اعتبر محللون ان الرئيس المصري محمد مرسي المنبثق من الاخوان المسلمين، وقع في حسابات خاطئة بمنح نفسه صلاحيات استثنائية ومحاولة تمرير مشروع دستور جديد رغم احتجاجات المعارضة.
وظهر ذلك جليا من خلال تراجعه السبت عن الاعلان الدستوري الذي اصدره في 21 تشرين الثاني/نوفمبر واثار ازمة سياسية حادة في البلاد، وايضا من خلال دعوة المؤسسة العسكرية للحوار قبل ساعات من ذلك محذرة من انها “لن تسمح” بغير الحوار ومن دخول البلاد في “نفق مظلم”.
وراى واين وايت المحلل في المركز السياسي حول الشرق الاوسط ومقره في واشنطن ان المؤسسة العسكرية ارادت بلا شك “ان ترسل اشارة الى انها لم تعد قادرة على حماية الاستقرار وان عليه (مرسي) ان يقدم تنازلات للمعارضة”.
لكن المحلل السياسي المصري حسن نافعة اكد ان رسالة الجيش كانت موجهة في الوقت نفسه “الى الاخوان المسلمين والقوى الليبرالية” المعارضة.
في هذه الاثناء، تبقى مشكلة مشروع الدستور الجديد المقرر الاستفتاء عليه السبت المقبل، محور الصراع بين رئيس الدولة ومعارضيه.
ويعتبر المعارضون ان مشروع الدستور ينطوي على محاولة لاسلمة الانظومة القانونية المصرية والتضييق على الحريات وخصوصا حرية التعبير والمعتقد.
وحول موعد الاستفتاء لم يتراجع مرسي قيد انملة. ويعتقد محللون ومراقبون ان مشروع الدستور يملك فرصا كبيرة لتتم الموافقة عليه خصوصا بفضل الامكانات التعبوية التي يملكها الاخوان المسلمون في الانتخابات.
وقال اريك تراغير المتخصص في شؤون مصر في معهد الدراسات السياسية للشرق الاوسط بواشنطن “يعتقد الاخوان المسلمون انهم يملكون غالبية كافية للفوز في الاستفتاء”.
لكنه حذر من ان فوز انصار مرسي في الاستفتاء “سيغرق مصر في مرحلة طويلة من عدم الاستقرار”.
وترجع اخطاء مرسي خصوصا الى قلة الخبرة بالحكم. وفي عهد ما بعد حسني مبارك اصبح هو والاخوان الحراس الوحيدين للديموقراطية الناشئة.
واوضح ستيفن كوك في مجلة فورن بوليسي ان “خطأ مرسي يكمن في تصوره ان الجميع قرأ نتائج الانتخابات الرئاسية الاخيرة (ايار/مايو-حزيران/يونيو 2012) مثلما قرأها الاخوان المسلمون”.
واضاف “بمعنى آخر لقد اعتقد هو وحزبه ان بامكانهما التعويل على تفويض يتيح لهما الحكم من دون الاكتراث كثيرا بمواقف من يعارضهما”.
والاسبوعان الطويلان من المواجهات التي كان بعضها داميا بين السلطة والمعارضة، زاد من حدة الارتياب بين الفريقين.
وليصبح الحوار ممكنا بينهما يتعين على مرسي والاخوان من جهة والمعارضة التي تمثلها خصوصا جبهة الانقاذ الوطني (يسار وليبراليون) من جهة اخرى، ان يتجاوزا الحواجز الايديولوجية.
لكن شادي حميد مدير البحوث في مركز بروكينغز بالدوحة يقول ان الازمة “لا تعني حقيقة مرسي واعلانه المفاجىء”. ويضيف في مقال نشره على موقع المركز “الامر يتعلق بسؤال اساسي : هل يجب ان تصبح مصر اسلامية اكثر او تبقى محتفظة باسسها المحايدة؟”.
واعتبر حميد ان مشروع “الدستور يتضمن بعض البنود ذات الخلفية الاسلامية، لكنه في الاجمال وثيقة ضعيفة ومملة بعض الشيء وضعت على اساس دستور 1971 الضعيف بدوره”.
واضاف “هناك كراهية بين اسلاميين وغير اسلاميين، لكن الخلافات بينهما في الواقع يمكن ان تكون اعمق بكثير” من الكراهية.
وختم “على الامد البعيد، يبدو ان التوافق الذي يسعى اليه كثيرون ويأملون فيه، لا يعدو ان يكون مجرد رغبات”.
اترك تعليقاً