القيود على الترشح مبهمة وفضفاضة وغير دقيقة
قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على المجلس الوطني الانتقالي الليبي أن يعدل لوائح تنظيم الخدمة في المناصب الحكومية والترشح للانتخابات بهدف إلغاء أوجه الحظر الفضفاضة والمبهمة. من المقرر عقد الانتخابات الوطنية الأولى في ليبيا منذ سقوط القذافي في يونيو/حزيران 2012.
الأنظمة القائمة تحظر على أي فرد تولي مناصب حكومية كبرى أو الترشح لمناصب إذا كان “اشتهر بتمجيده لنظام معمر القذافي” أو “اتخذ موقفاً معادياً لثورة 17 فبراير” التي خلعت القذافي. معايير وضوابط وفاء الفرد بهذه المعايير وغيرها من المعايير ليست واضحة، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “بعد عشرات السنين من الدكتاتورية الفاسدة لابد أن يتمتع المسؤولين العامين بقدر عالٍ من النزاهة. لكن استبعاد الأفراد من العمل العام لابد أن يستند إلى ادعاءات حقيقية وقابلة للإثبات بارتكاب أخطاء، وليس صلات فضفاضة غامضة تربط الفرد بالحكومة السابقة”.
أي شخص يريد المجلس الانتقالي أو الحكومة الانتقالية منعه من المناصب العامة، لابد أن يُعرض عليه دليل على أخطاء بعينها تستدعي استبعاده، مع منحه فرصة للطعن في الاتهامات أمام جهة محايدة، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
الهيئة الحكومية المكلفة بمراجعة قبول المسؤولين والمرشحين تُدعى الهيئة العليا لتطبيق معايير النزاهة والوطنية، التي تم تدشينها في 4 أبريل/نيسان بموجب قانون المجلس الانتقالي رقم 26. يعين المجلس الانتقالي رئيس الهيئة، وهو حالياً هلال عز الدين سنوسي، وأعضاء اللجنة.
هيئة النزاهة والوطنية، كما هي معروفة، تراجع المرشحين للانتخابات وكذلك المسؤولين بالمجلس الانتقالي والحكومة الانتقالية، وكبار المسؤولين الأمنيين والسفراء ورؤساء المؤسسات الحكومية والشركات ورؤساء الجامعات والنقابات.
مطلوب من الهيئة أن تراجع الأفراد الساعين للحصول على مناصب حكومية رفيعة خلال 21 يوماً من تلقيها للاستبيان الذي يملأه الشخص المرشح للمنصب، وسيرة ذاتية منه، وبيان مالي. ليس من المحدد ماذا يحدث إذا لم تتم الهيئة المراجعة في ظرف هذه الفترة المذكورة. بموجب القانون، فإن من حق الهيئة إجراء تحقيقات، لكن معايير وأبعاد هذه التحقيقات غير محددة.
كما أنه ليس من الواضح إن كانت المراجعة والتدقيق تطبق بأثر رجعي على أشخاص يشغلون الآن مناصب كبرى في المجلس الانتقالي أو الحكومة الانتقالية.
من يُرفضون أثناء إجراءات المراجعة أمام الهيئة يحق لهم الطعن أمام محكمة استئناف في ظرف 10 أيام، وعلى القاضي أن يُصدر حكماً نهائياً خلال 21 يوماً من تقديم الطعن.
وتستعين الهيئة بإجراءات مستعجلة بالنسبة للأفراد الراغبين في الترشح لانتخابات يونيو/حزيران. يُتاح للهيئة خمسة أيام لمراجعة هذه الطلبات، وبموجب تعديل للقانون الانتخابي الصادر في 17 أبريل/نيسان، على المحكمة مراجعة أي طعون خلال خمسة أيام من تقديمها.
قانون المجلس الوطني الانتقالي رقم 26 ورد فيه أن الهيئة تتمتع بقواعد إجرائية، لكن هذه القواعد لم تُكشف على العلن. دون أدلة إرشادية واضحة لإجراءات عمل الهيئة، فإن عملية المراجعة والتدقيق في الطعون تبقى مبهمة إلى درجة مقلقة، على حد قول هيومن رايتس ووتش.
وقالت سارة ليا ويتسن: “من غير الواضح على الإطلاق كيف تقرر هيئة المراجعة من يشارك ومن لا يشارك في الحياة السياسية لليبيا الجديدة”. وتابعت: “مطلوب معايير واضحة وشفافية كاملة لضمان عملية الديمقراطية واستنادها إلى مبادئ القانون”.
قانون المجلس الانتقالي رقم 26 ينص أيضاً على المعايير اللازم توافرها ليُتاح للأفراد شغل المناصب العامة. ورد في القانون أنه يمكن للأفراد شغل مناصب رفيعة – منها الوزراء والسفراء ورؤساء أجهزة الأمن والجيش والمسؤولين بوزارتي الداخلية والخارجية – إذا ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنهم “انضم[وا] إلى ثورة 17 فبراير قبل 20 مارس 2011” تعريف “انضم[وا]” غير موجود.
طبقاً للقانون، فلا يحق في أي ظرف من الظروف للأشخاص التابعين لأي من الفئات التالية – من بين فئات أخرى – شغل مناصب عامة في ليبيا:
- أعضاء الحرس الثوري والحرس الشعبي.
- أعضاء اللجان الثورية.
- رؤساء اتحادات الطلبة ما بعد سنة 1976.
- من عُرفوا بـ “تمجيد نظام القذافي أو دعوته لفكر الكتاب الأخضر وسواء كان ذلك في وسائل الإعلام المختلفة أو بالحديث المباشر للجمهور”.
- كل من اتخذ موقفاً معادياً لثورة 17 فبراير بالتحريض أو المساعدة أو الاتفاق.
- من أدين بجرائم فساد أو سرقة أموال عامة.
- من شاركوا بأي شكل في سجن أو تعذيب المواطنين الليبيين خلال فترة الحكم السابق.
- كل من قام بأية أعمال ضد المعارضين الليبيين في الداخل أو الخارج أو اشترك في ذلك.
- كل من قام بعمل من أعمال الاستيلاء على ممتلكات المواطنين خلال فترة الحكم السابق أو اشترك في ذلك.
- كل من تورط في نهب أموال الشعب الليبي أو أثرى على حسابه أو تحصل على ثروات وأرصدة في الداخل أو الخارج دون وجه حق.
- كل الشركاء في أية أعمال تجارية مع أبناء القذافي وقيادات نظامه.
- كل من تولى وظيفة قيادية ذات صلة بأبناء معمر القذافي ومؤسساتهم.
- كل من تحصل على هبات أو أموال عينية من النظام السابق دون وجه حق.
- كل من كانت دراسته العليا في فكر معمر القذافي وكتابه الأخضر.
بصفة ليبيا طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، فهي ملتزمة بالسماح لمواطنيها بتساوي الفرص في التنافس كمرشحين في الانتخابات، دون تعريضهم لـ “قيود غير معقولة”. العهد يطالب بأن تضمن الانتخابات “حرية التعبير عن إرادة الناخبين”.
الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب – الذي صدقت عليه ليبيا بدوره – يطالب الدول بضمان أن يُتاح لكل مواطن الحق في المشاركة بحرية في حكومة بلاده.
فيما يتعلق بشروط استحقاق تولي مناصب في السلطة السياسية، دعت هيومن رايتس ووتش الحكومة الليبية بالآتي:
الامتناع عن إرجاع الأحكام الخاصة باستحقاق الترشح لارتباطات الماضي أو الحاضر لا أكثر. في حالة الانتماء لهيئات حكومية أو منظمات تعتبر إجرامية أو فاسدة أو قمعية، على السلطات أن تطلب أدلة واضحة ومقنعة بأن الشخص المعني قد شارك عن علم وبنشاط في ممارسات إجرامية تمارسها تلك الهيئة الحكومية أو المنظمة.
إمداد أي شخص يواجه اتهامات، بالأدلة المنسوبة إليه وإتاحة عقد جلسة عادلة أمام هيئة تقاضي محايدة، مع إتاحة الحق في الطعن على قرار الهيئة القضائية أمام المحاكم العادية.
يجب فرض آليات للمحاسبة على جرائم فساد الماضي والتورط في انتهاكات حقوق الإنسان، من خلال عملية عدالة انتقالية تتصدى على نحو شامل للممارسات المسيئة القائمة منذ فترة طويلة، بكل شفافية ونزاهة.
اترك تعليقاً