طرابلس – وكالات
في الوقت الذي تمر فيه ليبيا بتطورات تثير قلق جهات واطراف عديدة، داخل ليبيا وخارجها ايضا، أثار قرار الحكومة الليبية بإغلاق الحدود الجنوبية، فضلا عن تحليق الطيران الحربي بكثافة فوق تلك المناطق مخاوف الليبيين من احتمال اختراق عناصر تنظيم القاعدة لبلادهم في اكثر من اتجاه وعلى اكثر من مستوى كذلك. وطفت على السطح أصواتا تكشف عن مخاوف حقيقية للحكومة الليبية من تنامي وجود عناصر تنظيم القاعدة في البلاد لا سيما مع الحديث عن تدخل عسكري دولي في مالي لتحرير مناطق الشمال من الإسلاميين المتشددين الذي يسيطرون عليها منذ بضعة أشهر.
وأغلقت ليبيا، الأسبوع الفائت، حدودها مع جيرانها الأربعة في الجنوب، الجزائر والنيجر وتشاد والسودان بسبب “تدهور الوضع الأمني بالبلاد”، في وقت شدد فيه المتحدث باسم وزارة الداخلية مجدي العرفي على أن “أي تسلل لبلاده عبر الحدود سيواجه بالقوة”.
وقال الناشط السياسي الليبي معتز القابلة لمراسل وكالة الأناضول للأنباء إن تحركات الحكومة الحالية تكشف عن الخطر المتنامي لتسرب عناصر من قيادات القاعدة إلى ليبيا عبر الحدود الجنوبية والغربية على وجه التحديد حيث الوجود الحقيقي للقاعدة في المغرب العربي وبعض الدول الأفريقية.
وأضاف أن التزامن بين قرار ليبيا إغلاق حدودها ونشر سلاحها الجوي وجنود على الحدود وبين قرار مجلس الأمن بشأن نشر قوات في شمال مالي “له دلالته التي تكشف عن الخطر القاعدي المحدق بليبيا”.
وكانت تسريبات من تقارير استخباراتية غربية نشرتها بعض الصحف أفادت بعقد اجتماعات بين قيادات من “أنصار الشريعة” الليبية المتشددة والمتهمة في اغتيال السفير الأمريكي في بنغازي وبين أخرى من تنظيم القاعدة في المغرب العربي بمدينة “غات” الليبية الجنوبية.
وردا على سؤال حول القانون الذي سيطبق في مدن الجنوب وما إذا كان القانون العسكري أم المدني، قال عادل البرعصي، المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الليبية “لا أملك إجابة على هذا السؤال والامر نفسه بالنسبة لوزير الدفاع الذي سيبحث المسألة مع رئيس الحكومة على زيدان للاتفاق على تلك النقطة”.
فيما يقول مسعود عبيد، عضو لجنة الدفاع بالبرلمان الليبي المؤقت وممثل الجنوب، إن القانون العسكري سيطبق فقط على المناطق الحدودية، أما مدن الجنوب فسيطبق فيها القانون المدني بالطبع”، رغم أن قرار البرلمان الليبي سمّى مدنا بعينها، وقال إنها “ستكون مناطق عسكرية”.
ولم يخف عبيد تخوفه من السرعة في اتخاذ خطوة إغلاق الحدود، وقال “في ظل هذا التخبط أخشى أن تتحول ليبيا الى أفغانستان جديدة”. وكان علي زيدان، رئيس الحكومة الليبية المؤقتة قال، في مؤتمر صحفي الأسبوع الفائت، إن قرار غلق الحدود هو إجراء مؤقت ويتعلق بالمسألة الأمنية الداخلية وإن حكومته تؤكد على مبدأ حسن الجوار.
إلى ذلك؛ نأت جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا بنفسها عن المواجهات المسلّحة التي شهدتها مدينة بنغازي خلال الأيام الفائتة، مشيرة إلى أن منهجها يتمثل في دعم الاستقرار ورفض انتهاج العنف. وقالت الجماعة في بيان لها “نحن نتوجه إلى كل من يتجرّأ ويبادر باستخدام العنف لنذكره بحرمة الدماء وبكرامة النفس الإنسانية التي حرّم الله عز وجل قتلها إلا بالحق”، محذّرة من مغبّة تلك الأفعال.
وأعربت عن قلقلها بشأن ما شهدته مدينة بنغازي من اعتداءات عنيفة على مراكز الشرطة ومديرية الأمن بالمدينة، واعتبرت “التساهل في سفك الدم جريمة توجب العقاب في الدنيا ويوم الحساب”، مشيرة إلى أن منهجها الراسخ يتمثل في دعم الاستقرار ورفض انتهاج العنف في سبيل تسوية الخلافات أو تحقيق المطالب.
وشدد الإخوان المسلمون في بيانهم على أن “المرحلة الحالية في ليبيا حساسة تتطلب من الجميع الوقوف صفاً واحداً في مواجهة التحديات”، معتبرين أن “السيادة في ليبيا الجديدة للقانون، ومن خلاله فقط تعالج كل التجاوزات والجرائم والانتهاكات”.
وطالبت الجماعة الحكومة بـ”ضرورة استكمال بناء المؤسسة الأمنية على أسس جديدة لصيانة هيبة الدولة واستكمال التحقيقات وكشف المتسببين في هذه الأحداث الدامية وإحالتهم إلى القضاء بأسرع ما يمكن لنيل الجزاء العادل”.
يشار إلى أن مدينة بنغازي (1000 كلم شرق العاصمة) شهدت على مدى الشهور الفائتة سلسلة عمليات تفجيرات استهدفت مراكز أمنية واغتيالات لعدد من كبار ضباط الجيش والأمن، كان من بينها اغتيال مدير أمن المدينة نفسه العقيد فرج الدرسي.
ووقع آخر هجوم مسلّح يوم الخميس الفائت على مديرية الأمن في بنغازي، ما أسفر عن مقتل 4 أشخاص وإصابة 16 آخرين بجروح. يذكر أن المشتبه فيه عمر الفزاني، الذي قبض عليه وبحوزته أسلحة ومتفجرات، اعترف خلال التحقيق معه في بنغازي بأن مجموعة إسلامية مسلّحة هي وراء التفجيرات والاغتيالات التي جرت في المدينة، غير أنه تراجع عن اعترافاته بعد نقله إلى العاصمة طرابلس، مشيراً إلى أن اعترفاته السابقة جاءت تحت التعذيب.
اترك تعليقاً