مقدمة:
بعد انطلاق ثورة فبراير واستلام المجلس الوطني الانتقالي لمقاليد الأمور في البلاد وحصوله على دعم شعبي واعتراف دولي أصبح المجلس الوطني الانتقالي بمثابة مجلس لقيادة الثورة – امتلك صلاحيات واسعة بحكم الامر الواقع فقام بإصدار الإعلان الدستوري في 3 أغسطس 2011م وأعلن تحرير البلاد في 23 أكتوبر وانتصار الثورة وبذلك طويت صفحة الثورة وانتهت حالة الضرورة وهو ما أكدته المحكمة العليا في قضية الطعن الإداري رقم 10 لسنة 59ق الصادر في 9 أغسطس 2016م وبناء على ذلك لم يعد هناك قوة قاهرة فعادت الأوضاع إلى حالة الاستقرار بحكم القانون والقضاء والواقع وإعلان التحرير هو إعلان لانتهاء الثورة وبدء مرحلة الاستقرار.
أنواع نظام الحكم في ليبيا:
1. نظام الحكم البرلماني:
وبالرجوع إلى الإعلان الدستوري يتبين أنه صمم نظاماً للحكم البرلماني في الدولة الليبية يتولى فيها المجلس الانتقالي اختيار رئيس للحكومة والمصادقة عليها بصفته الجهة التشريعية وهو نفس النهج الذي اتبعه المؤتمر الوطني العام فيما بعد.
فقد حل المؤتمر الوطني العام محل المجلس الانتقالي في قيادة ورئاسة البلاد بطريقة سلمية بعد العملية الانتخابية وتم الاعتراف بشرعية المؤتمر الوطني العام في الداخل والخارج وقبل انتهاء مدته قام بإصدار القانون رقم 10 لسنة 2014 بشأن انتخاب مجلس النواب في المرحلة الانتقالية الصادر في 31 مارس 2014م وتزامن ذلك مع حكم الدائرة الدستورية في قضية الطعنين الدستوريين القاضيين بعدم دستورية التعديل الثالث للإعلان الدستوري وهذين الحكمين لا علاقة لهما بقانون انتخاب مجلس النواب ولا يوجد أي طعن مطروح امام القضاء في قانون انتخاب مجلس النواب ومؤدى ذلك ان حكمي الدائرة الدستورية قضيا ببطلان التعديل باعتباره جاء دون مراعات للنسبة القانونية الواجبة للتعديل (وهي الثلثين + 1) فقد جاء فاقداً للنصاب القانوني اللازم للتعديل وبدلاً من أن يتولى المؤتمر الوطني العام تصحيح خطأه الذي ارتكبه في عدم مراعاة نصاب التعديل وإعادة اصدار التعديل تلكأ في القيام بواجباته وفي هذه الحالة وحتى على فرض صدق مزاعمه كان ينبغي عليه وعلى مجلس النواب طلب تفسير من المحكمة العليا لحكم الدائرة الدستورية (وطلب تفسير الاحكام مسألة معروفة وشائعة في الفقه والقضاء الليبيين) غير أن تعنت المؤتمر الوطني في تسليم السلطة لمجلس النواب بدون وجه حق وبدون أي سند من القانون وامتناع مجلس النواب عن طلب التفسير أدى إلى تنازع الجهتين على السلطة، وبناء على الصراع الذي تم بين الجهتين التشريعيتين على السلطة ضاعت ليبيا بين حفنة من المتعطشين للسلطة وسفك الدماء والاستيلاء على المال العام فتدخل المجتمع الدولي لحل الصراع من خلال عقد لقاءات بين ممثلين عن المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب انتهت بالاتفاق السياسي الليبي الذي كان ينبغي أن يصادق عليه من مجلس النواب، ويضمنه للإعلان الدستوري، وفقاً لتعهداته أمام المجتمع الدولي وبدلاً من المصادقة على الاتفاق وتضمينه للإعلان الدستوري قام بتجزئته بأن قام باعتماد المجلس الرئاسي كسلطة تنفيذية للبلاد ورفض تضمينه للإعلان الدستوري رافضاً بذلك الإيفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية والوطنية، وكل ذلك أمام تخاذل البعثة والمجتمع الدولي.
2. نظام الحكم الرئاسي (النموذج الأمريكي):
وخلاصة الاتفاق السياسي الذي اعتمده مجلس الأمن واعتراف مجلس النواب بالمجلس الرئاسي رئيساً للسلطة التنفيذية وفقاً لما تم اعتماده أدى إلى تغير نظام الحكم من نظام حكم برلماني إلى نظام حكم رئاسي والشواهد كثيرة منها شغل السيد فايز السراج وحكومته لمنصب رئيس المجلس الرئاسي وعدم تعيينه لرئيس حكومة متخذاً بذلك النموذج الأمريكي في قيادة السلطة التنفيذية ووفقاً للأسس والقواعد المعروفة في الفقه السياسي فإن رئيس الدولة (سواء كان فرد أو مجموعة) هو/هم من يختص بتعيين رئيس الحكومة.
3. نظام الحكم شبه الرئاسي (المختلط – النموذج الفرنسي):
وبناء على تفاهمات برلين (1 – 2) وما تمخض عن اجتماعات بوزنيقة وجنيف فقد تغير نظام الحكم من رئاسي إلى ما يشبه النظام شبه الرئاسي (المختلط) متخذاً النموذج الفرنسي مثلاً لذلك وبتطبيق القواعد المعروفة في الأنظمة السياسية التي تحكم العالم فإن مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لا علاقة لهما باختيار رئيس الحكومة ولا بتشكيلها بل يعتبر اختصاص أصيل للمجلس الرئاسي ولجنة الحوار السياسي السابقة أو اللجنة رفيعة المستوى التي أعلن عنها السيد باتيلي في إحاطته الأخيرة أمام مجلس الأمن استناداً إلى المعطيات المذكورة وكافة المناورات التي يقوم بهما المجلسين المنتهية ولايتهما تهدف إلى تمديد بقائهما في المشهد السياسي وإطالة عمر الأزمة في ليبيا والتلذذ بمآسي الليبيين وامتهان سيادة الدولة الليبية وجعلها دولة تابعة لعشرات الدول الأجنبية وساهموا في فتح الأراضي الليبية أمام مختلف بلدان العالم لإقامة القواعد الأجنبية وجلب المرتزقة واحتلال البلاد بعد أن عجزوا على السيطرة عليها وبطريقة يخجل منها أكثر العملاء وقاحة بما في ذلك الذين جلبوا وساعدوا المستعمرين الطليان في القرن الماضي (المطلينين) مرتكبين عددا لا يحصى من جرائم الخيانة العظمى وجرائم الحروب وسفك الدماء التي لا يتسع المجال لسردها وفقاً للتشريعات الليبية وما نصت عليه المادة الأولى من القانون رقم 11 لسنة 1997م التي تنص على: (لا تسقط الجريمة ولا تنقضي الدعوى الجنائية بمضي المدة).
وتأسيساً على ما سبق: فإن المجلس الرئاسي هو رئيس الدولة والقائد الأعلى للجيش وصاحب الحق في اختيار رئيس حكومة الانتخابات بلا منازع إذا أراد المجلس الرئاسي القيام بواجباته وفقاً للقانون والأسس الديمقراطية المتبعة في بلدان العالم والاتفاق السياسي الليبي وتفاهمات برلين وجنيف وعلى المجلس الرئاسي تقع مسؤولية وضع حد للفوضى التي تدار بها البلاد في الوقت الحالي بصفته الشريك الاستراتيجي للبعثة حسبما أفاد السيد عبد الله باتيلي المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس البعثة الأممية للدعم في ليبيا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً