قراءة في قرار القائد الأعلى للجيش رقم 61 لسنة 2023 - عين ليبيا
من إعداد: سالم المعداني
في خطوة من خطوات التخبط وعدم القدرة على إدارة شؤون الدولة فاجأنا المجلس الرئاسي بوصفه القائد الأعلى للجيش بقراره رقم (61) لسنة 2023 بشأن إنشاء هيئة السيطرة والقضاء بالجيش الليبي دمج فيها الهيئة العامة للقضاء العسكري والمدعي العام العسكري وإدارة الاستخبارات العسكرية وإدارة المحاسبة المالية التي ربما يقصد بها إدارة الحسابات العسكرية وأشار في ديباجة قراره للإعلان الدستوري والاتفاق السياسي والقانون رقم 1 لسنة 1990 بإصدار قانون الإجراءات الجنائية في الجيش والقانون رقم 11 لسنة 2012 بشأن صلاحيات المستويات القيادية للجيش الليبي.
ثم أتى بأحكام مخالفة للتشريعات المذكورة جعلت من قراره مجرد قراراً معدوما وليس باطلاً وحسب كأن المخاطبين بأحكامه يجهلون كيفية إدارة الدولة وقوانينها.
وحيث قد قضت المحكمة العليا في فضية الطعن الإداري رقم 3 /6ق بأنه: (يكون القرار الإداري قابلا للإلغاء إذا شابه عيب الاختصاص أو الشكل أو مخالفة القانون أو الانحراف).
أ ـ إن عيب عدم الاختصاص يقع في صورة اغتصاب السلطة إذا ما كان القرار الإداري صادرا من سلطة اعتداء على سلطة أخرى.
وعيب عدم الاختصاص يتنوع فتارة يكون موضوعيا كأن يصدر موظف أو هيئة قرارا من اختصاص هيئة أخرى وتارة يكون عيب الاختصاص مكانيا كأن يصدر أحد رجال الإدارة قرارا يمتد أثره إلى خارج الحدود الإقليمية الموضوعية لمزاولة اختصاصه، وتارة يكون عيب عدم الاختصاص زمنيا كأن يزاول رجل الإدارة اختصاصه بعد فقدان صفته في مزاولة الأعمال العامة.
ب ـ يكون القرار الإداري معيبا في شكله إذا لم تحترم القواعد الإجرائية أو الشكلية المقررة لصدوره بمقتضى القوانين واللوائح سواء كان ذلك بإهمال تلك القواعد كلية أو بمخالفتها جزئيا، فإذا شرط القانون شكلا معينا أو اتخاذ إجراءات تمهيدية قبل إصداره أو استشارة هيئة من الهيئات مقدما ولم يتبع ذلك فى إصدار القرار فإنه يجوز التمسك بإلغاء القرار لهذا العيب ما دام أنه يؤثر في القرار من حيث موضوعه أو ينقص من ضمانات الأفراد.
ج ـ يجب أن يكون القرار الإداري مطابقا للدستور وللقوانين واللوائح ومبادئ القانون العام كالمساواة والحريات العامة وحق الدفاع وعدم رجعية القرارات الإدارية، كما يجب أن يكون مطابقا للعرف الإداري الذي تسير عليه الإدارة على نحو معين في مواجهة حالة معينة وألا يخالف حكما قضائيا صادرا من القضاء العادي أو الإداري له قوة الشيء المحكوم فيه وتتنوع مخالفة القرار الإداري للقانون فتارة تكون المخالفة لنص من نصوص القوانين واللوائح أو تطبيقها عندما يكون النزاع غالبا حول وجود القاعدة القانونية وتارة تكون المخالفة بالخطأ في تفسير القوانين واللوائح أو تطبيقها عندما تكون القاعدة القانونية غير واضحة وتحتمل التأويل فإذا كان تطبيق القاعدة القانونية مرهونا بتحقق حالة واقعية على نحو معين فإن تخلف الوقائع التي يقوم عليها القرار أو عدم استيفائها للشروط التي يطلبها القانون تؤدي إلى بطلان القرار الصادر على أساسها.
د ـ إن عيب الانحراف أو إساءة استعمال السلطة يقع عندما تستعمل الإدارة سلطتها التقديرية لتحقيق غرض لها به، وهو يشارك عيب مخالفة القانون في كون العيب موضوعيا ولكنه يختلف عنه في خصائصه وطبيعته.. فالقرار الإداري المشوب بعيب الانحراف سليم في عناصره الأخرى ومطابق للقانون من حيث محله ويظهر خطره في أن الإدارة تحاول أن تحقق جميع أغراضها غير المشروعة في حماية من مظهر المشروعية، فالعيب متعلق بأهداف القرار، وهذا العيب لا يثار أبدا إذا كانت القرارات تصدر من الإدارة بسلطتها المقيدة وإنما يُثار كلما كانت الإدارة تتصرف بسلطتها التقديرية فإذا استعملت الإدارة القرار لتحقيق أغراض غير الأغراض التي يجوز استخدام القرار لتحقيقها فإنه يكون باطلا لشائبيته بعيب الانحراف ولو تعلقت تلك الأهداف بالصالح العام.
ولما كان عيب الانحراف يتميز بأنه عيب خفي يستره مظهر من المشروعية الشكلية فإن مهمة إثباته دقيقة وتقع على عاتق طالب الإلغاء غير أن القضاء الإداري في الإلغاء لا يصل بتساهله إلى مجرد قبول القرائن السببية وإنما يستشهد بمجموعة من القرائن لا تدع سبيلا إلى الشك في الانحراف، أما قضاء التعويض فإنه يكتفي بأن يتضح من أوراق الدعوى أن القرار قد انطوى على تعسف في استعمال الحقوق الإدارية)).
وحيث قد استقر قضاء المحكمة العليا في الطعن الإداري رقم 15 / 36ق بأن: ((قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تصدي فرد أو هيئة إدارية للفصل فيما يختص به غيرها من الهيئات أو اللجان يجعل القرار لا وجود له لأن توزيع الاختصاصات يتعلق بالنظام العام وتـتصدى له المحكمة من تلقاء نفسها لأن توزيع الاختصاصات بين الجهات الإدارية مراعٌ فيه الصالح العام).
وقضت المحكمة العليا في الطعن الإداري رقم 1 /16ق بأن: (عيب اغتصاب السلطة عيب لا تغفره حالة الاستعجال ولا يجوز الاتفاق على مخالفته. وهذا العيب يعدم القرار الإداري ومن ثم لا يكون الطعن فيه مقيدا بميعاد).
وفي الختام نأمل من قادتنا إذا أرادوا أن يتركوا بصمة تستمر لسنوات أن يلتزموا بصحيح القانون وأن يدركوا أن قيادة البلاد وإدارتها هي إدارة مشتركة تجمع بين كافة القطاعات وأن يدركوا أن الوزراء هم مجرد ممثلين لهذه القطاعات وليسوا أدوات قمع وعلى الوزراء أن يتصالحوا مع موظفي القطاعات التي يمثلونها وأن يدركوا أن كافة قطاعات الدولة مليئة بالخبرات الممتازة ولا تنقصهم الوطنية ولا الفهم السليم ولا تعوزهم الوسيلة في توضيح الأمور وما ينبغي عمله فقط نحن بحاجة للبحث عنهم بعد أن خذلتهم الظروف.
جميع الحقوق محفوظة © 2025 عين ليبيا