التعديل الرابع لإتفاق الصخيرات الذي سيعرض من جديد في مقر الأمم المتحدة بجنيف في اليوم العاشر من أغسطس القادم سيكون الإتفاق النهائي للفرقاء الليبيين، إن إستطاعوا أو لم يستطيعوا وضع بعض التغييرات الشكلية المثيرة للجدل، وإن فشل الإتفاق فسيكون بداية أزمة جديدة قد يطول مداها.
لن نخوض في جذور المشكلة ولا في إنقسام الليبيون بين مجلس النواب والمؤتمر الوطني والكرامة وفجر ليبيا، ولا بين الداعين لإسترجاع النظام السابق وبين القطيعة معه، فهذه الموضوعات أشبعت بحثاً وتفصيلا.
إتفاق الصخيرات تم بلورته بناء على تفسير للحالة الليبية مفاده؛ أن الصراع الليبي القائم سياسي بين قوي متعددة، أرادت هذه القوى الفيدرالية والجهوية والقبلية وأعوان النظام السابق، ومن يدعي إنتمائه إلى داعش والقوى الإسلاموية وأخيراً القوى الوطنية أن تحافظ على مصالحها فأنشأت لها تحالفين إثنين متقابلين متخاصمين وهما مجلس النواب ودراعه العسكري قوات لكرامة والمؤتمر الوطني ودراعه العسكري تشكيلات فجر ليبيا. بناء على هذا التفسير حاول المبعوث الأممي تلبية إحتياجات هذه الأطراف بالمحافظة على مصالحها، ومن خلال ذلك يتم المحافضة على مصالح الشعب الليبي إلى حد كبير.
للأسف رغم صدور بنود الإتفاق لما يزيد عن شهر إلا أن تناول وسائل الإعلام له كان ضعيفاً، وأن القلة القلية من المثقفين إطلعت على بنوده. وفي هذه العجالة نستعرض أهم البنود التي عليها جدال ولغط كبير، ونعرج على أهم مهام المؤسسات المقترحة في الإتفاق:
يستأنف الإتفاق بنودة بالمبادئ الحاكمة في المجموعة الأولى من المواد ، وهي مبادي عامة تنص على الحرية والعدالة والمساواة للجميع، وإحترام الفصل بين السلطات، وإدانة الإرهاب، والتنويه إلى تطبيق القرارات الخاصة بحل التشكيلات المسلحة. من ثلاثين مادة في هذا الباب تبرز المادة 8 التي تقرر “الإلتزام بأن مجلس النواب هو السلطة التشريعية الوحيدة في البلاد خلال الفترة الإنتقالية” وبذلك أنهت الجدل القانوني حول مشروعية مجلس النواب وتنفيذ قرار المحكمة الدستورية، وأعطت لأعضاء مجلس النواب عامين آخرين، من تاريخ الإتفاق أو إلى حين جهوزية الدستور للتنفيذ.
المجموعة الثانية من المواد تندرج تحث عنون “حكومة الوفاق الوطني” وهي حكومة أعطيت لها معظم الصلاحيات المقترحة (سابقاً) لرئيس الدولة بالإضافة إلى مهامها الرئيسية كرئاسة للوزراء، أي أنها حكومة يمكن أن تكون فعالة إن تضافرت جهود أعضائها، ومدتها عام تمدد إلى عامين. ومن مهامها تسيير الأمور الحياتية اليومية وتعيين كبار المسئولين في الدولة، وإبرام العقود مع الدول الأخرى، وأنها تقوم بمهام القائد الأعلى للجيش الليبي، أي أن التشكيلات العسكرية المختلفة تكون تحت إمرة الحكومة، وهو ما لم تقبل به قيادات الكرامة.
ويلاحظ أن إسقاط الحكومة مستحيلاً من الناحية العملية بسبب إشتراط موافقة 150 عضواً من البرلمان لأجل سحب الثقة. عدا ذلك فإن الحكومة لها إستقلالية كبيرة ولا تحتاج إلا إلى مصادقة صورية من مجلس النواب لقراراتها بين الحين والآخر.
المجموعة الثالثة من مواد الإتفاق تتحدث عن مجلس النواب، وتنص المادة 16 بأن “يلتحق من يرغب من النواب المقاطعين بالمجلس، ويعقد إجتماع لمناقشة المسائل المثيرة للجدل مثل مقر المجلس، والقرارات السابقة الصادرة عنه، ونظامه الداخلي”. ومع تشضي مجلس النواب في المرحلة السابقة، يزداد تفرقاً بعد إلتحاق الثلث المعطل له من النواب المقاطعين، وبذلك لن يتوقع الشعب الليبي الكثير من هذا المجلس، سوى وجود مجلس تشريعي يشار إليه كما في الكثير من الدول المنتمية إلى مبدءا الديموقراطية، كما أن غزارة سن القوانين السابق لن يجعل لمجلس النواب مجالاً لسن قوانين جديدة.
المجموعة الرابعة من مواد الإتفاق تتحدث عن المجلس الأعلى للدولة، وهو مجلس إستشاري يتكون من 120 عضواً منهم تسعون من المؤتمر الوطني العام. هذا المجلس لا يعدوا أن يكون وسيلة لإرضاء من خسر قرار المحكمة الدستورية بإجاد هيكل لهم وضمان مزايا شخصية لعامين قادمين. فإذا كان هناك مجلس نواب منقسم على حاله، فلن يكون هناك سانحة لمجلس إستشاري (تشريعي منافس سابق) أن يكون له دور.
مجلس الدولة لا يعدوا أن يكون محاكاة لمجلس علاوي بالعراق بعد خسارة السنة للعديد من مقاعد مجلس النواب، وإستفراد المالكي بالسلطة، ولم يستطيع ذلك المجلس تكوين هياكله أو إسداء إستشاراته إلى أحد، وإنتهى في مهده.
المجموعة الخامسة وتتعلق بالترتيبات الأمنية، وربما هي الأهم والأصعب تنفيذا في هذا الإتفاق، وترتكز المشكلة هنا حول تعريف الجيش الليبي و تصنيف التشكيلات المسلحة إلى تشكيلات تابعة للجيش وأخرى خارجة عنه، فمثلا هل جيش حفتر وجضران وجيش القبائل هو الجيش الليبي، بالمثل قوات فجر ليبيا والدروع التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني.
المادة 35 فقرة 3 تقول ” تلتزم حكومة الوفاق الوطني بتفعيل المؤسسات الأمنية وعلى رأسها الجيش والشرطة” مما يفهم منها أن المؤسستان لم يفعلا بعد. وهو ما يتناقض مع المادة 36 الفقرة 4 التي تقول ” تتولى حكومة الوفاق الوطني سلطة إتخاد التدابير الازمة لدعم تحقيق الاستقرار في البلاد وتطبيق الترتيبات الأمنية وفق الاجراءات والجداول الزمنية المتفق عليها بهذا الاتفاق وبما ينسجم مع القرارات الصادرة عن السلطة التشريعية او التي ستصدر مستقبلا بهذا الخصوص” هذه الفقرة لها محادير كثيرة وجدل أكبر، وهي التي جعلت المؤتمر الوطني لا يوقع على الإتفاق في الجلسة الماضية، بمعنى أن الحكومة إذا أجبرت من مجلس النواب أو إرتضت لنفسها أن يكون جيش حفتر هو الجيش الليبي فستكون جميع التشكيلات المسلحة المناوئة له خارجة عن القانون وتلاحق قانونيا بل يتم تصفيتها جسديا.
ونحن نعلم قرارات مجلس النواب السابقة لدعم وتنصيب حفتر وشرعنة الإستعانة بالدول الخارجية والعمل معه لدك الكثير من المدن الليبية. هذه المادة ستكون محور نقاش في إجتماع جنيف القادم.
لقد قام مجلس النواب بالتوقيع على مسودة الإتفاق وهو ضامناً للتمديد لمدة سنتين لأعضائه، أما قيادة الكرامة التي أوصلته إلى الإتفاق وأفشلت قرار المحكمة الدستورية فهي مجازف بها تبعاً لنوعية الحكومة التي سيتم الإتفاق عليها، وعلى هذا النسق قام الأعضاء المقاطعون بالتوقيع لأن تواجدهم بالمفاوضات نابع من أنهم أعضاء بمجلس النواب. بالمقابل يتلكا المؤتمر الوطني عن التوقيع (رغم ضمان تواجدهم على الساحة السياسية بسبب عدم تخلي وفك إرتباطهم بقوات فجر ليبيا وهي مسالة أخلاقية ممزوجة بالسياسية، ولها ما يبررها من المحافظة على مكتسبات ثورة السابع عشر من فبراير. ومن نافلة القول أن الإعلان الدستوري كان واضحاً ومتوقعا للإعباء التي يشكلها مجلس تشريعي واحد على ميزانية الدولة، ولم يبالي المبعوث الأممي بذلك فشرعن هذا الإتفاق مجلسين تشريعيين لا تشريع لهم إلا التشريعات الخاصة بالمزايا والعطايا والتعويضات وبدل فاقد وبدل سكن وبدل سفر وغيرها، وقد نواجه مستقبلاً جيشاً من النواب متقاعد على رواتب لا تتحملها ميزانية الدولة.
إذن ما هي مزايا الإتفاق؟ من الواضح أن الإتفاق ليس مثالياً، وليس ملبياً لخيارات الأمة، ولكنة حل واقعي للظروف الحالية الآنية، والإتفاق ملئ بالثغرات، والعبارات التي تحتمل أكثر من تفسير بل متناقضة في بعض الأحيان، ولذلك فإن وجدت الإرادة الحكيمة في حكومة الوفاق ومجلس النواب ومجلس الدولة، يرقى الإتفاق إلى مصاف بناء عهد جديد للدولة الليبية، وإن إستمرت التدخلات الأجنبية وأصبح رجالات الداخل دمية لها، فلن يساوي الإتفاق ثمن الحبر الذي كُتب به.
الإتفاق له مزايا جوهرية منها إقاف الحرب الدائرة في بنغازي، ومنع الشرق الليبي من تنصيب حفتر حاكما عسكريا لليبيا أو إنفصال الشرق عن الغرب الليبي، ومنها إخراج جضران من ملف النفط، وفتح المرافئ النفطية، ومنها إستيعاب المجموعات المسلحة داخل جيش نظامي، ومنها فرض نزع السلاح الثقيل أولا ثم الخفيف بعد ذلك، ومنها البدء في المصالحة الوطنية، وكذلك قطع الطريق على الإستقواء بالخارج، وإستجلاب المرتزقة، وإصطناع داعش، ومحاربة الجريمة المنظمة.
هذه الأهداف الممكنة عمليا لن تتحقق إلا بتضافر الجهود، وتمكين الرجال الوطنيين من ذوي الخبرات الجيدة، البعيدون عن القبلية والجهوية والأجندات الخارجية، اللذين لهم رؤية ثاقبة وحساً وطنياً جارفاً، في حكومة الوفاق القادمة، أما المرتعشة أيديهم أديال القوى الخارجية، واللذين توقفت بهم عقارب الساعة عند عصر الجماهير المزعوم فلا تنتظر منهم الكثير، فقوى الثورة المضادة أوجدت الحوثيون في اليمن وأنصار القدس في سينا بمصر وداعش في العراق وليبيا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اخي لولا الاجندات الخارجية والمتسليقين لم نصل الي هدة الفوضي االسياسيةوالمالية في ليبيا الحبيبة نحن لنا اربع سنوات وفي كل يوم تسيل دماء اللبيبين من الشباب ودلك خدمتا الي شردمة لاتريد اي خير للبلاد الا مكاسب شخصية وخدمة اجندات خارجية نقول وحسب مناقشة معظم فءات الشعب الليبي ان المصالحة والحوار افضل من دخول البلاد في نفق لايعلم اخرته الا اللة ولعلي هده السنوات 2 القادمة يمكن ان يقوط الي البلاد نخبة تخرجها من هدا النفق المطلم حفط اللة ليبيا