تتدلى أحشائها إثر شظية صاروخ أعمى وهي تتوسل لزوجها غير مكترثة أو منتبهة إلى بطنها الممزق: “ما تموتش يا أنيس على خاطر أصغارنا”.. سمع العالم قبل الشعب الليبي صرخات السيدة فاطمة وهي تحاول أن تنقذ زوجها المتخضب في دمه أثر قصف طيران الداعشي حفتر انتقاماً من الزاوية العنقاء بعدما أسرت المجرم الطيار اللواء عامر الجقم، الذي تجهز لقصف الزاوية! بالطبع قابل العالم بكل برود بعد أن فقد إنسانيته وتجرد من كل القيم الأخلاقية!.
لم يفق من صدمة فقدان أمه إثر قصف طيران الداعشي حفتر لمنطقة الملاحة بطرابلس عروس البحر.. فاستمر ينادى بأعلى صوته ليشهد العالم على الجريمة المرتكبة ضد أمه زهره التمتام: “أمي يا ناس”.. والمجتمع الدولي مازال يناور على، بل والبعض منهم يحشد من أجل، تمكين الداعشي حفتر ليكون له مكان في المعادلة السياسية وفي مستقبل ليبيا!.
ويستمر القصف الحفتري الداعشي ليطال صاحب ورشة وأبنه وسائق شاحنة بالسواني أمام مرأى ومسمع العالم.. بل الألعن من ذلك نسمع إدانة من مجلس الجامعة العربية و : “رفض ومنع التدخلات الخارجية التي تسهم في تسهيل انتقال من سماهم المقاتلين المتطرفين إلى ليبيا، وكذلك انتهاك القرارات الدولية المعنية بحظر توريد السلاح، مما يهدد أمن دول الجوار الليبي والمنطقة.” وقبل أن يرد الكاتب كان :”اتفاقية السراج وأردوغان هو شأن داخلي”، الحكومة الشرعية في ليبيا رحبت في عديد المرات بالحل السلمي ولكن الأطراف غير الشرعية هم هاجم العاصمة وجلب المرتزقة، الأمن القومي لليبيا هو الأمن القومي للجزائر ولن نقف على الحياد بل مع الحكومة الشرعية”
مع نضج الفكر الإنساني ..ترتفع وثيرة المآسي:
حاول الإنسان عبر التاريخ تنظيم علائقه مع بقية المجموعات التي يتعايش معها وبحكم المخالطة والاحتكاك ابتدع أعراف تنظم علاقاته الاجتماعية وبما يرتقي ليحقق السلم والأمن الاجتماعي. ومع تطور الإنسان تطورت وسائل تنظيم أمنه الاجتماعي فبعد أن أعتمد في البداية على قوته العضلية وما توفره الطبيعة وأحجارها من إمكانيات للحفاظ على قوته وحماية نسله وضمان استمراريته أنتقل إلى مرحلة تمدد فيها جشعه ليستولي على مقدرات الآخرين. وبذلك وقف الحق مع القوي قبل أن يصل لمستوى المشاركة مع المجموعات الإنسانية بعقد اتفاقيات تنظم الاستفادة من الكلأ والماء. وما بين اتفاقيات الأمن الاجتماعي والجشع الإنساني نقضت العهود والمواثيق وكانت الحروب. ربما هذا ما نتعلمه من التاريخ ولكن تعلمنا أيضاً بأنه مع تطور الاكتشافات العلمية مع نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين مكنة الإنسان من آلات الدمار فكانت الحرب العلمية الأولى التي خلفت من ورائها موت الملايين من المدنيين ودمار مدن بأكملها ليضيع الأمن والسلم الاجتماعي. وبمبادرة من الرئيس الأمريكي وودورد نيسلون تتضمن 14 مبدأ للسلام تحاول عصبة الأمم (58 دولة)، ربما مستندة إلى طرح إيمانويل كانط في كتابه السلام الدائم 1795، بعد الحرب العالمية الأولى أطلاق مفهوم السلم العالمي ولكن طغيان دول المحور أفسده وتجمد لستة سنوات وكان قرار حلها في 12 أبريل 1946 حتى وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها وجاءت الكرة الثانية بتشكيل الأمم المتحدة في 1943 وتأسيس مجلس الأمن الذي عقدت أول جلسة له في 17 يناير 1946 المتكون بعضوية دائمة من الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية: أمريكا، بريطانيا، فرنسا، روسيا، الصين وعشرة أعضاء غير دائمين. ومع أن مهمة مجلس الأمن حفظ السلم الأمن الدوليين إلا أننا نرى اليوم كل هذا الانتهاك الذي تتعرض له عاصمة حكومة معترف بها دولياً (طرابلس) ونرى تعدي سافر للمدنيين وهدم لمؤسسات مدنية دون تحريك ساكن في محاولة لتمكين الداعشي حفتر من فرض سياسة الأمر الواقع بالسيطرة عسكرياً على العاصمة، وبجلب مرتزقة وعتاد، مخالفاً لقرارات مجلس الأمن بدءً من حماية المدنيين بالقرار 1973!.
المدمرة والمُفرقة العربية:
بعد دعوة الجامعة العربية للاجتماع يوم الثلاثاء الماضي بشأن منع التدخلات الأجنبية بالرغم من تدخل أربعة دولة ممن تضمهم مؤسسة الاستبداد والدكتاتورية: السعودية، الأردن، الأمارات، ومصر .. بالإضافة إلى مرتزقة من السودان وتشاد. فمع تدخل تلك الدول بالسلاح والمال والمستشارين العسكريين والمقاتلين يتبجح علينا سيسي مصر برفضه للتدخل الأجنبي وذلك للأسباب التالية:
- كذبة الداعشي بأنه سيدخل لطرابلس في أيام بالرغم من الأستمرار في استنزاف قواته لتسعة أشهر على أسوارها.
- فقدان الداعشي حفتر لثقة بعض الدول الداعمة له.
- قرب انتهاء عقود بعض المرتزقة.
- التقارير الاستخباراتية لمصر بأن هناك تململ بالمنطقة الشرقية بعد موت أكثر من سبعة آلاف من قوات الداعشي حفتر أغلبهم منهم وأسر الكثيرين الذين ظهروا على شاشات القنوات المرئية يكذبون ادعاءاته بمحاربة الدواعش.
- ما قصم ظهور دول الاستبداد العربي التحالف الليبي التركي ودخول تركيا على الخط لدعم شرعية حكومة الوفاق والتعاون معها بشأن المشاريع الاقتصادية والتنموية بما تتمتع به من إمكانيات من الصعب توفرها وتتمثل في ألأتي:
- خبرة في المناورة السياسية والتعاطي مع الشأن الدولي.
- العضوية في حلف الناتو.
- تعتبر تركيا دولة صناعية حديثة تمكنت من تسخير إمكانياتها في تصنيع كل ما تحتاجه من العتاد الحربي.
- تستطيع تركيا التعاطي مع روسيا وتوظيف مصالحهما المشتركة لحل التدخل الروسي في ليبيا وإرضاء أمريكا.
الخذلان من المجتمع الدولي:
مع اعتراف الجميع بشرعية حكومة الوفاق التي ومقر عاصمتها طرابلس.. إلا أنه مع ذلك نجد بحقارة دول كثيرة لا تدين هجوم عديم الشرعية الداعشي حفتر، الذي نسق بشأن دخول الدواعش لليبيا ليبرر ويشرعن لوجوده، بل وتستقبله تلك الدول وهي تعلم علم اليقين بأنه مخالف لقرارات مجلس الأمن بشأن حماية المدنيين في ليبيا وحظر دخول السلاح!! هذا التناقض الصارخ تنسفه الدولة الشقيقة تركيا بتدخلها وتتهاوى دومينو دول الاستبداد لترتعد فرائصها وتعلن اجتماعها البائس الفاشل من يومين ويحاول الاتحاد الأوروبي هو الأخر عن طريق مسؤول السياسة والأمن جوزيف بوريل الإلحاق بالرمق الأخير للداعشي حفتر للخروج بأقل الأضرار .. “على خاطر صغارنا أكولنا في ليبيا بنخشو للجبهات”.. وأمهاتنا يا دول العالم “المتحضر” ما همش أرخاس”.. ألا لعنة الله على الظالمين.. وستنتصر ليبيا وستعيش حرة.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً