كثر الحديث والجدل عن الثوابت والمتغيرات ومن المؤسف هو نفي بعض وجهات النظر والآراء للثوابت وهنا الحديث عن: (المبادئ والقيم الراسخة)، فقد وصفها البعض بأنها متغيرة بناء على تغيرنا!، ووصفها البعض أيضا بأنها تحتاج لإصلاح يتم عن طريقنا لتتماشى المبادئ والقيم الراسخة مع متطلباتنا ورغباتنا لا أن نتماشى نحن معها!
حقيقة لا أريد أن أصف ما قرأته من بعض تلك الأقلام التي أدلت بدلوها في موضوع علاقة الإنسانية بالمبادئ والقيم الراسخة، ولا أنتقد شخوص تلك الأقلام بل أحترمها، فحتى وإن أخطأت فالخطأ صادر منا جميعا، وكل يؤخذ ويرد منه إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهنا جملة (أن الإنسان يؤخذ ويرد منه) هي أساس وحقيقة ثابتة في شتى المجالات، وهذا أول مبدأ ثابت يعلل عدم اتفاقي مع مثل تلك الوجهات من النظر، لذلك فالاختلاف عندنا شيء طبيعي ولا يفسد للود قضية.
سأبدأ من هنا بإيضاح وجهة نظري باختصار وهي أنني لا أتفق مع مثل تلك الآراء ووجهات النظر التي لا تقر بالمبادئ والقيم الراسخة على أنها ثوابت، تلك التي تعتبرها بأنها من ضمن المتغيرات بناء على تغيرنا، أو أنها تحتاج لإصلاح يتم عن طريقنا لتتماشى هي مع متطلباتنا ورغباتنا، فأنا حقيقة أعتبر وأقر بأن المبادئ والقيم الراسخة ثوابت وأساسات تفيدنا وتقيمنا وترتقي بنا في شتى مناحي حياتنا وأعمالنا حتى وإن لم نتحلى بها جميعها فنحن من ضمن المتغيرات وهذا لا يغير كون أن المبادئ والقيم الراسخة ثوابت وأساسات، لذلك أقول نحن هم من يجب أن نتماشى مع المبادئ والقيم الراسخة بأن نتحلى بها قدر المستطاع، فنحن هم من ضمن المتغيرات والمبادئ والقيم الراسخة هي من ضمن الثوابت والأساسات، إن الإنسانية من ضمن المتغيرات لأنها تظل دائما بين الصواب والخطأ وبين المزايا والعيوب، لا يمكنها أن تخلو بتاتا من الخطأ فالعصمة لرسول الله الكريم، ولا يمكنها أن تخلو بتاتا من العيوب فالكمال لله وحده، من هنا أقول إذن: (الإنسانية من ضمن المتغيرات والمبادئ والقيم الراسخة تبقى دائما من ضمن الثوابت والأساسات)، وتفيدنا هذه المبادئ والقيم الراسخة في بناء ذواتنا وحياتنا وأعمالنا ودولنا، ولها أن تفيدنا أيضا كلما أردنا تغيير أنفسنا للأفضل في شتى مجالات أعمالنا ومناحي حياتنا، فالمبادئ والقيم الراسخة تسمو وترتقي بنا كلما رسخناها وتحلينا بها أكثر فأكثر.
إن وجهة نظري ورؤيتي حيال الموضوع هي بين الصواب والخطأ أيضا، ما أصيب فيه هو من فضل الله، وما أخطئ فيه هو من نفسي، وأنا ببساطة أقول ذلك لأنني أقر تماما بهذا المبدأ الثابت، وهو أنني أيضا بين الصواب والخطأ وبين المزايا والعيوب، والتوفيق بالله لا بغيره.
إن علاقة الإنسانية بالمبادئ والقيم هي علاقة المتغيرات بالثوابت، فالإنسانية من ضمن المتغيرات، والمبادئ والقيم الراسخة من ضمن الثوابت والأساسات. لا أعرف تحديدا ما الذي يؤرق بعض الإنسانية من كونها متغيرة بين الصواب والخطأ وبين المزايا والعيوب؟!، فلو تمعنت وتفكرت مثل هذه الوجهات من النظر إلى الظروف البيئية فستجدها هي أيضا دائما في تغير، صيف وشتاء وربيع وخريف، البحار أيضا تتغير ومنسوب المياه دائما في تغير، مملكة الغابة أيضا في تغير مستمر، الأشجار في كل فصل من فصول السنة تتغير ولكنها تحافظ على جوهرها وأساسها الثابت، فشجرة الزيتون عندما تتساقط أوراقها في الخريف ويتغير مظهرها لا يتغير بذلك جوهرها الثمين والثابت كونها شجرة للزيتون، يجب أن نعي أن كل الأشياء دائما في تغير، ولكن هنا (نقف) لكي لا تغالطنا عقولنا فتصور لنا بأن المبادئ والقيم الراسخة هي أيضا من المتغيرات، فهذا خطأ فادح يجب أن نستدركه لنعي تمام الوعي أن المبادئ والقيم الراسخة ثوابت وأساسات لا تتغير لمجرد أن الأشياء دائما في تغير مستمر، فحقيقة المبادئ والقيم الراسخة هي ثوابت وأساسات رسخها رسول الله الكريم سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، من بعثه الله رحمة للعالمين، النبي الصادق الأمين، من لا ينطق عن الهوى وهو القائل: ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق )، فالحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى والحمد لله على نعمة الإسلام.
حقيقة ثابتة هي أننا كلما ازددنا تحليا بالمبادئ والقيم الراسخة ازددنا بذلك جمالا واستقرارا واتزانا في جوهرنا ومظهرنا، بذلك نبدأ في البناء، بناء ذواتنا أولا بترسيخ المبادئ والقيم الراسخة في جوهرنا، بالتحلي بمكارم أخلاق رسولنا الكريم قدر المستطاع، فالحقيقة أيضا هي أننا لن نصل إلى درجته الشريفة ومكارم أخلاقه كلها، ولكننا بالتحلي بها أكثر فأكثر بذلك نرتقي ونسمو في معاملاتنا لبعضنا البعض، وسنفيض بذلك تقديرا واحتراما وثقة لبعضنا البعض انعكاسا لتقديرنا واحترامنا وثقتنا بذواتنا على أساسات ثابتة وصحيحة، لننشر بعدها المبادئ والقيم الراسخة في محيطنا ليرتقي ويسمو بنا، ولترسخ الدولة المبادئ والقيم الراسخة بها لترتقي وتسمو أيضا بسلطاتها وإداراتها ومؤسساتها وأرضها وكل شعبها، سنرى الاتزان والنجاح والاتقان بإذن الله في شتى مجالات الأعمال وفي شتى مناحي الحياة في أوطاننا، ببناء وتنمية ذواتنا يبدأ بناء محيطنا ودولتنا بمشاركة الجميع في البناء، وسنضيف بذلك إسهاما مفيدا بالمشاركة في البناء والتنمية المستمرة على صعيد كل الإنسانية في شتى المجالات، إن التعاون والتحاور والتشاور من أساسات البناء، ويجب أن نتذكر دائما بأننا بين الصواب والخطأ وبين المزايا والعيوب، وذلك لكي ننبذ الخطأ بالنصح بيننا وبهدف تقليله قدر الإمكان، لا أن تغالطنا عقولنا فنحارب الخطأ بذم بعضنا البعض وبهدف نيل العصمة !، فالعصمة فقط للأنبياء، ويجب أيضا أن ننظر لبعضنا البعض بمنظور المزايا لا العيوب لننمي بذلك مزايانا وننهض ببعضنا البعض فتقنن العيوب بيننا قدر الإمكان، لا أن لا نحارب النقص بهدف نيل الكمال فالنقص فينا مهما ارتقينا، إن الكمال لله وحده.
الحمد لله على نعمة الإسلام، والحمد لله على نعمه التي لا تعد ولا تحصى، إن نعم الله علينا أمانة لنا وجب علينا أن نحافظ عليها ونساهم في عمارها والارتقاء بها، لا أن نسهم في خرابها وهدمها، ألا إن أنفسنا أمانة وأرضنا أمانة، فلنحافظ على كل نعم الله علينا ولنعمرها قدر استطاعتنا.
إن الإنسانية من ضمن المتغيرات فهي تطمح دائما للتغيير، وتبقى المبادئ والقيم الراسخة ثوابت وأساسات تفيدنا أيضا عند إرادتنا التغيير للأفضل في شتى مجالات أعمالنا ومناحي حياتنا، ألا إن المحبة كنز للعارفين والعاملين بمعناها، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)، لنأمل من الله كل الخير لبعضنا البعض في شتى مجالات أعمالنا ومناحي حياتنا، نسعى ونتوكل ونعمل، نتآخى ونتحاب، نتحاور ونتشاور، وما التوفيق إلا بالله.
– علاقة الإنسانية بالمبادئ والقيم: (الإنسانية من ضمن المتغيرات فهي تطمح دائما للتغيير، وتبقى المبادئ والقيم الراسخة ثوابت وأساسات تفيدنا أيضا عند إرادتنا التغيير للأفضل في شتى مجالات أعمالنا ومناحي حياتنا).
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً