العربي الجديد
بدا حكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا الليبية مفاجئاً، حتى لأشدّ مناوئي مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق، إذ لم يكتفِ فقط بعدم شرعية انعقاد مجلس النواب الليبي خارج مدينة بنغازي، واعتباره مخالفا للتعديل الدستوري السابع الذي أقرّه “المؤتمر الوطني العام” (البرلمان السابق) بناء على مقترحات “لجنة فبراير”، بل ذهب إلى أبعد من ذلك بكثير، بتأكيده أن “المادة الحادية عشرة من التعديل الدستوري السابع غير دستورية، بسبب عدم اكتمال نصاب المؤتمر الوطني عند إقراره هذا التعديل، الذي يفترض حضور 134 عضواً، وهو ما لم يحصل، إذ تم إقرار القانون بـ121 صوتاً”.
ويعني ذلك أن جميع القوانين الصادرة بناء على هذا التعديل، والخاصة بانتخاب مجلس النواب الليبي غير دستورية، وبالتالي انهيار الأساس القانوني والدستوري الذي تمّ على أساسه انتخاب مجلس النواب الليبي المُنعقد في طبرق.
ويعني ذلك أن التسريع من قبل قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر بالسيطرة على أجزاء من بنغازي، وعقد جلسة أو جلستين لمجلس النواب الليبي، الذي تبنّى “عملية الكرامة” رسمياً، لم يكن يعني شيئاً وفق هذا الحكم. ولم يكن حكم المحكمة مبنياً على شكليات دستورية، خالفها الداعون لانعقاد المجلس في طبرق، أو تمثيل المؤتمر الوطني العام بجلسة الاستلام والتسليم، أو مكان الانعقاد، بل بنى مستشارو المحكمة العليا حكمهم على أصل نشأة وتكوين المرحلة الانتقالية الثالثة، التي فرضتها ضغوطات حركات “لا للتمديد ضد المؤتمر الوطني العام”، وهو التعديل السابع، الذي اعتبر الحكم أنه لم ينل المشروعية الدستورية المطلوبة من حيث نصاب إقراره.
بدت ردود فعل أعضاء مجلس النواب الليبي مرتبكة حيال القرار، ففي الوقت الذي أعلن فيه بعض الأعضاء التزامهم بالحكم عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، كعضو مجلس النواب عن طرابلس، حمودة سيالة، رفض آخرون، حتى قبل صدور الحكم، الامتثال لقرار الدائرة الدستورية، معتبرين بأنها “واقعة تحت ضغط قوات فجر ليبيا، التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس”، كما يفيد العضوان عيسى العريبي وأبو بكر بعيرة من بنغازي.
وفقد القادة والمنظمات الموالية لـ “عملية الكرامة”، بمن فيهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، بموجب هذا الحكم كل سند شرعي للعملية، سواء في بنغازي، أو “جيش القبائل” و”القعقاع” و”الصواعق” و”المدني” المرابطة في مدينة الزنتان. وأضحى موقف العملية، قانونياً، أقلّه، غير مبرر وغير شرعي إطلاقاً، وباتت التشكيلات العسكرية غير قانونية، ولا يترتب عليها أي آثار مادية أو قانونية في المستقبل.
إلا أن خبراء عسكريين ومراقبين سياسيين توقّعوا ألا يشكل حكم الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، فارقاً كبيراً على “عملية الكرامة”، والتي ستستمر لتحقيق هدفها في السيطرة على مدينة بنغازي وغيرها من مدن شرق ليبيا. ويأمل قادة العملية، أن يُسيطر حلفاؤها في الغرب على طرابلس.
وبحسب المعلومات الواردة من بنغازي، فإن قوات حفتر تحاصر المدينة من كل المداخل البرية، وتقصف الأحياء التي يسيطر عليها مقاتلو “مجلس شورى ثوار بنغازي” بالأسلحة الثقيلة، والتي تحصّلت عليها أخيراً من “مصر والإمارات العربية المتحدة”، بحسب تقارير إعلامية.
وسقط حتى الآن، نحو 200 قتيل و300 جريح لقوات “مجلس الثوار”، دون أن يتمّ تعويضها بقوات إضافية أو إمدادها بأسلحة بسبب الحصار. وتدلّ مؤشرات العملية، أن حفتر، لن يفرّط في إمكانية إحراز نصر بات وشيكاً، خصوصاً وأن داعميه الإقليميين لن يتوقفوا عن إسناده حتى تحقيق السيطرة على بنغازي، إلا إذا دخلت عوامل أخرى تغيّر من طبيعة المعركة، كأن تقرر قوات “فجر ليبيا” الدخول على خط معركة الشرق، وهو أمر بات متوقعاً بحسب متابعين.
اترك تعليقاً