المعيار الموضوعي لا يمكن أن يتناقض مع أبسط مرتكزات العدل ، بعكس الشخصي أو المسخ الموضوعي وفي جوهره شخصي ، فالاول ينبع من قبس الهي ( العدل والحق المجرد ) أما الثاني فمن أمراض البشر ( الاقصائية والحقد والحسد والبغض والمصلحة والجمهور ….. الخ ) . والموضوعي لا يعني الحرفية كما يفهم البعض ، وللأسف كم ساءنا من المحامي عمر الحباسي قوله أنا أطبق القانون في إشارة لمعايير هذا المسخ مجمع تشخيص مصلحة النظام الايراني (نآسف هيأة النزاهة والوطنية)!!! النزاهة والوطنية أمسى لها هيأة عليا في بلدي ليبيا ( وعليا على فكرة اختراع شيعي كما علمنا ، فهذه الهيأة إذن تصادم الاسلام وتعارضه !!!!!) والمضحك المبكي أن النزاهة والوطنية في بلدي تصدر بقرارات ويدافع عناه ناطق اعلامي ظنناه لأول وهلة قائداً يحمس جنوداً للمعركة (أخافنا وأرعبنا هذا الهمام) هذا مقاتل أم ناطق اعلامي؟!!، وللاسف أحد أعضاء هذا الجهاز (الرائع جداً والمناظر لنظام الاقصاء والظلم الايراني) ، أحد أعضاءها يمتهن المحاماة !!!! كما أهنت المهنة النبيلة يا أستاذ عمر !!! تطبق القانون، ألم ندرس أن التفسير الحرفي للنصوص يؤدي إلى الظلم، وتعلمنا أن مهمة القاضي أو من ينفذ القانون ليس تطبيق القانون (بالمعنى الحرفي) بل تحقيق العدل في ضوء القانون، أي الغاية.
فألف تبٍ لنا وتباب إذا كان هذا هو عدلنا !!!!! أما كان الأجدى لك أن تستقيل عوض أن تكون عضواً في هذه المهزلة التي أنشاءها أناس ملء قلوبهم حقد وإقصاء وسواد ، هذا المسخ وقواعده العائدة للقرون الوسطى لا يمكن أن يقرها محامي آمن بمهنة المحاماة وبالعدل كقيمة مطلقة ….
شخصان آخران يدافعان عن هذ العار القانوني والحقوقي والاسلامي قبل ذلك وبعده المسمى ( العزل السياسي) !!!!وعلى فكرة يدعيان أن مرجعيتهما إسلامية !!!! لا بل حياتهما كلها قوامها الاسلام وتعاليمه ، تقريباً حتى في أحلامهما !!!!!! يا للعار . فعلاً يا للعار .. يقولان جهاراً نهاراً أنهما متأكدان أن قانون العزل السياسي قد يظلم العديد ولكنهما سيوافقان على هذا الظلم من أجل مصلحة البلاد !!!!!( طبعاً البلاد هنا مصطلح يعني حزبي أو جماعتي أو مذهبي او أي شيء ما عدا الوطن ) ….فعلاً يا للعار . وماذا نفعل يا جهابذة الفكر الاسلامي بالحديث القدسي عن رب العزة والذي يخاطب فيه كل فرد منا: ” . يا عبادي إني حرمت الظلم عن نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا ” … ، وماذا نفعل بحديث المصطفى صلى الله عليه وآله حيث يقول: ” فإن الإمام لأن يخطيء في العفو خير له من أن يخطيء في العقوبة ” ..وتذكر أن هذا الحديث عن المخطيء وليس المتعمد !!! وتذكر أنه عن المتهم بجرم معين !!!!!قارن بين كلام العدل ، وبين سخافات وسفاسف الانتقام السياسية والانفس المريضة و العقول المصابة بلوثة الاقصاء من اجل السيطرة !!! قارن واستفتي قلبك بشرطالتجرد من الاهواء والمصالح والكبر والغرور وكل ما قد يضيع موضوعية اختيارك.
طبعاً ، هذان وامثالهما كثير تجدهم يحدثونك باسهاب عن العدل وعن قصة البغلة التي لم يمهد لها عمر بن الخطاب الطريق ، وقد يجهشون في بكاء مصطنع يثير الاشمئزاز والقرف ، ثم حينما تأتي للافعال تجد النقيض تماماً قديماً قال فليسوف الرومان سينكا: “لا تقل لي ….أرني” …قصص للتسلية والمطلوب أن تطبق عليهم هم لا خصومهم او من يكرهون أو يعادون فهؤلاء قطعاً مستثنون من هذه القصص ، هذه القصص للتسلية ولهم هم يعني لنا (نحن) أما ( الهم) فقطعاً لا وألف لا ..
نحن نعيش تناقضات عجيبة ، فمثلاً وفقاً لمعايير وتنظيرات هؤلاء سُيعزل عمر بن عبد العزيز ، وتُمنح النزاهة والوطنية لأحد أعتى المجرمين والسفاحين وهو أبو جعفر المنصور العباسي !!!!وبالمناسبة هذا السفاح المجرم وأقرانه كالمعتصم والمتوكل (تخيل هذا المجرم السفاح يسمى بناصر السنة !!!!)… هؤلا ء كلهم يتغنى بهم اولئك !!!! وتجد أسماء هؤلاء المجرمين على شوارعنا وأحياءنا !!!!! .. أليس من تناقض الشخصية ودليل مرضها أن تجمع بين حب عمر بن الخطاب وابن عبد العزيز وبين هؤلاء المجرمين ؟!!!
ولكن يا ترى من سيختار الناس عقب انقلاب بني العباس المسلح ضد بني أمية إذا ما ترشح لاختيار الناس عقب الثورة مباشرة ، أي قبل أن يتولى أبو جعفر المنصور الخلافة ويفعل ما فعل ، وبدون أن يكون عمر بن عبد العزيز قد تولى الخلافة وشاع عنه ما شاع من عدل ؟!!!! من سيختار الناس عمر بن عبد العزيز ام أبو جعفر المنصور ؟ !!!! أبو جعفر المنصور من كان معارضاً لنظام بني أمية وشارك في ثورة زيد بن علي بن الحسين وفي المعركة الشهيرة ونجى من الموت باعجوبة ، أم عمر بن عبد العزيز الاموي صهر بني أمية وابن عمهم والمقيم في قصور الخلافة واحد ولاتهم على المدينة المنورةمن يا ترى ؟!!!
طبعاً لن يشفع لأبي جعفر المنصور معارضته لظلم بني أمية ، فقد كان واضحاً أن مشكلته ليست مع القيم المطلقة كالعدل والحرية والشفافية وحقوق الانسان بل من يحكم ومن يستفرد بالحكم !!!! فالقيم والمباديء لا مكان لها في قاموس هذا الطاغية ومن معه
، والناس في أغلبها لا يخفى عنها ذلك .. والناس وقتها( وحتى قبل أن يتولى عمر بن عبد العزيز الخلافة ) كانت تعرف ماذا كان يفعل عمر بن عبد العزيز داخل قصور الخلافة ومع بني أمية ، هل كان يسرق ، يقتل ، يشرعن الظلم ويثبته ، أم يحاول الاصلاح أو لنقل تخفيف الظلم قدر استطاعته بالرغم من قصته المشهورة مع خباب بن عبد الله بن الزبير !!!!
نعم الناس تدرك ما لا يريد ادراكه أصحاب عقليات أبي جعفر المنصور، ولذلك عندما خلع ابن عبد العزيز رحمة الله نفسه كخليفة واعفى الناس من بيعته ، قام الناس بمبايعته !!!
ما هو الدرس المستفاد ؟!! من يقرر عدم أهلية الناس شرعياً هو القضاء وذلك في جرائم بعينها كالقتل والاختلاس والتعذيب أو تمجيد الظلم والتنظير له في محاكمة عادلة يُكفل للمتهم فيها كل ضمانات المحاكمة العادلة ، على أن يبقى متمتعاً بأصل براءته حتى يصدر حكم نهائي في القضية . وهنا لسنا كذاك الذي ذكرناه أصحاب مذهب حرفي ، فالعدل يقتضي أن نفرق بين من كان يمجد النظام لمصلحته الشخصية ، وبين من اضطر اضطراراً لمصالح الناس كانقاذ سجناء أو رفع مظالم ناس بلغت حدوداً لا تطاق !!!! والناس في مجملها تدرك هذا الفرق بفطرتها.
ومن يقرر عدم أهلية الناس سياسياً هو الشعب في اختيار شفاف ونزيه !! هذه هي المعايير الموضوعية التي تجعلك تنام نوماً قريراً هاديء النفس.
نعم يمكن أن تدفعك غريزة الانتقام وشهوة السلطة والحقد لأن تأخذ ما فعل حكام العراق الجدد او عبد الناصر أو القذافي أو بني العباس أو كل الطغاة والظلمة والمجرمين وأغلب المنتصرين على مر التاريخ وتعتبر سوابق هؤلاء المجرمين دليل شرعية ما تفعل !!! أتدرون أن أحد هم يقول بأنه يصدر في أفعاله قبل أقواله عن الاسلام حصراً ضبطته يستشهد بما فعل عبد الناصر بعد انقلاب 1952 ليشرعن العزل السياسي !!!!! فعلاً يا للعار ، ويا لهذا السفه.
التاريخ حينما يخلد سير أشخاص كعمربن الخطاب ، وعمر بن عبد العزيز وصلاح الدين الايوبي لا يفعل ذلك لأنهم حرصوا على قيم ومباديء فقط ، بل لأنهم فعلوا ذلك في مواقف ومواقع يندر أن يتمسك بها باقي البشر . أي أنهم بلغوا اعلى درجات الإنسانية والالتزام . ولذلك فمثل هؤلاء تاريخ مشترك بين البشر جميعاً ومحط احترامهم جيمعاً ، وهل هناك ما يجمع بين بنيء البشر أكثر من القيم والمباديء والاخلاق . وان كان المرضى نفسياً والمصابين بلوثة عقلية لا يهمهم التاريخ وبني البشر كثيراً بقدر ما يهمم الانتصار وليذهب البشر والتاريخ والمباديء للجحيم .. نحن فقط ، أم ال (هم) فليذهبوا للجحيم وليحمدوا الله كثيراً أن تمننوا عليهم وتركوهم أحياء.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً