ليس بغريب القول إن ليبيا من أهم معابر الهجرة من أفريقيا إلى أوروبا منذ زمن بعيد يشهد عليه تاريخ المنطقة، إلا أن مع تطور الظروف السياسية وتزايد المتطلبات الاقتصادية وغياب العدالة الاجتماعية، الأمر الذي زاد من معدلات الهجرة من أفريقيا إلى أوروبا، حيث ترغب أوروبا في الأيدي العاملة، ويرغب الأفارقة في الخروج من الفقر وعدم الاستقرار وسوء المعيشة إلخ… إلى حياة أخرى مختلفة تماما، يشعرون فيها بظروف أفضل وحياة أنعم وهامش كبير من الحريات.
تبقى تلك الأحلام بين مطرقة الأوربيين الذي يرغبون في استخدام الأفارقة وفقا لسياساتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية أيضا، وينعكس ذلك بوضوح من خلال تعامل المنظمات الدولية المعنية والاتحاد الأوروبي مع ملف الهجرة الذي يشوبه الفساد المالي والأخلاقي والسياسي، حيث تقوم تلك المؤسسات بالتعامل مع هذا الملف باختلاف تام من منطقة إلى أخرى.
ويتضح ذلك من خلال أزمة المهاجرين في تونس وتعامل الأوروبيين معها، لم نر إعلان أوروبي أو غربي أو أممي إلا متأخرا ندد أو هدد تونس وأجهزتها الأمنية على كيفية تعامل الحكومة التونسية مع المهاجرين بكل الطرق التي تطرق إليها الإعلام الدولي.
وسبق أن شاهدنا عشرات المرات مطرقة الأوروبيين تدق رؤوس الحكومة الليبية والشعب الليبي بأكمله، واتهامه بتهم عدم الإنسانية وعدم احترام حقوق الإنسان وحقوق المهاجر، بل ذهب بهم الأمر أن قاموا بتمثيل أفلام وثائقية مزورة لاثبات التهم على المؤسسات الليبية ناهيك عن دعمهم لمراكز إيواء غير شرعية وخارج سيطرة الدولة، الأمر الذي شجع عصابات الجريمة المنظمة على احتجاز المهاجرين وخصوصا في الجنوب الليبي.
إن غياب الرؤية الواحدة واستراتجية موحدة لإدارة ملف الهجرة عن الحكومات الليبية المتعاقبة، هو الأمر الذي دفع بالأوروبيين والمنظمات الدولية المعنية بإدارة الملف بانفراد وفقا لما يخدم مصالحهم السياسية والاقتصادية والأمنية.
وبناء عليه.. فإننا كمواطنين ومراقبين لهذا الملف الخطير بتداعياته الأمنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية، وبأبعاده الإنسانية والإقليمية والدولية، يتحتم على الحكومة الليبية تبني سياسة موحدة وحازمة وفقا لرؤية استراتيجية تخدم المصالح الليبية أولا في جميع أبعادها مع مرعاة الجانب الإنساني وفقا للتشريعات الليبية النافذة وبالتعاون مع المجتمع الدولي بما لا يتعارض وسياسات الدولة الليبية أمنيا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً