نشرت صحيفة “غارديان” البريطانية، تفاصيل تقرير رسمي سري بشأن صفقة أسلحة ضخمة أُبرمت بين بريطانيا والسعودية في منتصف الثمانينيات، عرفت باسم “اليمامة”، أظهرت أن وزارة الدفاع البريطانية “مارست الخداع” بشأن مزاعم تلقي رشوة في الصفقة.
وقالت الصحيفة إن التقرير ربما هو “التحقيق الوحيد” الذي أجرته هيئة رقابية بريطانية، وهي مكتب التدقيق الوطني (NAO) عام 1992، حول الصفقة واتهامات الرشوة، لتنتهي بذلك معركة استمرت لنحو 3 عقود، كافح فيها ناشطون من أجل الكشف عن الوثيقة.
ودعم نواب حزب العمال والحزب الديمقراطي الليبرالي اقتراحات برلمانية في 3 مناسبات، تدعو إلى الكشف عن التقرير، وسط تكهنات بأنه يحتوي على “أدلة على الرشوة” في صفقة اليمامة، وفق الصحيفة.
كما ذكرت “غارديان” أن التقرير لم يتم الكشف عنه بشكل علني “بعد ضغوط مارسها السكرتير الدائم الأسبق لوزارة الدفاع، مايكل كوينلان، الذي اعتبر أن نشر التقرير “سيغضب السعوديين ويهدد آلاف الوظائف في بريطانيا”.
وقال التقرير إن كوينلان “كذب على أعضاء البرلمان الذين حققوا في الصفقة، وادعى عدم دفع عمولات من الأموال العامة، بجانب فشله في الكشف عن تورط وزارته في دفع أموال سرية بانتظام لأمير سعودي”.
صفقة اليمامة تصل قيمتها إلى نحو 40 مليار جنيه إسترليني، وكانت في البداية تشمل توريد 120 طائرة “تورنادو” ومقاتلات “هوك”، وغيرها من المعدات العسكرية، تم الاتفاق عليها عام 1985 بين حكومة مارغريت ثاتشر، ووزير الدفاع السعودي آنذاك سلطان بن عبد العزيز آل سعود.
وكانت “غارديان” قد أجرت تحقيقا حول “تواطؤ” وزارة الدفاع البريطانية منذ فترة طويلة في عمليات فساد، شهدت “مدفوعات سرية لشخصيات سعودية بارزة، لتأمين عقود دفاع لصالح المملكة المتحدة”.
وأشار كوينلان إلى أن السماح للجمهور بقراءة التقرير “سيضع آلاف الوظائف البريطانية في خطر، كما سيزعج السعوديين لدرجة أنهم قد يلغون صفقات التسليح المستقبلية مع المملكة المتحدة”.
وخلال التحقيق السري، قال كوينلان حول شائعات وجود رشاوى في الصفقة: “لا يوجد أساس للمزاعم التي تقول إن مدفوعات العمولات تم سدادها من الأموال العامة”. وأوضحت “غارديان” أنه في المعتاد يشير مصطلح “مدفوعات العمولات” إلى “الرشوة”.
وكانت شركة “بي إيه إي” قد ذكرت في وقت سابق، وفق غارديان، أن جميع المدفوعات في الصفقة “تمت بموافقة صريحة من حكومة المملكة المتحدة، وبشكل سري”.
وقال متحدث باسم الشركة: “ملتزمون بالسلوك المسؤول والأخلاقي، ولدينا سياسة لا تتسامح مطلقا مع الفساد بجميع أشكاله”.
ورفض متحدث باسم وزارة الدفاع البريطانية التعليق لغارديان، حول ما إذا كان كوينلان قد كذب خلال التحقيق.
وقال المتحدث: “وزارة الدفاع صرفت جميع المدفوعات بناء على تصريح من الحكومة السعودية، ووفقا لترتيبات بين الحكومتين حينها. وظلت الأموال المصروفة في جميع الأوقات ملكا لحكومة المملكة العربية السعودية، ومن الوهم أن نقول إن هناك فسادا فيما يتعلق بتلك المدفوعات”.
من جانبه، نفى الأمير بندر بن سلطان، عام 2007، أن تكون الصفقة قد شابها أي رشاوى.
وقال في تصريح لوكالة الأنباء السعودية حينها: “ادعت صحيفة غارديان البريطانية في مقالات لها الأسبوع الماضي، أنه تم تحويل مبالغ سرية تزيد عن المليار جنيه إسترليني إلى حسابنا الشخصي في بنك / رجز / في واشنطن، وأعطت هذه المقالات الانطباع لدى القراء أن هذه المبالغ أرسلت من قبل شركة الطيران البريطانية بي أى إي، كعمولات سرية وكجزء من فساد مالي وإداري أثناء عملنا كسفير خادم الحرمين الشريفين في الولايات المتحدة الأميركية”.
اترك تعليقاً