اختتمت مساء أمس الثلاثاء بالجزائر العاصمة، أشغال الجلسة الافتتاحية للقمة العربية في دورتها العادية الـ31، بالتأكيد على ضرورة دفع مسار التكامل العربي والعمل على تحقيق مستقبل أفضل للمنطقة العربية من خلال استراتيجية شاملة لمواجهة مختلف الأزمات، وفق ما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية.
وشهدت الجلسة الافتتاحية تسلم الجزائر ممثلة في رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون رئاسة الدورة الـ31 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة من الرئيس التونسي قيس سعيد الذي ترأست بلاده الدورة الـ30 للقمة العربية سنة 2019.
وفي كلمة له عقب تسلم الجزائر للرئاسة، أكد الرئيس تبون أن هذا اللقاء العربي “بقدر ما يمثل فرصة لتجديد تمسكنا الجماعي بالمبادئ والأهداف التي تأسست من أجلها منظمتنا العربية وتعلقت بها آمال شعوبنا، يشكل أيضا محطة هامة لدفع متجدد لمسار التكامل العربي”.
وشدد تبون في هذا الإطار على أنه “أصبح من الضروري الإسراع في القيام بإصلاحات جذرية عميقة وشاملة لمنظومة العمل العربي المشترك حتى تتمكن الجامعة من الاضطلاع بدورها”، داعيا إلى “بناء تكتل اقتصادي عربي منيع يحفظ مصالحنا المشتركة مع تحديد الأولويات والتركيز على مجالات العمل المشترك ذات الأثر الإيجابي السريع والملموس على الشعوب العربية”.
وفي سياق آخر، دعا رئيس الجزائر إلى إنشاء لجنة اتصالات وتنسيق عربية لدعم القضية الفلسطينية، مبرزا استعداد الجزائر لنقل هذا المطلب الحيوي إلى الأمم المتحدة للمطالبة بعقد جمعية عامة استثنائية لمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة فيها.
من جهته أكد الرئيس التونسي قيس سعيد، أن القمة العربية بالجزائر ستسمح بجمع الإخوة العرب حول جملة من الحلول لتجاوز التراكمات والخلافات السابقة، منوها بجهود الجزائر في تحقيق لم شمل الدول العربية وبمساعي الرئيس تبون التي توجت باتفاق المصالحة بين الفصائل الفلسطينية.
وأشار إلى أن الدول العربية بإمكانها أن تؤسس معا في إطار جامعة الدول العربية, لمستقبل أفضل للمنطقة العربية وللأمة وللإنسانية جمعاء.
وفي كلمة له بالمناسبة كضيف شرف، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، على دور جامعة الدول العربية “الحيوي” في تحقيق السلام والتنمية المستدامة في العالم، واعتبر أنه في الوقت الذي يشهد فيه العالم انقسامات جغرافية سياسية متزايدة تصبح وحدة العالم العربي “أكثر أهمية من أي وقت مضى”، مضيفا أن “الانقسام يفتح الباب أمام التدخل الأجنبي والإرهاب والتلاعب والفتن الطائفية”.
وأكد غوتيريش أن القيادات العربية “قادرة باتحادها على تشكيل منطقة تحقق الاستفادة القصوى من إمكاناتها الهائلة، منطقة تركز على حل الخلافات من خلال الحوار المتجذر والمصلحة المتبادلة”.
ولدى تطرقه إلى القضية الفلسطينية، أكد غوتيريش على ضرورة إنهاء “المعاناة المستمرة” في فلسطين، مؤكدا أنه “لابد للسلام أن يتقدم, ولابد للاحتلال أن ينتهي”.
أما الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي ماكي سال، فاعتبر أن الدفاع عن القضية الفلسطينية يعد من بين المبادئ المشتركة بين الأفارقة والدول العربية، داعيا إلى تعزيز التعاون المشترك.
وفي ذات السياق، دعا رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي محمد موسى فقي، إلى بناء علاقات “أقوى” بين الاتحاد والدول العربية، مشيرا إلى أن المجتمعات الإفريقية والعربية تواجه تحديات صعبة تهدر طاقتها وتضر بشعوبها.
وبخصوص القضية الفلسطينية، أشاد فقي بجهود الجزائر لتوحيد الفصائل الفلسطينية، وأكد دعم الاتحاد لكفاح الشعب الفلسطيني من أجل استرجاع حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال، داعيا إلى “تضافر جهود الهيئتين وتعزيز التضامن والتنسيق من أجل نصرة الشعب الفلسطيني بصورة عملية وفعالة”.
من جانبه أعرب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، عن يقينه بأن الرئاسة الجزائرية للدورة ستمضي قدما بأعمال جامعة الدول العربية، وبأن هذه الدورة ستكلل بـ”النجاح والفعالية”.
ودعا من جهة أخرى إلى مضاعفة الجهود الدولية لتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وتلبية حقوقه الأساسية، معبرا عن دعم منظمة التعاون الإسلامي لإعلان الجزائر للم الشمل الفلسطيني الذي قال أنه يشكل “مرحلة هامة وحاسمة” لإنهاء الانقسام بين الفصائل وتوحيد صف الشعب الفلسطيني.
وبدوره أعرب رئيس جمهورية أذربيجان الرئيس الحالي لحركة عدم الانحياز إلهام علييف، عن تأييده للقمة العربية المنظمة بالجزائر، مشيدا بمبادرة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون, الرامية للم الشمل العربي.
هذا وأكد الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، على الحاجة الماسة لاستراتيجية شاملة لمواجهة الأزمات المتعددة التي تعرفها الدول العربية، وضرورة “تعريب” حلول الأزمات بالمنطقة، معربا عن يقينه بقدرة العرب على “فعل الكثير إن هم حشدوا الإمكانيات العربية الكبيرة والمتنوعة”.
وأكد بخصوص القضية الفلسطينية المحورية، أن الدفاع عنها “واجب عربي” مبرزا أن “الإجماع العربي لازال معلقا على حل الدولتين في حدود 1967 والطريق لذلك يكون عبر سياسة جادة”، ودعا المجتمع الدولي والأمم المتحدة للانضمام إلى الدول العربية في هذا النضال السلمي، بالاعتراف بالدولة الفلسطينية والموافقة على عضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة.
ومن المنتظر أن تستأنف أشغال القمة العربية اليوم الأربعاء، بتدخل قادة ورؤساء الوفود المشاركة.
اترك تعليقاً