الاستخفاف بعقول أبناء وبنات ليبيا بات من المسلمات التي لا يتردد الغرب المسيحي من تكرارها والتصريح بها. مهما نسمع من تصريحات عن لسان السيدة وليامز بأنها جاءت تنفيذاً وإذعاناً لتكليف السيد غوتيريش وسعيدة بالعودة لخدمة الشعب الليبي! اليوم نسمع في الشارع الليبي أن السيدة وليامز مكلفة من الإدارة الأمريكية والسيد غوتيرش ملزم بقبول ما تمليه عليه الإدارة الأمريكية، ولكن لو صحيح تريد السيدة وليامز إرضاء الشعب الليبي فهناك أمرين مستعجلين وهما: الشراكة مع الشعب الليبي، واستبعاد المجرمين أمثال حفتر وسيف ومن على شاكلتهم من قائمة المترشحين للانتخابات الرئاسية، ودعم الانتخابات البرلمانية لتكون الخطوة الأولى على طريق الدولة المدنية الديمقراطية.
فالمعلن من الحكومة الأمريكية أن الانتخابات الليبية ضمن أجندة وجدول أعمال مؤتمر الديمقراطية الذي عقد يوم الخميس الموافق 9 ديسمبر بواشطن ودعيت له 100 دولة وذلك لأجل تشجيع التغير الإيجابي.
أجندة ستيفاني!
بالتأكيد وجود السيدة ستيفاني وليامز لتحقيق مصالح أمريكية أولا وأخيراً، والسؤال كيف؟ بالطبع غرور أمريكا بما تملكه من إمكانيات حربية وقوة تدميرية نووية، يمنحها سلطة التدخل في العالم إلى حد ما. واليوم ما زالت لا تصغي إلى دعوات خبراء أمريكان تدفع في اتجاهين ولو أن إدارة بايدن أخف حدة من مما كانت عليه إدارة ترامب:
- التركيز على القوة الناعمة عوضاً عن التدخل العسكري وصناعة الحروب
- الابتعاد عن سياسة التفرد بالقوة وبأنها الوحيدة في العالم أو شرطي العالم كما يسميها البعض ومشاركة دول أخرى مثل روسيا والصين في الشؤون الدولية
وعلى أرض ليبيا اليوم نجد أنه لأمريكا عدة أهداف تسعى لتحقيقها وذلك لتحقيق مصالحها ولإرضاء غرورها وربما تتمثل في الأتي:
- صناعة دمية ليبية بصفة حاكم تختزل في يده جميع السلطات ولا يتردد في إبادة الشعب الليبي لو وقف ضد تنفيد برامج تضر بمصلحة ليبيا وكان الداعشي حفتر أفضل من يملك مواصفات العبد المطيع إلا أنه فشل في مهمته التدميرية العسكرية، فربما مشروع إلباسه البدلة المدنية والتسلل لصناديق الانتخابات هو الطريق الأسهل اليوم ولكن دخول روسيا على الخط بإعادة إنعاش الغائب عن المشهد السياسي سيف القذافي! ولكن هذا يعتمد على يقظة الشعب الليبي واستعداده لوقف المهزلة والمساهمة بشكل إيجابي في التغيير الذي يطمح إليه
- مع أن روسيا دخلت لساحة الغرب المسيحي بمذهبها الأرثودوكسي، بعد تركها للإلحاد، إلا أنها لم تذعن لأمريكا ومازالت تعاملها بندية وقد استطاعت أن تصل روسيا إلى توافق مع تركيا التي سمحت لها أمريكا بالتدخل لتخرجها من المنطقة الغربية وربما وجودها لمهمة أخرى مشتركة لوقف وصول لهب التنين الصيني إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط. وبعد رفض المفوضية العليا للانتخابات قبول السيد مكسيم شوغالي، المسجون عند الحكومة الليبية بتهمة التجسس ومحاولة التأثير على الانتخابات في مايو 2019، وبالتأكيد الترويج لسيف القذافي، وأطلق سراحه في أكتوبر 2020م، والذي يشغل منصب رئيس صندوق حماية القيم الوطنية مراقباً للانتخابات الرئاسية والبرلمانية مما ووصل الأمر لاعتراض طائرات فرنسية وأمريكية بعد أن حلقت بالقرب من حدودها بالبحر الأسود. فرنسا التي تعاونت مع روسيا على دعم الداعشي حفتر اليوم ترافق طائرات أمريكية في حركة استعراضية قد تكون تهديدية لروسيا. فالواضح ما حلمت به فرنسا من التمدد إلى الشمال بالرغم من توزع وانتشار مناصريها التاريخيين، أولاد سليمان، من الجنوب إلى الوسط إلى الشمال تحققه روسيا بذكاء وربما جاءت السيدة ستيفاني لترى كيف يمكن عقد صفقة معها وأمريكا اليوم تناور عسكرياً في أوكرانيا
- الهاجس الأكبر لأمريكا والغرب المسيحي تسلل التنين الصيني لأفريقيا فهي الكنز، ومنجم الموارد الطبيعية، وحتى العمالة الرخيصة، الذي تعيش عليه الكثير من الدول الغربية المسيحية، ومنافسة الصين قد تربك اقتصاديات دول كثيرة بدءً من أمريكا ومن يدور في فلك الحلف الأطلسي. فاليوم ليبيا والحزام الجنوبي من الدول المجاورة لها وإلى أبعد من ذلك على البحر الأحمر والمحيط الأطلسي لا نستغرب أنها ضمن اهتمامات السيدة ويليمز
الواضح أن هناك مصالح تقضى بين الدول الغربية المسيحية بما فيهم روسيا ضد مصلحة التنين الصيني ومحاصرة تقدم وانتعاش تركيا، فأرض ليبيا وشمال أفريقيا والحزام الجنوبي هو الأهم بالنسبة لأمريكا.
أين المشكلة؟
لا تعي أمريكا أن شعوب أفريقيا انكشف أمام عيون شبابها المستور، والاستخفاف بعقول الشعب الليبي لن تحصل منه أمريكا على نتيجة مرضية، فعليها ان تعرف أن السبيل لاستمرار مصالحها في ليبيا وأفريقيا هي المشاركة الندية مع الشعوب وليس المعاملة الدونية وصنع دكتاتوريات بصورة مدنية من خلال الماكينة الديموقراطية.. وليستعد الشعب الليبي للدفاع عن حقه في العيش الكريم، والتبادل على السلطة بالتنافس السلمي، وقد يكون تأجيل الانتخابات الرئاسية الخطوة التي تحتاجها أمريكا لترتيب أوراقها في ليبيا وأفريقيا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً