الأنظار فى هذه الأيام تتركز على ما يصدر عن السيد عبدالرحيم الكيب رئيس الحكومة المؤقتة من تصريحات نارية شديدة اللجهة ضد رئيس المجلس الإنتقالى وأعضائه المعروفين والمجهولة أسمائهم ، السيد الكيب إتهم علناً المجلس الإنتقالى بإتهامات لا تليق بوضع المجلس الذى إستلم مقاليد الأمور لأكثر من 14 شهراً وقبلناه بما فيه وعلى مضض … صحيح أن المجلس غير منتخب وتواجد فيه بعض من الإنتهازيين ولم يأخذ الشرعية الكاملة من الشعب الليبى بل كان توافقياً وهو ما سّهل إختراقه وتجاوزه بإستخدام هذه الكلمة وهى (التوافق) فى ظل عدم وجود الشفافيه والرقابة والمتابعة وديواناً للمحاسبة يتقى الله ويراعى الإستنزاف الذى يتعرض له المال العام ، وهنا أود القول .. إن ما جاء فى تصريح السيد الكيب يعد سابقة خطيرة قد تصل إلى القطيعة وإعلان الحرب الكلاميه التى يُستخدم فيها عادة الإتهامات المباشرة وغير المباشرة وقذائف الطعن المزودة بملفات التزوير والإختلاس وربما تصل إلى كشف أسرار بعضهما لتكون (على عينك يا تاجر) كما يقول المثل الشعبى الليبى . هذه الحرب ستظل بين المجلس والحكومة حتى إشعار آخر وإلى أن تبدأ جهات من خارج الوطن بكشف المستور وما أكثر من ذلك إن وجد وصولاً إلى الإنتهاكات الماليه والإدارية والفضائح السياسية التى ربما تكون رُصدت فى الفترة السابقة من إستباحة المخابرات العالميه لوطننا وهنا سيُدلى كل واحد بدلوه ليشارك فى زيادة وتعميق الخلافات على كافة الأصعده وحسب ما يحقق مصلحته حتى يصل لهيب النار إلى ابعد ما يكون والخاسر فى ذلك شعبنا الليبى الذى ينتظر الأمن الأمان والإستقرار والتعليم والصحة والنماء والبدء فى إصلاح وتطوير البنية التحتية .
على أية حال فإن تصريح السيد الكيب الذى جاء فيه (وقال الكيب، في بيان صحفي، “أصبحت الحكومة بمبرر أو دون مبرر هدفا لحملة إعلامية شرسة من قبل المجلس أو بعض أعضائه، همها التهجم على الحكومة وتسفيه أعمالها والانتقاص مما حققته في هذه الظروف الصعبة من أعمال تخدم الشعب الليبي.) هذا التصريح يعد نقلة نوعية فى إستعراض العضلات فمنذ زمن قريب كان المجلس والحكومة (سمن على عسل) يطبخون كما يشاؤون ونحن فى ليبيا لا نشاهد ولا نسمع ولا نشتم رائحة الطبيخ والموائد الفاخرة إلا من الإعلام الغربى أو من خلال قنوات فضائية ليبية تُعتبر معارضة بعض الشئ لتصرفات الحكومة والمجلس ، هذا الكلام أيها السادة يؤكد أن الحكومة بدأت فى إيجاد مبررات للفشل الذى نشاهده كل يوم فى عدم إيجاد الحلول للملفات العالقة وعلى رأسها ملف الشهداء والجرحى والمفقودين وملف تسليم الأسلحة وهدر المال العام حتى أن أحد المسئولين الكبار صرّح منذ أيام بقوله أن المصرف الليبى المركزى ربما سيُعلن إفلاسه .. شماعات من هذا وذاك إلى أن يأتى اليوم الذى سيصحو فيه الشعب الليبى العظيم بعد أن خاض حرب ضروس ضد أعتى قوة دكتاتورية فى هذا العصر ، فشعبنا لا زال تحت الصدمة ولكنه لن يفرّط فى مستقبل أبنائه لكل من هب ودب ولن يسمح للشماخ القطرى أو الدشداشه الإماراتيه أو القبعة الفرنسيه أو البدله الستايل الإيطالية تتحكم فى مصيره إلى الأبد ، فلا تندهشوا عندما تُشاهدون أن الثوار الحقيقيون إنقضوا على هذه الحكومة أو بعض أعضائها وإستبدلوهم بأعضاء فى مستوى الأحداث الراهنة وقلتها فى مقالة سابقة (سيخرجون عليكم بالشباشب والعصى) والعاقل يفهم .
كنا نتوقع أن بعد تصريح الكيب ستتوقف التصريحات المُضاده فنحن نعتبر المجلس هو (الكبير) ولا كبير إلا الله تعالى ، وكما يُقال أن الكبير ديما كبير وإللى ما عندا كبير يشرى كبير ويبدوا أننا لم نشترى كبير ، فإذا بالمتحدث بإسم المجلس يأخذ وضع (الإنبطاح ) كما يُقال عند العسكريين ويبدأ فى إطلاق النار حيث أدلى بتصريح نارى ملتهب قال فيه السيد محمد الحريزي( أنه رغم كثرة الملاحظات وضعف أداء الحكومة والشكاوى المتكررة من بعض الوزراء على عدم قدرة رئيس الوزراء على العمل مع وزرائه بروح الفريق وغياب الجرأة في اتخاذ القرارات الحازمة ، مما تسبب في الوصول إلى ما وصلنا إليه في التأخر في إنجاز أهم الملفات المنوطة بالحكومة وهي الملف الأمني واستيعاب الثوار ورعاية الجرحى ) . أى يا سيادة المتحدث أن (الكارطه فارشه) كما يقول البعض .
المهم عندما كنا ننتقد المجلس والحكومة من خلال ما نكتبه بالمواقع الوطنيه والصحافة المحلية كانت تصلنا بعض الإعتراضات شديدة اللجهة ويصفنا البعض بالتسّرع ومنهم من وصل بإتهامنا بأننا نستظل تحت أجندات خارجية وهذا بعيد الإحتمال ولن يكون ذلك ولو على أجسادنا ، فنحن لدينا أجندة واحدة وهى حماية الوطن من الدخلاء المستفيدين فى الماضى والحاضر وكشف كل من يحاول الإساءة إلى ثورة فبراير التى كانت تراودنا منذ أغسطس 1975م عندما كانت أول فرصة للتغيير والإطاحة بالقذافى يوم أن تواجد شباب من كلية الهندسه بجامعة طرابلس الذين كانوا فى برنامج علمى وتعليمى فى مدينة كونستانتا برومانيا وكانوا قد يتعرضون للسجن أو أكبر من ذلك لولا قدرة الله تعالى الذى حفظهم من براثن النظام وبفضل رجال شرفاء مسؤولين فى تلك المرحلة وهذا الموضوع سأتطرق له فى مقالة مفصلة ولن تتأخر كثيراً وحتى تكتمل الوثائق والمستندات وشهود العيان والتقارير الأمنية التى سُلمت لأجهزة القذافى ومن (من) وبالإسم … فهناك من كانت الثورة هاجسه والتغيير حُلمه منذ (37 سنه ) ومنهم من حُرم من حقه المشروع فى الدراسة وليس ممن جاءوا صدفة بعد ثورة فبراير ولم نسمع عنهم ولم يكن لهم أى صدى على مدى عقود فى محاربة النظام وفساده وقد كانوا أول المستفيدين من نظام (القذافى) واليوم يتبجحون ويطلقون العنان لألسنتهم سواءً فى المجلس أو الحكومة أو من يكلفونهم كل يوم هنا وهناك حتى أصُبنا بالغثيان والصداع من بطولاتهم الوهميه بينما يتفرج الكثيرون ممن كان لهم مواقف مُشرفة من أجل الوطن لقد كانوا طلبة من الزاوية ومصراته وبنغازى ودرنه وطبرق، غير أن فرحة الإنتصار بتحرير الوطن يعتبرونها إنتصاراً للجميع أفلا يوجد منصف أو وطنى يقدّر ما تعنيه كلمة الوفاء لكى يُعطى كل ذى حق حقه ولو كان معنوياً بذكرهم على الملأ ولكن يبدوا أن هذا بعيد الإحتمال أن نسمعه من مجلس وحكومة همهما الوحيد التراشق بالتصريحات وإستخدام عدم التفاهم بينهم كشمّاعات يُعلق كل واحد منهما على الآخر إلى أن ينهار البيت الداخلى الليبى بسببهم وبسبب تمسكهم بالكراسى لإطالة عمر مجلسهم وحكومتهم وبهذا سيُعطوا المجال والفرصة للتدخل الأجنبى وتفكيك اللُحمة الوطنية والنسيج الليبى ، فأتقوا الله فينا وأعلموا أن (ما خاب من إستشار) حتى ولو كنتم مستشارين !! والله من وراء القصد .
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً