حرب النفط بين المليشيات القبلية لحكومتي شرق ليبيا وغربها ستكون الأسوأ بين الحروب الأهلية التي شهدتها ليبيا، ونقطة التحول الفاصلة في الأزمة الليبية. وهي الحرب التي ستكشف فيها القبيلة عن وجهها الحقيقي البشع والمروع. وتسقط فيها ورقة التوت الأخيرة عن كل من البرلمان الذي تسيطر عليه المليشيات القبلية المتطرفة في شرق البلاد و”المؤتمر الوطني” في غرب البلاد، والذي تسببت ميليشياته القبلية والدينية المتطرفة في هذا الانقسام، واشعال الحروب الأهلية وزرع الفتن بين المدن والقبائل في شرق ليبيا وغربها.
اليوم يرفع انفصاليو برقة شعار “وأخيراً، استردت برقة حقوقها وانتهت هيمنة الغرب الليبي على عوائد النفط وثروات البلاد”، بعد اعلان المليشيا القبلية المسيطرة على الموانئ النفطية احتكار بيع النفط لصالح حكومة شرق ليبيا، وتحذير الشركات من التعامل مع حكومة غرب ليبيا أو مؤسسة النفط التابعة لها أو التعامل مع مصرفها المركزي. وبهذا تحقق لانفصالي برقة ما يريدون وأصبح لحكومتهم في الشرق الليبي مصرفها المركزي الخاص بها ومؤسسة النفط المستقلة أيضاً ولم يبقى إلا ترسيم الحدود. ولكن، السؤال الآن: هل سينتهي الأمر عند هذا الحد وتتقبل حكومة غرب ليبيا الأمر الواقع وتتعايش مع حرمانها من عوائد النفط، “موردهم المالي” الوحيد الذي كانت تتقاسمه مع حكومة شرق ليبيا، شركائهم في الانقسام وتمزيق البلاد.
ان رئيس وزراء “الحكومة المؤقتة” في شرق البلاد والذي تم منعه من قبل ميليشيات قبلية من السفر خارج البلاد أكثر من مرة خلال الأشهر الماضية وتم وضعه تحت الإقامة الجبرية من قبل تلك المليشيات، ومليشيات أخرى اجبرته على تغيير وزرائه وسفراء الدول لأسباب قبلية وجهوية مثل هذا الرئيس لا يملك حق اصدار الأوامر لتلك المليشيا القبلية المسيطرة على الموانئ النفطية ولا غيرها من المليشيات… وكذلك هو الحال طبعاً بالنسبة لحكومة غرب البلاد والتي لم تستطع تأمين طريق في ضواحي طرابلس، بل ولم تستطع تأمين نفسها وقد تم اختطاف أحد وزرائها والهجوم على مقرها في قلب طرابلس، وكل ما استطاعت فعله هو طلب النجدة من مليشيا أخرى لإنقاذها…!
الحقيقة، أن رؤساء الحكومات الليبية الحالية هم مجرد ممثلين مساكين ببدلة وربطة عنق مرغمون على لعب دور رؤساء حكومات وهمية لا تملك من أمرها شيء. ومثلهم حال الأغلبية من الشعب الليبي المغلوب على أمره في ظل هيمنة المليشيات المتطرفة دينياً وقبلياً.
وبعيداً عن كل الشعارات والبروباجاندا التي يروجها كل من البرلمان والمؤتمر «المنتهية ولايتهما»، ورغم حرص الطرفــين شكلياً على ابعاد شبهة نواياهما الانفصالية سواء على مستوى الخطاب الديماغوجي أو الاجراءات الشكلية مثل منح عدد من الحقائب الوزارية لشخصيات تنتمي قبلياً للطرف الآخـــر؛ إلا ان كل من مؤتمر طرابلس وبرلمان طبرق قد تحولوا فعلاً إلى قادة لمشروع انفصالي حقيقي، وأدوات لتمزيق أوصال هذا البلد، من أجل مصالحهما الشخصية وخدمة لمصالح الدول الداعمة لكل منهما. فالمهمة الأخيرة، لكل من البرلمان والمؤتمر عقب اشعالهم حرب النفط هي تقسيم ليبيا فعلياً، وعندها تنتهي وظيفة كل منهما.
وليس بالضرورة أن كل أعضاء البرلمان في الشرق الليبي وأعضاء المؤتمر الوطني العام في الغرب الليبي هم مؤيدين للمشروع الانفصالي ومخطط تقسيم البلاد، بل ان القادة المتطرفين في كل من البرلمانيين هم أقلية ولكنها أقلية مدعومة بمليشيات قوية على الأرض ومدعومين من قبل دول اقليمية ووسائلهم الاعلامية. إضافة إلى عامل مهم آخر، وهو ما يسمى بـ “الكنترول الجنسي” أو الفضائح الجنسية التي أصبحت – للأسف – احدى أهم عوامل صناعة القرار في ليبيا. حسب اعتراف عدد من نواب المؤتمر وحسب ما تم تسريبه من تسجيلات فاضحة لعدد من الشخصيات السياسية…!
وسيكتشف الليبيون المغيبون أكاذيب كل من مليشيات فجر ليبيا ومليشيات الكرامة … فلا يختلف أي منهما عن الآخر، سواء من ادعى أن هدفه من إعلان الحرب كان لتحرير مطار طرابلس فدمره وأحرقه وأعلن حكومة انفصالية، والذي ادعى أن هدفه تحرير مدينة بنغازي فدمرها وجعل من أهلها لاجئين ومشردين في دول الجوار ونصب نفسه قائدا لجيش من المليشيات وأولياء الدم.
سيختفي كلاهما، وسواء من لبس عـباءة الإخوان ومن تزين ببدلة العسكر فإنهم ليسوا في الحقيقة إلا مجرد برغماتيين وعصابات لاهثة نحو السلطة بأي ثمـــن. فلا أولئك بإخوان ولا خصومهم بعسكر، ولو ظهر عليهم القذافي لرأيت نفس الشخصيات وقد تلونوا بالأخضر وهتفوا بحياته بالساحات والميادين.
بعد كل هذا الخراب، والدمار الذي سببه طرفي الانقسام والتناحر، لا نعتقد بأن الليبيين لازالت ترعبهم فزاعة “الفراغ السياسي”، بل ربما ذلك “الفراغ” الذي يستخدمه كل من البرلمان والمؤتمر في تهديد الليبيين قد يحمل أملاً في الخلاص وإنقاذ ليبيا من هؤلاء الذين تصدروا المشهد لسنوات ولم يتسببوا إلا بمزيد من الحروب والقتل والتهجير والدمار.
وربما يكون ذلك “الفراغ السياسي” فرصة لليبيين ليضعوا حداً لمعاناتهم ويختاروا بديلاً يتوافق عليه الشعب بدل التسليم بأمر الواقع وانتظار الحرب الشاملة التي يعد لها الطرفان لتكون محرقة لكل الليبيين لا تفرق بين أحد منهم، فالأمر أولاً وأخير بيد الشعب الليبي وهو من يقرر متى تنتهي هذه المأساة التي يعيشها.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
السلام عليكم
ولم تعد ترهبنا ايضا فزاعة الانفصال بل أراه وكثير مثلي في طرابلس الحل الوحيد للتخلص من الاساءات المتكررة القادمة ممن كنّا نعدهم اخوة في شرق البلاد وسكوت الأغلبية الباقية عن هذه الاساءات. فليذهبوا بنفطهم ومشاكلهم ليتفرغ كل منا لحل مشاكل إقليمه
كلام …صحيح فالحل الذي أتصوره من طرفي هو إبعاد الجسمين الشرعيين عن الساحة بالكامل والعمل على تشكيل حكومة توافقية لكل الأطراف لمدة محدودة لاتزيد عن سنة والإعلان عن انتخابات رئيسية للبلاد على أن يستبعـــــد منها كافـــــــــة أطراف الصراع وما يعرف بالمستقلين والأشخاص الجدليــــــــة من بعد دلك يعمل الرئيس على انتخابات برلمانيا والعمل على تكليف رئيس وزراء جديد لتشكيل حكومة رسمية .
ليبيا الغالية بين سندان الارهاب ومطرقة الوطن البديل