حمّل إيف بوني، قائد جهاز المخابرات الفرنسي سابقا، حكومة الرئيس نيكولا ساركوزي مسؤولية ”الفوضى الخطيرة التي تغرق فيها ليبيا، وما انجر عنها من اضطرابات في شمال مالي”. وقال إن ”الحذر المطبوع بانعدام الثقة” بين الجزائر وباريس، يزيد أوضاع جنوب الساحل تفاقما.
وذكر بوني، الذي كان مديرا للمخابرات بين 1982 و,1985 أنه عرف ليبيا والليبيين عن قرب قبل الأحداث، ”فقد كان بلدا مسيّرا بطريقة جيدة وحقق تقدما اجتماعيا هاما. وكان الليبيون أكثر شعوب المغرب العربي ثراء وأفضلهم من حيث المعاملة (من طرف الأنظمة)، وكانوا ينعمون بالسلم. لذلك فالوضع الذي فرض عليهم يختلف تماما عما كانوا فيه”. مشيرا إلى أنه زار بنغازي وطرابلس العام الماضي، رفقة أعضاء من مركز يهتم بالشؤون الأمنية، ”وأبدينا حينها خشيتنا من تنامي المدّ الإسلامي المتطرف، وحذرنا من تفتت الدولة”. واتهم بوني فرنسا والناتو بـ”إدخال ليبيا في فوضى واضطراب غير مسبوقين، وكانا يعلمان حجم الصراع القبلي هناك ونتائجه في حال خرج البلد عن استقراره”.
وحول ما إذا كانت المنطقة أمام احتمال قيام نظام إسلامي في شمال مالي، قال بوني: ”لا شك أن أجزاء من ليبيا توجد اليوم تحت سيطرة تنظيم القاعدة، وهي من تسيّرها. لقدوضعت القاعدة رجلا في منطقة لم تكن مجالها الحيوي، وهو أمر خطير ليس فقط بالنسبة لليبيا وإنما لكل دول المنطقة”. وبشأن ما إذا كان يرى تدخلا عسكريا من خارج مالي، حلا للأزمة، ذكر الخبير الفرنسي في قضايا الأمن: ”قد يستدعي الأمر عملا عسكريا، غير أني لا أشجع على هذا الخيار، لأني أدرك خطورة نتائجه. فالأوضاع ببلدان منطقة الساحل أصلا صعبة، والأصعب أنها منطقة التقاء حضارتين: نظام البدو الرحل ونظام السكان الأصليين. وبينهما لم توفق أي دولة في إيجاد الانسجام”.
ويعتقد إيف بوني أنه من الخطأ تغييب الجزائر عن حل مشاكل المنطقة، ويرى أن ”أكبر أخطاء فرنسا أنها نسيت أن الجزائر هي أيضا دولة جنوب صحراوية، وشريك لا يمكن تجاوزه”. وأضاف: ”بإمكان إيجاد حلول لمشاكل المنطقة ذات النفوذ الفرنسي، عن طريق إيجاد تفاهم أو اتفاق بين الجزائر وفرنسا. وبدون ذلك تصبح المشاكل أكثر تعقيدا، خاصة إذا كان البلدان لا يثقان في بعضها، وللأسف فرنسا هي من لا تثق أكثر بالجزائر”.
اترك تعليقاً