قبل أيام نشرت منظمة مراسلون بلا حدود تقريرها السنوي حول حريات الصحافة في العالم , ومنها عالمنا العربي , فكانت قائمة الدول التي تعتبر مناوئة لحرية الصحافة تضم إيران وسوريا والصومال والسعودية والمجلس العسكري المصري وإسرائيل .
وقالت في تقريرها انه منذ مطلع العام الجاري يقتل صحفيا كل خمسة أيام . وهذا رقم مخيف , وخصوصا إذا أضفنا إلى الرقم الجرحى والمصابون والسجناء والمبعدون , فتكون لدينا صورة مظلمة لما يحدث لحرية الصحافة في العالم .
ولكن هذه الضريبة التي يدفعها الصحفيون , تدفع عن ثقة بأن من حقك وحقي وحق لكل مواطن أن يعرف وجهات النظر المختلفة حول موضوع ما , بل وبعض الأحيان , تكون ليست وجهة نظر بل حقائق صارخة ,
بالطبع لا يحجب الحقيقة إلا من يخاف منها . ولكن أظن أن زمان الإرهاب الفكري وإخفاء الحقائق قد ولى , بظهور نوع جديد من الأعلام , إعلام الشعب أو إعلام المواطن , واقصد بهذا , تويتر والفيسبوك والمدونات والصحف الإلكترونية , وباتت الكثير من الأخبار من المناطق الساخنة في العالم تأتي من هذا الطريق . موثقة بالصورة أو مسجلة على شريط فيديو ,
كما بات الحكر على الآراء والرقابة عليها سياسة منتهية الصلاحية بانتشار المدونات الشخصية , بل أن بعضها يحظى بقراءات وتتبع اكثر مما تحظى به الكثير من الصحف الورقية .
ولهذا تسعى منظمة مراسلون بلا حدود إلى ضم المدونون لقائمة الحماية التي ينص عليها القانون الدولي .
ولكن هذا السعي سيواجه بعقبة كبيرة , وهي مقدار المسئولية على المدون في ما ينشره . فالصحفي معروف , ويمكن محاسبته على أخطاءه ولكن المدون أو صاحب صفحة على الفيسبوك أو تويتر لا يوجد عليه أي رقابة ذاتية , وخصوصا من يكتب بأسماء غير حقيقية أو رمزية , فتتبع مثل هؤلاء صعب , ويستغرق زمنا مما يجعل تأثيرات ما نشر قد تضاعفت . مثل هذه العقبة لا يمكن حلها إلا بتكاتف المدونون أنفسهم .
فليس كل من اصدر صفحة على الإنترنت يقول فيها ما يشاء يعتبر مدونا , بل يجب أن يكون هنالك ميثاق شرف يربطهم , ويصرون على عدم نشر الإشاعات , وعلى احترام حقوق الآخرين , حينها نستطيع كمدونين الانضمام إلى الحماية الدولية للصحافيين ,
هنا ونحن نطالب بحرية الرأي , وحرية الصحافة وحرية التدوين , في نقس الوقت نطالب بالمصداقية , فقديما كنا وكان آبائنا من الحكمة لكي يقولوا عن الكذب الذي تمتلئ به الصحف الرسمية بالقول ” كلام جرائد ” والآن أصبحنا نقول ” كلام انترنت “.
بالأمس حدثت مفارقة تبين ما أقصد , وصلني خبر مرض المستشار مصطفى عبدالجليل , فلم أنشره على صفحتي بينما نشر في الكثير من الصفحات والمواقع , وبعد التأكد من اكثر من مصدر عن صحة الخبر , نشرته على صفحتي في الفيسبوك . بينما سارعت الصفحات التي نشرت الخبر إلى تكذيب ما نشروه , ولكن تبين لاحقا صحة الخبر , وهنا نأتي لمربط الفرس , وهي انعدام آلية توثيق الخبر أو تكذيبه لدى هؤلاء , وهذه الآلية هي ما أطالب به .
هنالك فرق بين نشر خبر , أو نشر رأي , نشر الخبر يجب أن يكون له آليات معروفه لدى أي أعلامي , أما الرأي فلا يحكم عليه إلا كاتبه وقراءه , فمن يؤيد ومن يعارض ولا نحاسب إنسانا على رأيه .
أتمنى أن يعي إخواني وأبنائي المدونون الفرق بين الخبر والرأي , وفي نفس الوقت ارجوا أن تكون الآراء تصب في مصلحة الوطن والأمة .
وأتمنى قريبا أن ينظم المدونون إلى حماية القانون الدولي , ونحن نعمل لهذا , وسنحققه إن شاء الله .
وعلى دروب الحرية والكرامة نلتقي
صالح بن عبدالله السليمان
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً