أحد أهم مشاكلنا الثقافية في العالم العربي هو عدم تحرير المصطلح , ويعني أن الكثير من المصطلحات لدينا لا يوجد لها تعريف جامع مانع . جامع :- أي يغطي كل محتوى الموضوع من كل جوانبه , مانع :- أي يمنع غيره من المواضيع في الدخول إليه,
بينما هو علم متطور في علوم الشريعة , فكل الأمور في الشريعة ثابتة المعنى في المصطلح , ولكن في السياسة والاجتماع نجد أن المصطلح ليس محدد , وهذه أمثلة على مصطلحات موجودة بكثرة وتتكرر في الإعلام بشكل دائم,
إسلاميون , ليبرالية , علمانية , دوله مدنية , دولة دينية ( بالمفهوم العربي ) الدولة الإسلامية واختلافها عن الدولة المسلمة,
الكثير من هذه المصطلحات موجودة وواضحة في الغرب , ولكن لا تعريف واضح لها في عالمنا,
طالبت كثيرا من الأساتذة الذين ينتمون لهذه التيارات إعطائنا تعريف جامع مانع لها , حتى نستطيع أن نناقشهم حسب المفهوم , ولكن لا أرى احد منهم يهتم بذلك , قد يكتب في هذه المواضيع كتب كثيرة , بعضها مؤيد لهذا أو معارض لتلك , ولكني لا أرى أي تعريف . لهذا نجبر أحيانا على استخدام التعريف الغربي لها بكل اختلافاته عن المفهوم العربي.
كما كثر مؤخرا الكلام في الكثير من المصطلحات السياسية والقانونية , بعضها صحيح والكثير منها لا معنى له وأهمها في هذه الفترة التاريخية ” الدولة المدنية”.
يجب عدم الانسياق وراء بعض الأصوات الإعلامية , والتكلم عن دولة مدنية , فمصطلح “دوله مدنية” حيث لا يوجد له أي معنى مصطلحي , ولكن تم استخدامه في عالمنا العربي ليكون مقابلا لما يسمى في الغرب ” الدولة الدينية (Theocracy) ويقابلها في الغرب الدولة الليبرالية,
ولكن استخدام مصطلح ليبرالي مكروه في المجتمعات العربية فتم تغييره إلى مصطلح “الدولة المدنية”
الدولة الدينية هي نوع النظام الذي كان يستخدم في أوربا في العصور الوسطى , وثارت عليه الشعوب لسيطرة الكنيسة بنظرية التفويض الإلهي , ومحاربة العلوم وتدخل الكنيسة في كل دقائق الحياة , وما فعلوه مع كوبرنيكوس وجاليليو وغيرهم معروف للجميع,
أما في العالم الإسلامي فلا يوجد مصطلح الدولة الدينية , ولا مصطلح التفويض الإلهي , ولذا فهذا المصطلح غير لائق استخدامه في العالم الإسلامي , والمجتمعات ككل ترفض استخدام نظرية التفويض الإلهي وسيطرة علماء الدين على كل دقائق الحياة , فالعالم الديني في الإسلام يرجع لذوي الاختصاص كل في تخصصه حينما يتعرض للفتوى , ولا ينافسهم على تخصصاتهم , يرجع للطبيب وللمهندس وللزارع ولشيوخ المهن إذا ما تعرضوا لمسألة فيها مساس بهذه التخصصات, وهذا لا يوجد في الكنيسة,
فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول بالنسبة لأمور الشرع ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ، وقوله : ( لتأخذوا عني مناسككم } ، بينما قال صلى الله عليه وسلم في موضع آخر {أنتم أعلم بأمور دنياكم فما كان من أمر دينكم فإلي}
فأمور الدنيا مرتبط بقواعد أشار إليها الإسلام بقواعد عامة , مثل العدل والإحسان والشورى , وأحكام في الربا , أحكام في الأمور الشخصية , وكل ما لا يخالف هذه المقاصد العليا للشريعة فهو جائز ما لم يكن هنالك نص بتحريمه.
الإسلام يحترم كل البشر , حياتهم وحقوقهم وأعراضهم , فلا فرق , ولدينا في الإسلام أدله قوليه وأدلة فعلية كثيرة.
يجب أن ندرك أن استخدام مصطلح دولة مدنية لا معنى له , لا في مصطلح العلوم السياسية , ولا في العلوم الاجتماعية. ولا اعلم لماذا يتم التركيز على هذا المصطلح.
هل الدولة في عهد أبا بكر وعمر وعثمان وعلى رضي الله عنهم كانت دولة دينية؟
كل الباحثين في العلوم السياسية لم يطلقوا عليها دولة دينية , حيث أن هذا المصطلح لم يوجد إلا في أوربا.
ولكن هنالك مصطلح صحيح وهو ” نظام حكم مدني” ويقابله “نظام حكم عسكري” وهنا نتكلم عن نظام حكم وليس عن شكل الدولة , فالعلاقة بين مدنية نظام الحكم أو عسكرتها, وما يحدث هو خلط للأوراق والمصطلحات لكي يمرر البعض رؤيتهم.
هنالك خلط لدى البعض بين شكل الدولة ونظام الدولة وسياسة الدولة , ففي الإسلام كتب الكثير عن السياسة الشرعية , ولكن لم يقل احد في الموروث الفقهي أن هنالك نظام إسلامي للحكم , فالخلافة والملك والإمارة والرئاسة والمشيحة كلها أساليب حكم مقبولة شرعا.
مجتمعنا يقصف يوميا بمصطلحات لا نعرفها , أو لا نجد لها معنى واضح , ليتنا نحدد معاني المصطلحات , حتى لا يستغل احد هذه الثغرة,
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً