مع بداية عام 2025، يبدأ الإسرائيليون في مواجهة فاتورة قيمتها 40 مليار شيكل (11 مليار دولار)، للمساهمة في تمويل الحرب، عبر سياسات تقشفية باتت تعني ضرائب أعلى، وأسعار أعلى للغذاء والمياه وفواتير الكهرباء، ما ينذر بتعمق الانقسامات السياسية والاجتماعية.
ودخلت حيز التنفيذ مع بداية العام الجديد إجراءات ضريبية جديدة، بالإضافة إلى زيادة بقيمة 1% على ضريبة القيمة المضافة، ما يعني زيادة الضغوط المعيشية، والتي باتت القضية رقم 1 التي يتحدث عنها الراديو ووسائل الإعلام في إسرائيل.
وتفرض موازنة 2025 إجراءات تقشفية بهدف خفض العجز من 7.7% من الناتج المحلي الإجمالي حالياً، وهو أعلى من هدف عام 2024 البالغ 6.6%، إلى 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي عن طريق خفض الإنفاق وزيادة الضرائب بما يوفر نحو 40 مليار شيكل (نحو 11 مليار دولار).
ووضعت صحيفة” ذا ماركر The Marker” الاقتصادية الإسرائيلية، حاسبة إلكترونية على موقعها على الإنترنت تقدر قيمة الزيادة في إنفاق الإسرائيليين سنوياً، بناءً على عدد من الأسئلة.
وقالت آدي آينبايندر: “ستكلفنا الزيادة 17 ألف شيكل سنوياً”، وأضافت: “بعمر 40 عاماً، أنا زوجي أصبحنا مجبرين على اللجوء لآبائنا. يفترض بنا أن نساعدهم الآن، وبدلاً من ذلك نشعر أنه تم الدهس علينا”.
ومنذ اندلاع حرب غزة قبل 15 شهراً، أعادت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تشكيل أوضاع الأمن القومي، وأصبح شعار نتنياهو “لن يحدث مجدداً”، في إشارة إلى هجوم حماس في 7 أكتوبر، بمثابة تأكيد على أن الإنفاق العسكري سيظل في مسار تصاعدي على المدى البعيد.
ورفعت الحكومة ميزانية الدفاع بمقدار 20 مليار شيكل سنوياً على الأقل، وهو ما يشكل 1% من الناتج الإجمالي المحلي، لمدة عقد من الزمن.
وجاءت ميزانية الدفاع لعام 2025 بإجمالي 107 مليار شيكل، بزيادة قدرها 65% عن مستويات ما قبل الحرب.
وقال مومي داهان أستاذ الاقتصاد الإسرائيلي: “حتى الآن، لم يشعر الإسرائيليون مباشرة بتكاليف موازنة الحرب. أغلبها ممول بقروض حكومية. الآن، الحكومة ستقترض أقل، وستجمع الباقي من الناس”.
وفيما دمرت الحرب قطاع غزة، وأجزاء كبيرة من جنوب لبنان، عانى اقتصاد إسرائيل الذي يبلغ حجمه 525 مليار دولار، إذ انخفضت السياحة وتباطأ قطاع البناء، وشهدت كافة الصناعات تقريباً نقصاً في العمالة، مع استدعاء عدد كبير من جنود الاحتياط إلى الخدمة.
وتقدر الحكومة الإسرائيلية ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بـ0.4% العام الماضي، في أحد أبطأ معدلات النمو بالاقتصادات المتقدمة، ويتوقع أن يشهد 2025 تحسناً، ولكن إجراءات التقشف من المرجح أن تحد من هذا التحسن.
ويرى محللون أن التغيرات الجديدة ستزيد الاستقطاب في المجتمع الذي يشهد هجرة العمالة الماهرة، وبعضهم يخدم في الجيش لفترات طويلة بالفعل.
وقال المحلل النفسي الإسرائيلي مولي لاحاد: “الفرق سيكون بين هؤلاء الذين سيقبلون، وهؤلاء الذين سيشعرون بالضيق، وأنهم مهملون من جانب الحكومة”، واعتبر أن القطاع الأخير من الإسرائيليين هم عادة “العمود الفقري للاقتصاد الإسرائيلي، وربما ستكون هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لهم”.
وفي 2024 اقترضت إسرائيل أكثر من 260 مليار شيكل من الأسواق المحلية والدولية، في معدل قياسي، وهو ما أدى إلى عجز بالموازنة بلغ 7.7%، ولمنع الديون من الخروج عن السيطرة، تستهدف موازنة 2025 عجزاً حول نسبة 4.5%، وفق “بلومبرغ”.
وقالت وكالة “بلومبرغ” إن زيادة الضرائب والإجراءات المالية الأخرى، لتعزيز مالية الحكومة، ستجعل واحدة من أغلى الدول من حيث تكلفة المعيشة”.
وللسنوات الثلاث المقبلة، لن يتم تعديل ضرائب الدخل، والمنافع الضريبية الأخرى، وبعض الإعانات التي تصرفها الدولة، لمواجهة التضخم، الذي وصل إلى 3.5%. وسيتم تجميد الرواتب الحكومية، كما ستزيد الضرائب على الممتلكات بنسبة 5%، وهي النسبة الأكبر منذ 15 عاماً.
وفشل الائتلاف في إغلاق أي من الوزارات التي يفوق عددها 30 وزارة، لأن أعضاء الائتلاف لا يريدون مغادرة مناصبهم، ويصرون على الإبقاء على مليارات الشيكلات في شكل إعانات للمصوتين لهذه الحكومة. وألغت الحكومة أيضاً زيادات كانت مقررة على المشروبات ذات محتوى السكر العالي، وفق “بلومبرغ”.
وفيما تبدأ إجراءات التقشف بفرض وطأتها، فإن هذا قد يدفع المزيد من الإسرائيليين إلى الهجرة، إلى الخارج، وفق “بلومبرغ”، التي أشارت إلى أن عدد الإسرائيليين الذين غادروا تضاعف خلال العامين الماضيين، وفق ما أظهرت بيانات حكومية.
اترك تعليقاً