التعايش بل ترى في الديمقراطية كفرا لذلك تعمل على إجهاض العملية الانتخابية وجر تونس إلى وضع يشبه الوضع في ليبيا حيث الكلمة الفصل للسلاح والعنف”.

وكانت كتيبة عقبة بن نافع التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي توعدت التونسيين في سبتمبر/ايلول، بأنها “لن تسمح بالوصول إلى فترة الانتخابات” الرئاسية والبرلمانية، مؤكدة أن “خلاياها المنتشرة في المدن تنتظر ساعة الصفر لتنفيذ الأوامر”.

وقالت كتيبة عقبة بن نافع في بيان لها بثته على موقعها الرسمي إن “خلايانا مزروعة في كل مكان، ويعدون للمفاجآت نصرة لدولة الخلافة الإسلامية في التصدي للحرب الكفريّة”.

وأضافت بأنها “لن تسمح بوقوع الانتخابات في الفترة القادمة”، مهددة بالقيام بعمليات خلال الاستحقاق الانتخابي، وقالت إنها “تملك معسكرات لتدريب الجهاديين داخل المدن التونسية وهم الذين سينفذون الهجمات”.

وتقول الأجهزة الأمنية التونسية أنها توصلت خلال التحقيقات مع عدد من “الإرهابيين” العائدين من العراق وسوريا إلى “معطيات دقيقة وثابتة” تؤكد أن الجماعات الإرهابية “زرعت خلايا نائمة في عدد من المدن ورسمت خطة شن هجمات داخل كبرى المدن تستهدف في ما تستهدف مقرات الأحزاب العلمانية”.

وكان وزير الداخلية التونسية لطفي بن جدو قال في وقت سابق إن “الوزارة تأكدت من تخطيط الجماعات الإرهابية لاستهداف الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة وفقا لاعترافات عدد من الإرهابيين الموقوفين”.

وحذر رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل مختار بن نصر من “الخطورة” التي باتت تمثلها الجماعات الإرهابية على تونس خاصة بعد تسلل العشرات من كبار المقاتلين إلى داخل التراب التونسي قادمين من سوريا والعراق، ملاحظا أن الإرهابيين نجحوا في تكوين خلايا لا في الجبال فحسب وإنما في عدد من المدن وخاصة في الأحياء الشعبية.

وخلافا لما كان يعتقد بأن خلايا كتيبة عقبة بن نافع متمركزة فقط في سلاسل الجبال، اعترفت الأجهزة الأمنية مؤخرا أن تلك الخلايا مزروعة في الأحياء الشعبية بالمدن وفي الجهات الداخلية.

وأعلنت السلطات التونسية أنها جندت 100 ألف عون تابعين لقوات الأمن وللجيش من أجل حماية مسار العملية الانتخابية في مختلف مراحلها.

ويقول المراقبون أن الأحزاب العلمانية مرشحة لهجمات إرهابية سواء من خلال اقتحام مقراتها أو اجتماعاتها أو باغتيالات لرموزها نظرا لأنها وضعت ملف مقاومة الإرهاب في صدارة برامجها الانتخابية.

ويستبعد المراقبون أن تشن الجماعات الجهادية هجمات تستهدف النهضة، مشددين على أن السلفيين يمثلون الخزان الانتخابي للحركة الإسلامية التي ترى فيهم جزءا من قاعدتها الانتخابية الثابتة.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً