قصة بئر مركزي يستسقي منه عامة الناس في قرية من قرى العالم. احتكرته أقلية ما كانت تديره آنذاك بدعم خارجي على أساس تنميته وتطويره والمحافظة عليه. وفي عام من الأعوام قامت الأقلية ومن يدعمهم بحجز البئر وتغطيته وصرحوا بأنه أصبح بئرا غير صالح للشرب. ليست كل الأقلية المحتكرة على دراية بالدافع من وراء حجز البئر وتغطيته. صدق معظم الناس قصة سبب الحجز والتغطية ولم يعد يلتفت للبئر، وكذب البعض الآخر هذه القصة واكتفوا بذكر قول الله تعالى: (لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَٰلِكَ أَمْرًا).
بدأت الأقلية المحتكرة -بعد حجز البئر المركزي وتغطيته والتصريح بأنه أصبح غير صالح للشرب- ببيع ذات الماء من ذات البئر المركزي، ولكن بطرق مفتعلة غير السابقة والمتعارف عليها لدى عامة الناس، إضافة إلى بيعه بسعر باهظ جدا مقارنة بفترة ما قبل حجز البئر وتغطيته، يتم تداول الماء وبيعه من المستخدمين حول البئر المركزي وليس من البئر مباشرة، حتى لا يلتفت الناس للبئر ثانية وقد تم التصريح بأنه أصبح بئرا غير صالح للشرب، اقتضت الخطة أن يكون البيع والشراء بهذه الطريقة فقد تم حجز البئر وتغطيته حسب تصريح الأقلية المحتكرة.
مر العام تلو العام والناس تشتري الماء بسعر باهظ جدا من الأقلية المحتكرة بطرقهم المفتعلة، لم يكن البيع والشراء من الأقلية المحتكرة مباشرة بل عن طريق المستخدمين منهم من أدناهم للأقلية قربا إلى أقصاهم عن الأقلية بعدا ومن ثم إلى عامة الناس، أصبح معظم الناس – (المصدق) لقصة حجز البئر وتغطيته وأنها تمت بسبب أن البئر أصبح غير صالح للشرب حسب تصريح الأقلية – يقول : ليس لهم ذنب في بيعهم للماء بهذا السعر الباهظ جدا فبئرنا المركزي أصبح غير صالح للشرب، واكتفوا بالتأسف على حال البئر المركزي فحسب تصريح الأقلية أصبح بئرا غير صالح للشرب، كما اكتفوا بإلقاء الذنب على بعض المستخدمين الذين يبيعون الماء بهذه الأسعار الباهظة، وبعضهم الآخر – (المكذب) لقصة حجز البئر وتغطيته على أنها تمت بسبب أن البئر أصبح غير صالح للشرب حسب تصريح الأقلية – أمسى يقول : لا يحق للأقلية والمستخدمين أن يبيعوا لنا الماء بهذا السعر الباهظ جدا، نحن مرغمون الآن على شرائه بهذا السعر ولكن، نحن على ثقة بأن الله سيكشف ذات يوم عن حقيقة البئر المركزي فهو صالح للشرب وليس كما يسوقون له بتصريحهم أنه أصبح بئرا غير صالح للشرب، إنها لأزمة مفتعلة مفبركة غير حقيقية، فهذا الماء الذي يتم بيعه لنا بهذا السعر الباهظ جدا هو من ذاك البئر لا محالة، إنه ذات الماء الذي لم يتغير طعمه ولا لونه ولا رائحته، ثم إنه يباع بسعره القديم عند تداوله بين إدارات القرى المجاورة، إنهم لا يأتون به من آبار أخرى، ما علينا إلا الدعاء والرضا بالقضاء ولزوم الصبر والشكر لله على كل حال، ولا نقول إلا حسبنا الله ونعم الوكيل بثقة أساسها حسن الظن بالله أن الخير متحقق لا محالة، ينكشف أمرهم عاجلا غير آجل بإذن الله وفضله ومشيئته.
وفي ذات ليلة من الليالي وبعد مرور أربعة أعوام على هذا الحال من أزمة البئر المركزي التي صرح بها الأقلية وكذبها بعض الناس وصدقها معظمهم، وفي ظل ازدياد سعر الماء الذي يباع للناس طيلة تلك الأعوام من المستخدمين. زال الحجز والغطاء عن البئر المركزي بقدرة قادر وبدون سابق إنذار حتى عجزت الأقلية المحتكرة ذاتها عن فهم مجريات الأمور ومسببها، أصبحت الأقلية المحتكرة تتساءل كيف زال الغطاء والحجز عن البئر ؟!، وأصبح معظم الناس يتساءلون كيف انخفض سعر الماء بهذه السرعة ؟!، وذلك بعد أن استيقظوا في الصباح الذي يلي تلك الليلة، الأقرب فالأقرب يأخذون الماء ويبيعونه للناس بأقل من الأسعار الموجودة، لقد زال الحجز والغطاء عن البئر المركزي، يتزايد انخفاض سعر الماء بازدياد اكتشاف الناس بأن البئر المركزي صالح للشرب وليس كما صرحت الأقلية المحتكرة قبل 4 أعوام أنه أصبح بئرا غير صالح للشرب !، لقد كمنت الحقيقة في أن البئر لم يكن يوما غير صالح للشرب. ولا ننسى بعض الناس الذين لزموا الدعاء والرضا بالقضاء والصبر والشكر لله على كل حال ولزموا حسبنا الله ونعم الوكيل بثقة أساسها حسن الظن بالله أن الخير متحقق لا محالة.
بدأ الناس يتساءلون وانقسموا هنا أيضا إلى فئتين، معظمهم لم يفهموا شيئا مما حدث فهم ممن صدقوا في بداية الأمر تصريح الأقلية المحتكرة أن البئر أصبح غير صالح للشرب فلم تستوعب عقولهم الآن كيف أصبح البئر فجأة صالحا للشرب، والبعض الآخر ابتسم وحمد الله وشكره على إزالة الحجز والغطاء ولم يتعبوا أنفسهم بالتساؤل حول الأسباب فهم لم يصدقوا من بداية الأمر تصريح الأقلية المحتكرة أن البئر أصبح غير صالح للشرب، بل كانوا على ثقة بأنه بئر صالح للشرب، نعمة من الله لهم، قد تم حجزه وتغطيته لأهداف الأقلية المحتكرة وداعميهم، ولم يتم حجزه وتغطيته بسبب أنه أصبح بئرا غير صالح للشرب حسب تصريحهم، كانوا على ثقة بأن الحجز والغطاء سيزول عاجلا غير آجل، بالدعاء والرضا بالقضاء، بالصبر والشكر لله على كل حال، وبلزوم حسبنا الله ونعم الوكيل، وبثقة أساسها حسن الظن بالله أن الخير متحقق لا محالة. وقد زال الحجز والغطاء، وعاد الماء لسعره الطبيعي وسط فرحة الأغلبية وحيرة الأقلية المحتكرة وداعميهم، إنما الفرحة بفضل الله ورحمته خير مما جمعته الأقلية المحتكرة والداعمون لهم في تلك السنون، وتظل قيمة الماء لا تقدر بثمن، نعمة من الله للناس جميعا، إنما انخفاض سعره هو أحقية وصوله للجميع بأقل التكاليف، ومنع احتكاره من قبل الأقلية ومن يقف وراءهم لتحقيق مصالحهم الشخصية، وهذه كانت قصة عودة المياه لمجاريها في تلك القرية الجميلة من قرى العالم الذي بدأ يخلو من مُعْظَم قبحه الآن.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً