اقبل علينا العام جديد، ربما لن يختلف علينا في وطننا بشئ ، الا مزيدا من العند والكبر ، عند البعض ، والجهل ، وامراض العنصرية والقبلية ، عند آخرين.
فمن قال ان القذافي انتهي يوم موته ، فقد ادركه العمي ، فهو يعيش معنا منذ ان مات ، والى ماشاء الله ، عبر اجيال صنعها من الجهلة ، عبر ابنائه واحفاده في تراثه الفكري المتخلف ، فلقد صنع عقولا من حديد لا تفقه قولا ، ولا تستشير عقلا ، وانما اطباق متحركة ، من الحقد وتمني الفناء للجميع ، نعم اربعين عاما صنعت ثقافة الجهل والكذب ، والاستهانة بكل القيم الاخلاق ، فلا يرون القتل خارج القانون جرما عندهم ، ولا يرون سجن الابرياء جريمة نكراء ، نحن اليوم نعاني وكذلك وطننا ، فقد انهار بفعل نظام مريض ، نظام لا يعرف الاخلاق ولا حتي يسمع عنها ، والجميل ان هؤلاء القتلة أول من ذاق نارهم هو صانعهم ، وباني ثقافتهم ، وكم من غثيان يصيبك ، وانت تستمع الى من ينظر للجماهيرية الثانية ، في صلف وكبر وانحطاط ، لن تجد له مثيلا ، وهو الذي سرق مع من سرقوا ، كل ماخف وزنه وغلا سعره ، ليهربوا وليتركوا قائدهم وحيدا ، يواجه غضبة الرب على أيدي من كانوا عندها رجال الثورة ، وقبل ان تتفتح شهيتهم علي المكاسب والمغانم.
عام جديد تتكرر فيه التجارب ، ويصحوا في العقول تراث اربعين عاما من الاستبداد ، ليصحوا فينا الحنين الى الدكتاتور مجددا ، نشتاق الى الامن الداخلي ، ونشتاق الى القائد الصنديد والمهيب ، لنصنع صنما جديدا ، والذي جاءت به ثورة فبراير ، حقا لقد اخطئت فبراير خطأ كارثيا قاتلا ، يوم ان استجلبته الى ارض الوطن ، فمنذ اليوم الأول كان يعتقد انه القائد ، وانه ايضا ملهم ، مثل قائده السابق ، فكان احد مشاكل فبراير ، وقصته مع اللواء عبدالفتاح يعرفها الجميع ، ثم انقلب ليذيع بيانه المضحك المبكي ، والذي لم يعيره الوطنيين أي اهتمام بكل أسف ، ولم يتوقعوا نتائجه ، وتناسوا البيئة التى هرب اليها ، بيئة القبائل التى لا تؤمن بالدولة وانما تؤمن بمكاسبها ومغانمها ، والتى كانت عدوا لفبراير ورجالها منذ الدقيقة الأولى ، الم تذبح الذبائح للرتل الذي زحف ليقيم المشانق لأهل بنغازي ، ألم تكن دائما أداة القذافي لقمع بنغازي وسكانها ، لقد كانوا يحملون حقدا دافعه الشعور بالنقص الدائم تجاه الحضر وثقافتهم.
عام جديد نتذكر فيه ، ولن يكفينا اسماء من كان سببا في موتهم ، وفي ترميل نسائهم ، وتيتيم اطفالهم ، خمسة عشر ألفا من أبناء الوطن ، دفع بهم الى نار حرب بعيدة عن فنون القتال ، فهل يستحق اقتحام حيين ببنغازي هذا العدد من الضحايا ، ولكن لم تكن اعداد الموتي ذات اهمية عنده ، فقد اقنع الرعاع ان ابنائهم ذاهبون الى الجنة ، عبر ثلة المداخلة الفاسدين ، وعليهم تعليق الاضواء ابتهاجا بذلك ، وقد آلت نساء بعضهم الى ممارسة البغاء للصرف على الايتام ، وآل المرضي الى اوجاعهم ، ولا من يهتم بهم ، فقد انقضت الحاجة اليهم ، وصاروا يستجدون و يبحثون عن من يعالجهم ، اما ابناءه فيكفي انشغالهم بما يتغني به بلعيد عن الصنديد ، وباملاكهم واستثماراتهم ، هناك في مملكة الهاشميين ، خاصة بعد غزوة البنك المركزي ببنغازي ، والتى كان شاهد الزور فيها محافظ المركزي الموازي ، والذي يتميز بالخوف من ظله.
قتل الدواعش ببنغازي نعم ، وكانوا موجودين نعم ، وقد اغتالوا ظلما ، اكثر من مائة وخمسون شخصا نعم ، خلال ثلاث سنوات ، بينما تسبب الصنديد في قتل خمسة عشر ألف مواطن ، لا ناقة لهم في هذه الحرب ولا جمل ، ودمر مدينة بنغازي ونسيجها الاجتماعي ، والتى لم يفعل ويل الحرب العالمية الثانية ذلك بها ، وكأن دمارها خطط مدبرة ، للحاقدين عليها وأهلها ، والذين كانوا ضحية كرمهم لقائدهم ، والذي تحالف مع القوي القبلية الحاقدة عليهم ، والمحيطة بهم ، والتى لا تتميز بشئ اكثر من كراهيتها للدولة ، والقوانين ، وبدأت حربها علي الدولة منذ مطالب الفيدرالية القبلية ، ومسمي الفيدرالية منهم براء ، فقد كانوا همجا يكرهون من يختلف عنهم ، لسانهم يقطر حقدا.
عام جديد ومصراته ايضا يتغلل فيها الفاسدين ، اصحاب الثروات من اتباع القذافي ، لكي يضعوا مصراته في صورة غير صورتها الحقيقية ، بتصرفات لا تتناسب بمن صنع الثورة ، نعم مصراته تخوض المخاض لتتخلص من آفات لحقت بثوبها ، فهل سيكفيها عام لتمسح مالحق بها.
عام جديد والصراع بين امعيتيق وجماعته في صف ، والسراج ومازن رمضان في صف آخر ، والمجبري والقطراني ، واللصوص باسم حقوق برقة في صف ثاني ، وصوان وجنده في صف آخر ، ولا تنتهي الصفوف ، ولكن أكثرها قوة وثبات ، صف الصديق الكبير ، فهو صف أقوي من الجميع . عام جديد مع المليشيات ، زمرة اللصوص المتسترين بالدين او بدونه ، ومع آلاف يتقاضون مرتباتهم كمتعاونين ، من السفارة الإيطالية ، سخاء وحبا وكرما من روما.
عام جديد و الصلابي وجماعته ومن يمثلون في صف وحفتر والمصريين والامارات صف عاشر.
عام أخر والامم المتحدة لا تعلم ما تريد ولا تدرك ما تفعل… عام جديد ونحن نعايش عقيلة صالح ،والمشري ، والثني وسعادة رئيس الوزراء الايطالى ، يجوب الوطن متي شاء وكيف شاء.
عام آخر سنسمع صحفيين ومحللين سياسيين ، تقطر السنتهم فتن وكذب ودجل ، منهم من ترعرعوا هناك في جبال افغانستان ، ثم اكملوا دراستهم عند المخابرات الدولية.
عام آخر من تغريدات شمام وقنواته الامارتية ، وجمعة القماطي وسفاسف قوله ، وعبدالقيوم والمصراتي وتفاهات نجم.
عام جديد لن يأتي بأي جديد ، بالرغم من ثقتنا بالله ان تحدث المعجزة ، و بالرغم من الدماء التى سكبت يبدوا أن صراعا وخلافا واحدا لم ينتهي ، وسنستمر في دفع الدماء ، فمن في يديه المدافع والقنابل لازال في مواقعه ، لم يتحرك وان بدل البعض مواقعهم.
عام كسابقه لا يبشر الا بالويل وعظائم الأمور ، ولكننا نعلم أن هناك ربا عظيما قادرا نستجير به ، من هذه العصابات التى استوطنت وطننا ، وتحرق الاخضر واليابس لمصالحها ، فلندعوا الرب جميعا فهو ملجئنا ، اما الوطنيين فنقول لهم احلاما سعيدة ، وغطيطا هنيئا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
ليبيا مختطفة من عصابات تتنافس على استغلالها بكل الطرق. ولا حلّ لمشاكلها الاّ بوضعها تحت وصاية الامم المتحدة. بحيث تحكمها دولة اوربية لمدة عشر سنوات. ويتم تقسيمها الى 10 أقاليم تحكم نفسها محليا.
ويوضع لها دستور فدرالي ينظم العلاقة بين الحكومة المركزية وحكومات الاقاليم
بدون هذا الحل سنبقى نرفس ونعجن ونلخبط 40 عاما اخرى.