دعوني اتناول ما عرضته في السابق من تحت هذا العنوان، بصياغة أخرى أحاول فيها ومن خلالها اِنّزال مضامين ما طرحته سابقاً إلى دنيا الواقع بمفردات تلامس الحياتي في اليومي المعاش ببلادنا لعلي استطيع تمرير ما طرحته في الجزء الاول من تحت هذا العنوان . الى ادراك الناس . بيسر بالغ . كنت امهّد للقول . بان (المدينة المكان) او غيرها . التى يقع عليها الاختيار . لتكون عاصمة بجغرافيات بلدان العالم المتخلف . الملاحظ في ذلك . ان الاختيار فيها . يُسّند الى استنطاق الجغرافية الطبغرافية . ولا سواها . ويثم تغافّل وتجاهل الجغرافيتين الاخريين الثقافية والسكانية (للعاصمة المكان ) . وفى تقديرى . بان الجغرافيتين الاخيرتين – الثقافية السكانية – لا تقل اهمية عن الطبغرافية . ان لم تتخطياها بكثير . لمن يريد . تغّليب المقوّمات الدافعة للعاصمة المأمولة . نحو انحياز هذه . ايجابا وعلى نحو فاقع . للكيان الجغرافى الام . لتكون عاصمة . وواجهة لوطن . وليست عاصمة , واجهة لبلاد .
كنت احاول ان اصل بالقول . بان (المدينة المكان ) التى يقع عليها الاختيار لتكون عاصمة لبلاد ما . ومن واقع مهمتها الوظيفية كعاصمة للبلاد . ستوظف بداخلها موارد طبيعية وبشرية وغيرها , تتخطى حصة سواها من الامكنة بكثير , في ذات الكيان . . وتُقّتطع هذه الموارد . من جمّلة موارد البلاد الكلية . كل هذا , بغرض تمّكين (العاصمة المكان) من اداء وظيفتها على نحو جيد . كمركز لادارة البلاد . و كواجهة لها .
وبقول مباشر . ستوطّن داخل ( العاصمة المكان) كل المراكز الرئيسية للمؤسسات والهيئات والادارات والمكاتب الخدمية وغير الخدمية . لتغطى وبفائض ايضا , احتياجات ومتطلبات العاصمة الحياتية الضرورية منها والكمالية . من صحية . تعليمية , ثقافية . ترفيهية . خدماتية . وكل ما يؤمن تواصلها مع العالم الخارجى . من وسائل اتصال وتواصل ومواصلات. ومن الطبيعى ان تهضم وتتمثل ( العاصمة المكان ) كل هذا الذى , وُطّن بداخلها . وسيظهر مردود عملية الهضم والتمثل على المفردات الاجتماعية ( للعاصمة المكان ) . بان تكون على قدر جيد من العافية والصحة . وذات تحّصيل علمى وثقافى جيد , يجعل منها اكتر قدرة على الخلق والابداع من سواه . وذات فائض ليس بالقليل من الخبرة والكفائة الذاتيتين . وسيُعّرك ويُشكل ويُصيغ كل هذا . المفردة الاجتماعية ( للعاصمة المكان ) . و سيجعل منها اوّفر وعيا واكثر نضجا عن من سواها . و سينعكس كل هذا , في مخرجات ايجابية . تظهر في سلوكها وتفاعلها وتعاطيها مع الواقع الحياتي . والذى سيبّدو وبالضرورة . مُشبّع بقدر عالي من المسؤولية , تجاه نفسها ومحيطها الوطنى والاقليمى .
وهنا مربط الفرس . فهذه الموارد التى دُفنت في تربة العاصمة طرابلس . والتى من الطبيعى . بانها هضمتها و تمثّلتها داخل كيانها . لم تتمكن و بكل بساطة في القول . من بعث وتنّشيط الحياة في الحاسة – الفطرّية – الذاتية . المحفّزة للغضب والرفض . داخل كيان (طرابلس المكان) . فبرغم هذا العبث والسفه . التى تُدار بأياديه . كل الاجسام التنفيذية والتشريعية والمليشياوية , التى يضمّها حضن العاصمة طرابلس الغرب . لم تغضب وتُسّتفَز شوارعها وميادينها , ولم تهتز لها قصبة . ونتيجة لهذا القعود . صارت البلاد . بأيادي تلك الاجسام . بيئة خصّبة . لكل ما يرّبك حياة الناس , من جوع وخوف وفساد . وتمدد وشاع وانتشر مسّعاها . وظهر على ما سواه . مما حفّزه . على تخطى الاطار الجغرافى الليبيى . وصار يُقّلق المحيط الإقليمي القريب والبعيد . فأضطر البعض منه . بالذهب الى شق اخدود على امتداد حدوده مع الجغرافية الليبية وعززه بجدار لكترونى حساس . طلبا للأمن , وخوفا من تسلل هذا العبث الى بلاده .
هذا المشّهد هو من ولّد في الدهن ؟ و ! استفهام تعقبه شارة تعجّب . صارتا تضغطا وبإلحاح . حتى جاءتا بهذا التناول والطرح . ولكن السؤل المُلح . والذى يطرح نفسه . لماذا وعندما جاء (مكان اخر) من داخل الجغرافيا الليبية . بعدما استفزّه . هذا العبث بالبلاد وبحياة الناس في معاشهم . وطالب بنقل المؤسسة . التى تتحكم في كل موارد البلاد . الى خارج (طرابلس المكان) . ووعد بتمرير مردود وعائد . الموارد الطبيعية للجغرافية الليبية الى كل لليبيين . انتفضت الدول النافدة في المجتمع الدولى . بإيعاز ممن تحت ابطه الملف الليبيى . والذى اوّكل لنقسه . ادارة داخل اروقة وقاعات الهيئة الاممية . فأجمعت هذه الدول . وطالبت وعلى الفور , بعدم المساس بتلك المؤسسة وبالإبقاء عليها داخل العاصمة .
والسؤال الاخر , الذى نرّدف به الاول . يقول . هل ذلك المندوب العتيد . الذى يتولى الملف الليبيى بالهيئة الاممية .. كان يعي ويعلم مُسبقا , من خلال رحّالته وكشافته وجواسيسه ومراكز ابحاثه . حقيقة غياب وضمور او ربما عدم تخلّق وتشكّل (الجِينْ) الخاص بتفّعيل حاسة الرفض والغضب . في داخل جسم وكيان (طرابلس المكان) ؟ . ولهذا ذهب واستحث وعلى عجل , الدول النافدة بالمجتمع الدولى . باتحاد قرار ابقاء جل الاجسام التنفدية والتشرعية في نطاق (طرابلس المكان) . والمدن التى على شاكلتها , كى تبقى في متناول , يد صنيعته وحاملى اجنّداته ومليشياته .
في تقديرى بان الاجابة لا تتخطى المفردة بلى . فالماضي السيئ , القريب والبعيد لهذا المندوب واسلافه . مع الاقليم والمنطقة . يعزز هذا القول . ويدفع في اتجاه هذا الاستنتاج .
ومن خلال هذا التناول , وما سبقه فى جزئه الاول . مسّنود بمطالعة سابقه ايضا . يُمكنني القول . بان طرابلس الغرب , وُلدت من رحم الكون . لنكون عاصمة للقراصنة والغزاة وقطاع الطرق والتجار والعسكر . ولا تستطيع البته , ان تكون عاصمة لوطن . هذا لا يعنى باننا لا نُريدها . ولكن في تلك المهمة وزّر ثقيل . تبين بان المدينة , لا تُطيق . ولا تستطيع حمّله .
وفى جميع الاحوال اقول . على الجغرافيات التى تسعى الى تأسيس دول وطنية . وعند وصولها لمرحلة اختيار العاصمة , من الضرورى استنطاق – قراءة – جميع المفردات التى تضم ويضمها المكان المرَشّح . من سكانية و ثقافية و طبغرافية . فبتمحيص هذه الثلاثية . قد تتمكن من الحصول على عاصمة وطن جيدة . تساعده على التأسيس لوطن , يَتَشكل بنّيانه .من مفردات المواطنة . والتى منها الاحتجاج بالتظاهر , والقدرة عليه وتنفيذه عند الحاجة .
ولكن وفى الخاتمة . دعونا بعد كل هذا . نتأمل في هذه الاستفهامات . التى تقول . لو كانت العاصمة في مكان غير المكان التى هى فيه . هل كنّا سنصل الى ما وصلنا اليه . بل هل . كنا نمرْ بالمراكمات الشاقة , التى جاءت بالانتفاضة . والارهاصات العسيرة , التى رافقة احداث شتاء 2011 م ؟ ؟ ؟ . ام اننا سنختصر الكثير من الجهد والوقت والمال . والتى منها قطع الطريق نهائيا . على الايادى الشيطانية . التى سعت وبكل السبل . نحو جغرافية مدينة بنغازى . لتجعل منها ساحة حرب لا تُبقى ولا تدر . لمعارك تستخدم فيها جميع انواع الاسلحة والذخائر والعمليات القتالية . بغرض هدمها وتقويضها وتحّويلها الى انقاض وخراب . في محاولة منها , لخنق و قتل روح الوطن فيها . وتحّويل كامل الجغرافية الليبية . الى هامدة لا حراك فيها . بل دعونى اذهب الى ابعد من ذلك . لأقول . ربما كنا . قد تخطينا الحاجة الى انتفاضة شتاء 2011 م .
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً