قالت هيومن رايتس ووتش إن الذكرى السادسة عشر لمذبحة سجن أبو سليم التي تحل في 28 و29 يونيو/حزيران 2012 تُعد فرصة لأهالي ضحايا المذبحة في شتى أنحاء ليبيا لإحياء ذكرى مأساة عام 1996 دون خوف من القمع الحكومي.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة أن تنشئ نظام للعدالة قادر ومستعد للملاحقة القضائية والمحاكمة العادلة للأشخاص المسؤولين عن هذه الجريمة البشعة التي حصدت أرواح أكثر من 1200 سجين، تم إطلاق النار عليهم وقتلهم. لم يتم اكتشاف مكان رفات الضحايا بعد.
وقال فريد آبراهامز، مستشار خاص لـ هيومن رايتس ووتش: “بعد ستة عشر عاماً من حادث القتل الجماعي في سجن أبو سليم، يمكن لليبيين أخيراً أن يأملوا في إحقاق العدالة. يشمل هذا العثور على رفات الضحايا والتعرف على المسؤولين عن هذه الجريمة ومعاقبتهم”.
تم احتجاز عدد من الحراس وبعض كبار مسؤولي السجن من عهد القذافي وهم يخضعون للتحقيق أمام الادعاء العسكري على مذبحة عام 1996. قالت هيومن رايتس ووتش إنه من الواجب كفالة حقوقهم في إجراءات التقاضي السليمة التي يضمنها القانون الليبي، وأن يحصلوا على محاكمات عادلة.
وقال فريد آبراهامز: “لابد من معاملة المشتبهين بمذبحة السجن بشكل إنساني وأن يحصلوا على محاكمات عادلة”. وأضاف: “من المُهين للضحايا انتهاك حقوق الإنسان الخاصة بالمشتبهين”.
قابلت هيومن رايتس ووتش ثمانية سجناء كانوا في سجن أبو سليم وقت أعمال القتل في عام 1996، وكذلك أحد الحراس. طبقاً لهؤلاء الشهود، فمساء 28 يونيو/حزيران احتج السجناء على أوضاع السجن القاسية وأسروا اثنين من الحراس فمات أحدهما. فتح الحراس النار فقتلوا ستة سجناء وأصابوا نحو 20 آخرين.
أرسلت الحكومة مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى للتفاوض ومنهم صهر معمر القذافي ورئيس مخابراته عبد الله السنوسي. قابل خمسة سجناء السنوسي لعرض مطالبهم ومنها وقف التعذيب ومحاكمة السجناء وتحسين الطعام والرعاية الصحية وتوفير الزيارات الأسرية.
قال السنوسي إنه سيفي بهذه المطالب الخاصة بالسجناء، باستثناء المحاكمات، إذا ما قام السجناء بالإفراج عن الحارس الأسير، على حد قول أحد المفاوضين لـ هيومن رايتس ووتش. وافق السجناء وتم استبعاد نحو 120 سجيناً مريضاً، بدعوى علاجهم. لكن تم إطلاق النار على الكثيرين منهم ولقوا حتفهم.
في الصباح التالي تم نقل المئات من السجناء من مختلف عنابر السجن إلى فناء يقع على الجانب المدني من السجن. وبين العاشرة والحادية عشرة قام مسلحون على أسطح البنايات بفتح نيران أسلحة آلية على السجناء، لمدة ساعة على الأقل. إجمالاً وعلى مدار يومين، لقي أكثر من 1200 سجين حتفهم.
قال أحد السجناء السابقين: “لم يتوقف صوت الرصاص على مدار ساعة، لكن قال البعض إنه استمر ساعتين. ما أذكره هو أن صوت الرصاص لم يتوقف، كان مستمراً بلا أي تقطع فيه بالمرة”.
عبد الله السنوسي محتجز حالياً في موريتانيا وتحاول ليبيا نقله للحبس في حيازتها. هو أيضاً مطلوب أمام المحكمة الجنائية الدولية على خلفية جرائم ضد الإنسانية وقعت أثناء نزاع عام 2011 في ليبيا، ومطلوب في فرنسا على تورطه المزعوم في تدمير طائرة ركاب تابعة لخطوط “أير فرانس” الجوية في عام 1989.
يبدو أن جثامين السجناء القتلى دُفنت داخل السجن، ثم نُقلت بعد أعوام، على حد قول سجناء سابقين. وقد ثبت خطأ تقارير أولية عن دفنهم في مقبرة جماعية خارج جدران السجن مباشرة. ما زال موقع رفات الضحايا مجهولاً.
احتفظت حكومة القذافي بسر حادث القتل الجماعي هذا حتى عام 2001، عندما بدأت تخبر بعض أهالي الضحايا بوفاتهم. قالت أسرة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم كانوا يجلبون الطعام والثياب للسجن كل أسبوع، دون أن يكونوا على دراية بوفاة قريبهم.
كانت مذبحة أبو سليم من شرارات احتجاجات فبراير/شباط 2011 التي أسفرت في النهاية عن انتهاء حُكم القذافي. أدى اعتقال قيادي بجمعية أهالي الضحايا في 15 فبراير/شباط في بنغازي إلى مظاهرات سرعان ما استشرت عندما ردت الحكومة عليها باستخدام القوة.
وقال فريد آبراهامز: “لابد أن تسرع سلطات العدالة الليبية بعجلة تحقيقات قضية سجن أبو سليم وأن تقاضي الجناة المشتبهين مع الاحترام الكامل للقانون”. وتابع: “سوف يساعد هذا كما نأمل في إغلاق صفحات هذا الفصل المظلم من تاريخ ليبيا”.
اترك تعليقاً