فرانك غاردنر محرر الشؤون الأمنية – بي بي سي
يبدو أن قيادة تنظيم الدولة الإسلامية لا نية لديها لبقاء هذا التنظيم في مكانه دون حركة.
ففي رسالة صوتية طولها 17 دقيقة، يعتقد أنها لزعيم التنظيم أبوبكر البغدادي، يركز التنظيم أنظاره على المملكة السعودية، تلك البقعة التي شهدت بداية ظهور الإسلام والتي تعد أكبر دول العالم إنتاجا وتصديرا للنفط.
ولم يشر المتحدث في هذا المقطع إلى المملكة العربية السعودية بهذا الاسم الذي اشتق من اسم العائلة المالكة “آل سعود”، والتي لا يقبل التنظيم سلطتها في البلاد أصلا، مستخدما بدلا من ذلك كلمة “بلد الحرمين” في إشارة إلى مكة والمدينة.
ووجه المتحدث كلامه إلى الأعداد المتزايدة من أتباع التنظيم في السعودية، واضعا لهم قائمة بالأهداف التي يهاجمونها، بدءا من الشيعة الذين يمثلون أقلية بين السعوديين، ويعيش غالبيتهم في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط، بينما ينظر إليهم السلفيون الأصوليون المتشددون على أنهم هراطقة.
وازدادت حدة الانقسامات الطائفية في منطقة الشرق الأوسط بعد التمرد الذي شهده العراق، حيث ينظر الكثير من السعوديين إلى أفراد التنظيم ليس كمجموعة من الإرهابيين بل كمقاتلين شجعان يدافعون عن المذهب السني ضد القوات المعتدية من إيران وحلفائها من الشيعة.
وكان المسؤولون السعوديون يحذرون مرارا من أن دولتهم تمثل هدفا رئيسيا لتنظيم الدولة الإسلامية.
وبإعلانه الخلافة الإسلامية في الصيف الماضي، أصبح حتميا أن التنظيم سيوجه اهتمامه عاجلا أو آجلا نحو أكبر الدول وأكثرها أهمية في المنطقة.
أما السلطات الدينية العليا في السعودية ومفتيها فوصفوا التنظيم بأنه “عدو الإسلام الأول”.
وورد مؤخرا في مقال رأي بصحيفة النيويورك تايمز كتبه أحد السعوديين المقربين من الحكومة أن “المملكة العربية السعودية هي السلطة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك القوة والشرعية للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية”.
رد اللوم
إلا أن الكثيرين يلقون باللائمة على السلطات السعودية في ظهور التنظيم بهذه السرعة، ويتهمونها بتمويل وتصدير فكر إسلامي متشدد أصبح يمثل نقطة عبور أولى نحو فكرة الجهاد والعنف.
إلا أن الحكومة السعودية ترفض بشكل قاطع إلقاء اللوم عليها في ظهور تنظيم الدولة الإسلامية، مشيرة إلى أن ذلك نابع من الفوضى التي أحدثتها الحرب الأهلية في سوريا والسياسيات التمييزية التي تمارس على السنة في العراق من قبل الحكومة العراقية التي يقودها الشيعة.
كما يشير السعوديون أيضا إلى أنهم قاتلوا لثلاثة أعوام مريرة ونجحوا في مواجهة التمرد الذي شهدته المملكة من تنظيم القاعدة، وكان سببا في حصد حياة المئات.
واليوم تجد السعودية نفسها في وضع شديد الصعوبة. فقد شاركت قواتها الجوية في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي شن ضربات جوية عديدة على معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، بالرغم من أن ذلك لم يجد قبولا لدى الكثير من السعوديين.
ووردت تقارير عن أن أحد الأمراء ممن شاركوا في شن غارات جوية على التنظيم على متن مقاتلة “اف 15” قد تلقى تهديدات بالقتل.
ويقدر عدد من انضموا إلى صفوف التنظيم من السعوديين بأكثر من 2000 سعودي، ممن يعتنقون فكرا “تكفيريا” ينظر إلى قطاعات كبيرة من الشعب بنظرة متشككة ومتشددة.
وإلى جانب قطر والكويت، تسعى السلطات السعودية جاهدة لمنع التبرعات التي يقدمها الأفراد إلى تنظيم الدولة الإسلامية.
وفوق كل ذلك، شهد الوضع الأمني على الحدود الجنوبية للبلاد المحاذية لليمن تدهورا سريعا، حيث انضم عدد من السعوديين المتشددين إلى تنظيم القاعدة بعد أن جرى الإفراج عنهم من برامج تأهيل كانوا قد تعهدوا فيها بنبذ العنف.
ومن المستبعد أن تشهد المملكة غزوا عسكريا مباشرا من قبل التنظيم، حيث إن حدودها الشمالية مع العراق مراقبة ومؤمنة بشكل قوي، وتمتلك معدات عسكرية غربية الصنع تقدر قيمتها بمليارات الدولارات.
وبدلا من ذلك، فهي تواجه خطرا متناميا بالعنف المعزول داخل حدودها، الذي من الممكن أن يبرز بين الحين والآخر في شكل عمليات تفجير أو إطلاق نار أو اختطاف من شأنها أن تختبر قدرات جهازها الاستخباراتي المحلي.
اترك تعليقاً