يعد كأس العالم لكرة القدم من أكبر الأحداث الرياضية التي يعيشها العالم كل أربع سنوات لكنه في هذه السنة كان له نكهة خاصة حيث لأول مرة يقام في دولة عربية وهو الحدث الذي عادة ما يسيطر عليه الكبار فيصنعونه كما يشاؤون وفق ثقافة أحادية وأراء وتوجهات وعادات وتقاليد غربية حيث لم تعد هناك في الغرب عادات ولا تقاليد ولا أعراف ولا حدود ولا قيم اجتماعية ولا أخلاقية والذي درس أو يعرف المجتمع الغربي يعرف أنه كان لديه تقاليد وعادات ليست بعيدة عن تقاليدنا وعاداتنا ويخبرك كثير الغربيين خاصة كبار السن الذين عايشوا تلك الفترة عن هذه العادات ولكنهم انقلبوا عليها بحجة التقدم والحرية المطلقة فأصبح للقرود عندهم عنوان نسأل الله السلامة لمجتمعاتنا!.
ولكن المستضيف لدورة كأس العالم لهذه السنة 2022 قطر كان لها رأي آخر لقد فتحت أبواب بيتها كعادة العرب فمن صفاتنا إكرام الضيف، وهكذا فعلت قطر ولكن وفق شروط البيت العربي الإسلامي الذي يفتح ذراعيه للجميع ليدخل الضيوف، ولكن ليعرفوا ويتعلموا قبل ذلك أن بيوتنا يجب أن تكون نظيفة لأننا نقابل الله فيها وصلواتنا تقام فيها فيجب أن تكون نظيفة ولذلك نخلع ويخلع ضيوفنا ومن يدخل بيوتنا الأحذية لنحافظ على نظافتها وهكذا فعلت قطر فكان لها شأن آخر غير مألوف في عالمنا اليوم وفي مثل هذه المناسبات الدولية.
أُعلنت الحرب على قطر قبل ضربة البداية منذ أن صرح اللاعب الدولي المصري السابق محمد أبو تريكة في لقاء مرئي أن ليس للمثلية والشذوذ مكانا في هذه الكأس لأننا شعب مسلم وهذا ضد ديننا وتقاليدنا قائلا “المجتمع العربي لن يغير دينه وعاداته وتقاليده من أجل 28 يوما” شكرا أبو تريكه، وأضاف يجب على العالم أن يتعرف عن قرب عن الطباع والأخلاق الإسلامية حينها قامت قيامة الدول الغربية وطلبوا من قطر استبعاد أبو تريكة لكن قطر كان لها رأي آخر فتم تعيين أبو تريكة سفيرا للمونديال بصحبة لاعبين عرب آخرين.
اشتدت أزمة الشواذ حين قام الفريق الألماني في صورة داخل الملعب بوضع لاعبيه أيديهم على أفواههم تعبيرا على معارضتهم لمنع قطر الدعاية للشذوذ الجنسي الذي اعتبروه ضد الحقوق وتمييز ثم عمدت وزيرة داخلية ألمانيا على وضع إشارة الشذوذ على ذراعها واخفتها بسترة نزعتها حين وصلت إلى كرسيها في المنصة لتصرح بعدها قائلة “سيكون من الأفضل عدم منح حق استضافة البطولات لمثل هذه الدول”، وفي نفس السياق رد جورج قالاوي وهو غربي من جنسها الأبيض وعميد سابق لبلدية لندن والمناصر لقضايا العرب موضحا ازدواجية المعايير عند الغرب حيث قال: “قولوها علانية كأس العالم لا يجب أن يكون في أي دولة مسلمة”. لقد ضربت قطر المناصرين للشواذ في مقتل عندما اختارت أن تبدأ مراسم الاحتفال بتلاوة الآية 13 من سورة الحجرات: “يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ”، كانت الرسالة واضحة أن البشر ذكر وأنثى وانتهى الكلام وأن الله خلق البشر ليتعارفوا لا ليتقاتلوا.
كان لقضية العرب والمسلمين فلسطين حضورا واسعا في كأس العالم 2022 بدأته قطر قبل بداية المنافسات حين منعت رفع علم دولة الاحتلال الصهيوني وجسدته الجماهير العربية في مدرجات الملاعب التي شاركتها جماهير من مختلف الدول العالمية بهتافها وترديدها لنشيد “أنا دمي فلسطيني” ولم يجد صحافيي دولة الاحتلال مكانا في قطر بمجرد أن يعرف المتحدث أن الصحافي إسرائيلي حتى يمتنع من الحديث له بل يواجهوا ببعض المشجعين ليقولوا لهم أننا لا نعرف دولة اسمها إسرائيل ولكننا نعرف فلسطين فعرف صحافيي الاحتلال أن اتفاقيات التطبيع التي وقعها بعض حكام العرب لا تساوي واقعا وبين الشعب العربي الحبر التي وُقّعت بها فتحية لجماهير المشجعين العرب خاصة وللشعب العربي عامة الذي لم ولن ينسى قضيته الأساسية وليبرهن أن الدم العربي الذي سفكه اليهود الصهاينة في فلسطين ومصر والأردن وسوريا ولبنان وكل الدول العربية ليس رخيصا؟.
لا أريد أن يفوتني هنا الإشادة بقطر على استضافتها للعالم الإسلامي الدكتور ذاكر نايك الذي كانت له جولات وصولات في الدعوة للإسلام حيث أسلم على يديه العشرات في هذه الكأس والذي أسلم على يديه أكثر من مليون إنسان في المقابل طلبت حكومة الهند من قطر تسليمه إليها بحج واهية أقل ما يقال فيها هي عداء حكومة الهندوس للإسلام وما تفعله بمسلمي الهند بغائب على أحد. أخيرا لقد نجحت قطر للتعريف بعادات وتقاليد العرب ورسالتها أن ديننا لا يقبل التفاوض على مبادئه وقيمه وأن المعاملة يجب أن تكون على أسس من الاحترام المتبادل وأن الأمة تستطيع أن تقاوم بشتى الوسائل وتقوم.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً