درنة لؤلؤة الشرق بأهلها، درنة الحضارة التي مر بها الإغريق والرومان والمسلمين فأضحت مدينة حضارية ضاربة في التاريخ فهي من حَوت دون غيرها قبور عشرات من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، درنة التي قاتل أهلها تنظيم داعش فولى هاربا وعوضا عن مكافئتها أُتهمت زورا وبهتانا باحتوائها التنظيم الذي كان يقتل أبنائها فبعد أن طردته كان جزائها أن فُرض عليها حصار من المسؤولين في الشرق ولا يزال!!! فهل عوقبت درنة لمواقفها بالإهمال لتحدث الكارثة؟.
سدين كانا يحميان المدينة من مياه الأمطار التي تأتي من الجبال لانحدارها، ولكن حين تغيب الدولة ويتقلد المناصب أناس لا علاقة ولا قدرة لهم يحدث ما يحدث من تدمير وتخريب بجهل جاهل أو صنيع مدبّر، كما يجرُّ ذلك إلى عدم المبالاة والإهمال ومنها إهمال صيانة السدين في ظل الفوضى العارمة التي تمر بها ليبيا.
هناك تساؤلات حول لماذا العاصفة التي ضربت اليونان ودول أخرى أيضًا لم تتسبب في ذات الدمار الذي تسببت فيه في مدن درنة خاصة وسوسة والبيضاء وغيرها في ليبيا، يقول الخبراء إنه بصرف النظر عن العاصفة القوية نفسها وكمية الأمطار، فإن كارثة ليبيا تفاقمت إلى حد كبير بسبب مجموعة مميتة من العوامل بما في ذلك عمر البنى التحتية المتهالكة في ليبيا وعلى رأسها السدود، والتحذيرات غير الكافية.
كان الأمر متوقعا للقريبين والمتابعين لمشكلة سدي درنة حيث أجرى الباحث عبد الونيس عبد العزيز من كلية الهندسة بجامعة عمر المختار بليبيا دراسة عن مجرى الماء أكدت نتائجها بأن “الوضع القائم في حوض وادي درنة يحتم على المسؤولين اتخاذ إجراءات فورية كإجراء عملية الصيانة الدورية للسدود القائمة لأنه في حالة حدوث فيضان ضخم فإن النتيجة ستكون كارثية على سكان الوادي والمدينة”، كما أشارت نتائج الدراسة إلى وجود مساكن في مجرى الوادي واصفة الحالة بأنه “يتطلب توعية المواطنين بشأن خطورة الفيضانات واتخاذ كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لسلامتهم”.
ذكر المسؤولين في ليبيا أن السبب الرئيسي لحجم الكارثة هي انهيار السدين حول المدينة وتدفق المياه بكميات ضخمة نحوها حيث لم تقم الجهات المسؤولة بصيانة السدين منذ سنة 2002 بالرغم من صغر حجمهما؟ فأين الحكومة والمسؤولين من تحمل المسؤولية ومن حجم الكارثة؟؟؟ كان عليهم أن يعرفوا بحكم المسؤولية بأن درنة معرضة للفيضانات، وتسببت الأمطار من قبل منذ سنة 1942 إلى 2011 في عدد من الفيضانات الخطيرة والقاتلة فما الذي فعله هؤلاء؟.
يشير تقرير لديوان المحاسبة الليبي عام 2021 بأنه تم صرف الميزانيات منذ عام 2007 لصيانة السدود منها ميزانية مخصصة لسدّي درنة، إلا أن تلك الميزانيات صرفت دون أن يتم إنجاز الغرض منها بحسب ما ورد في تقرير ديوان المحاسبة الذي نشر في عام 2022 أين ميزانية إصلاح السدود يا رئيس برلمان ليبيا؟ لقد صرّح رئيس حكومة الوحدة الوطنية أنه من خلال المستندات تم تخصيص عشرات الملايين لصيانة السدين ولم تتم الصيانة فأين ذهبت المبالغ؟ ومن المسؤول عن هذه الكارثة؟ من المسؤول عن اختفاء عائلات بأكملها؟ من المسؤول عن اختفاء ربع مدينة كاملة؟.
وزير خارجية الحكومة الثانية في الشرق الليبي المعين من قبل عقيلة صالح رئيس مجلس النواب يقول إن السلطات ليست مسؤولة عن الكارثة، بل هي كارثة طبيعية أقول مذكرا مسؤولي (العازة) بالمثل العربي القائل: إذا لم تستح فافعل ما شئت وأعتقد جازما من خلال تصريحات كثير من مسؤولي حكومة عقيلة أنهم لا يستحون وعلى رأسهم هو لأن الحياء يمنع صاحبه من فعل كثير من الشر، فمتى يستيقظ الشعب!!! متى يعي الناس أن أمثال هؤلآء لا يستطيعون بناء دولة.
درنة مدينة كغيرها دون بنى لتصريف المياه وغيرها من المرافق المهمة للحفاظ على حياة الإنسان، مدينة بها مستوصف صحي واحد يشتغل واثنين شبه معطلين من المسؤول يا راعي الناس أو أنك راعي غنم وحتى الغنم يختار لها راعيها أطيب المرعى؟ ولكن بجهل وبتصرفات المسؤولين الرعناء جعلت من الحق باطلا ومن الباطل حقا فمتى يستيقظ الناس؟ فإذا لم يستيقظ الناس بعد كارثة درنه ويعوا ما يدور حولهم فمتى نستيقظ إذا؟.
إن هذه الكارثة لن تُنسى من ذاكرتنا وبالأخص ذاكرة أهل مدينة درنة الذين فقدوا أحبتهم كما فقدوا عائلات بأكملها عاشوا معهم عقودا، بل قرونا من الزمن، كما أن هذه الكارثة كشفت ستر المسؤولين وأفعالهم المشينة تجاه المدينة وسكانها بعدم القيام بالصيانة الدورية للسدين وغيرها من إجراءات سلامة وأمن سكان المدينة وما حولها، فمتى يفهم الناس؟ وهل سيلقى الذين ساهموا في جريمة كارثة درنة جزاءهم؟.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً