بعد عام من اندلاع الحرب في السودان، ماذا لو أن مهاجرا سودانيا غادر الخرطوم في إبريل الماضي يعود إليها اليوم، ماذا سيقول ,ماذا سيجد، في بلد تتناهبه الاضطرابات منذ أكثر من عقدين، وكل مرحلة تأتي أسوأ مما قبلها.
الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، يتبادلان القصف والاتهامات منذ عام، وكل طرف أوجد لنفسه مسوغا سياسيا وحلفاء إقليميين و دوليين، وكل طرف يقول إنه يريد سودانا واحدا، لكن لا أحد مستعد للتخلي عن شيء مما تحت يده من سلاح ومال و ذهب ونساء وأطفال، رغم سقوط آلاف القتلى ونزوح أكثر من 8,5 ملايين شخص، حسب الأمم المتحدة.
أطراف النزاع
تدور الحرب في السودان بين، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، ونائبه السابق، قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو المعروف بـ”حميدتي”.
هؤلاء الرجلان كانا حليفين عام 2021، وأطاحا بالسلطة المدنية التي تقاسما معها الحكم بعد إسقاط نظام الرئيس السابق عمر البشير عام 2019.
كيف بدأ القتال
في 15 أبريل من العام الماضي، دارت اشتباكات عنيفة في العاصمة الخرطوم، وأعلنت قوات الدعم السريع السيطرة على المطار الدولي، وشنّ الجيش غارات جوية على قواعد قوات الدعم السريع.
وفي اليوم التالي، أوقف برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة مساعداته، بعد مقتل عدد من عمال الإغاثة في المعارك الدائرة في دارفور عند الحدود مع تشاد، وفر الآلاف من سكان الخرطوم من المعارك، فيما أجلت الكثير من الدول رعاياها.
انتشار السلاح..وفشل المبادرات
في إقليم دارفور المشهور بالتطهير والقتل الجماعي، ب>ا توزير السلاح على المدنيين، ولم تستمر الهدنة التي أبرمت في 25 أبريل بوساطة الولايات المتحدة والسعودية طويلا، ، مع تبادل الجيش وقوات الدعم السريع الاتهامات بخرقها، وجميع اتفاقات وقف إطلاق النار لاقت ذات المصير، ولاحقا في شهر مايو انسحب الجيش من المفاوضات الجارية في السعودية، وقصفت قواته مواقع للدعم السريع بالمدفعية الثقيلة في الخرطوم.
المال سوسة البلاء
تجارة الذهب غير المشروعة وما يتبعها من تهريب للأموال عمقت معاناة البلاد، وأعلن وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، انخفاض إيرادات البلاد بأكثر من 80 في المئة، كاشفا عن نهب 2700 كلغ من الذهب من مصفاة الخرطوم الحكومية.
جرائم حرب بدارفور
في 14يوليو، باشرت المحكمة الجنائية الدولية تحقيقا بشأن جرائم حرب محتملة في دارفور، لا سيما أعمال عنف جنسية واستهداف مدنيين استنادا إلى انتمائهم العرقي.
وفي منتصف أغسطس، امتدت الحرب إلى مدينتين كبيرتين جديدتين هما الفاشر في دارفور والفولة في ولاية غرب كردفان، فيما تكثف القتال في الخرطوم.
في 25 أغسطس، رأت الأمم المتحدة أن الحرب والجوع يهددان بـ”القضاء” على كامل السودان، حيث يعاني آلاف الأطفال من سوء التغذية ويواجهون خطر الموت.
مواجهات في بورتسودان
في 18 سبتمبر، جرت مواجهات في بورتسودان شرقي البلاد، حيث أقام البرهان قاعدته بعدما حاصرت قوات الدعم السريع المقر العام للجيش في الخرطوم.
مباحثات سلام من جديد
استؤنفت مباحثات سلام برعاية الولايات المتحدة والسعودية في 26 أكتوبر في جدة، بمشاركة منظمة “إيغاد”، من دون أن تسجل نتائج.
وفي ديسمبر، اتهمت واشنطن المعسكرين بارتكاب “جرائم حرب”.
اليوم قوات الدعم السريع تسيطر على غالبية أرجاء العاصمة، والجزء الأكبر من دارفور ودخلت ولاية الجزيرة في وسط البلاد الشرقي.
وفي نهاية مارس، أعربت واشنطن عن أملها باستئناف المباحثات “في 18 أبريل (الجاري) أو قرابة هذا التاريخ”.
من يدعم البرهان؟
ــ أهم داعم للبرهان هي مصر التي تشترك في حدود مع السودان، وسلمت طائرات مسيرة للجيش السوداني.
ــ إريتريا، كانت من بين أول محطاته عندما استأنف رحلاته الخارجية العام الماضي.
ــ يعتمد البرهان على الدعم المادي من إيران، بما في ذلك الطائرات المسيرة إيرانية الصنع.
ــ أعلنت بعض الحركات المسلحة في دارفور انخراطها رسميا في القتال إلى جانب الجيش السوداني.
ــ أعلن حاكم إقليم دارفور، رئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، أن قواته ستحارب إلى جانب الجيش السوداني.
من يدعم حميدتي؟
ــ الإمارات العربية المتحدة أهم حليف لحميدتي، وبحسب خبراء الأمم المتحدة أرسلت الإمارات أسلحة إلى قوات الدعم السريع عبر شرق تشاد.
ــ في تقرير نشر في يناير، قال خبراء الأمم المتحدة إن قوات الدعم السريع، عززت تحالفاتها القبلية الممتدة عبر الحدود الغربية للسودان، وجلبت السلاح أيضا من ليبيا وجمهورية أفريقيا الوسطى والوقود من جنوب السودان.
ــ قبل اندلاع الحرب، عزز حميدتي علاقاته مع روسيا.
ــ تستعين قوات الدعم السريع بمسلحين من دول أجنبية، مثل النيجر وتشاد.
قوى أخرى لها تأثير.
ترتبط السعودية بعلاقات وثيقة مع البرهان وحميدتي، وكلاهما أرسل قوات إلى التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
ــ تتمتع إثيوبيا وكينيا، القوتان الكبيرتان في شرق أفريقيا، ببعض النفوذ بسبب دورهما البارز في الدبلوماسية الإقليمية والوساطة السابقة في السودان.
ــ عرضت إسرائيل، التي كانت تأمل في المضي قدما في تطبيع العلاقات مع السودان، استضافة محادثات بين الجانبين.
بالعودة لبداية هذا التقرير، لوعاد مهاجر سوداني إلى بلده اليوم، سيجد مدنا مدمرة، واسواقا منهوبة، نساء مغتصبات وأطفال تم تجنيدهم في الحرب، وسيسمع الكثير من الأخبار عن حرب عبثية لا معنى لها، وكل ما فعلته أنها مزقت بلدا لم يكن ينقصه المزيد من الصعوبات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية.
اترك تعليقاً