أفادت صحيفة “العربي الجديد” بأن الأطراف الليبية تُواجه ضغوطاً أمريكية متزايدة من أجل إجراء الانتخابات في وقت قريب، وقبل ذلك إنجاز القاعدة الدستورية للانتخابات التي لا تزال محل خلاف بين مجلسي النواب والدولة، فيما قالت مصادر لـ”العربي الجديد” إن تركيا لم تخف امتعاضها من سياسات رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، خلال لقائه مع مسؤولين أتراك.
ووفقاً لتقرير الصحيفة الذي نُشر عبر موقعها الرسمي، فإن الإدارة الأمريكية تضغط على الأطراف الليبية من أجل حسم الخلاف الحكومي بأي صورة، دون أن تبدي رأيها في شرعية أي من الحكومتين المتخاصمتين، أو مقترح تشكيل حكومة ثالثة، لكنها، بحسب مصادر ليبية متطابقة، شددت على منع خيار عسكرة الصراع واستخدام السلاح لصالح أي من الأطراف المتصارعة، بما فيها الحكومتان.
ونوهت “العربي الجديد” نقلا عن مصادر متعددة، برلمانية وأخرى مقربة من المجلس الأعلى للدولة، بأن رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح سيزوران أكثر من عاصمة عربية، في إطار سعيهم لاطلاع الأطراف الدولية والإقليمية على رؤاهم الخاصة بتجاوز الانسداد السياسي والدستوري الحاصل في البلاد.
ولفتت المصادر إلى أن صالح سيجري زيارة إلى العاصمة الأردنية، الاثنين المقبل، للقاء مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى لاطلاعهم على رؤيته الخاصة بتسوية تمكن الحكومة المكلفة من مجلس النواب من السلطة لفترة تمهيدية لإجراء الانتخابات، مقابل سعي رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري لإقناع القاهرة وأنقرة بضرورة “تشكيل حكومة مصغرة بديلة عن حكومتي الدبيبة وباشاغا لقيادة البلاد نحو الانتخابات”، استنادا إلى رأيه بأن “كلتا الحكومتين ستقف عقبة أمام التوافق على قاعدة دستورية”.
من جهة أخرى، لم ينل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، دعماً كاملاً من تركيا التي زارها مؤخرا، وكل ما حظي به، وفقا لمصادر حكومية “دعم مشروط، بضرورة ضبط إيقاع المجموعات المسلحة في طرابلس”، ووفقا للمصادر، فإن “تحقيق ذلك كفيل بإبقائه في السلطة على حساب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب الليبي، فتحي باشاغا، لحين إجراء الانتخابات”.
وبحسب المصادر التي تحدثت لـ”العربي الجديد”، فإن تركيا لم تخف امتعاضها من سياسات الدبيبة، خلال لقاء الدبيبة مع مسؤولين أتراك”، خصوصا ما يتعلق بـ”خطواته في ملف النفط، والاتصال الذي حدث بينه وبين ومعسكر خليفة حفتر ونتج عنه تعيين رئيس جديد لمؤسسة النفط مقرب من حفتر”.
وأشارت المصادر إلى أن أطرافاً خارجية كانت حريصة على التواصل برئيس مؤسسة النفط المقال من قبل الدبيبة، مصطفى صنع الله، وبناء علاقات معه، ومنها تركيا، للحفاظ على مصالحها، ملمحة إلى أهمية المؤسسة بالنسبة لتركيا، خاصة “بعد اتفاقية ترسيم الحدود البحرية المبرمة بين ليبيا وتركيا”، والتي تشكل استثمارات النفط والغاز في شرق المتوسط “أبرز ملامحها”.
كما أشارت المصادر إلى أن تركيا “أبلغت الدبيبة بامتعاضها من وقوفه وراء مجموعات مسلحة استخدمت السلاح بشكل مفرط داخل العاصمة”.
ووفقا للمصادر، فقد تعهد الدبيبة أمام المسؤولين الأتراك بـ”عدم معارضة أي تسوية من شأنها إنجاز خارطة طريق جديدة تفضي إلى إجراء الانتخابات في مدة قريبة، أقصاها مارس من العام المقبل”.
في المقابل، أكدت المصادر، أن باشاغا “لم يحصل على أي وعود تركية بدعم حكومته” مشيرة إلى أن المسؤولين الأتراك شددوا على أهمية “التهدئة العسكرية في طرابلس”.
وعزا مصدر حكومي وثيق الصلة بكواليس لقاءات الدبيبة وباشاغا بالمسؤولين الأتراك مؤخرا، الرغبة التركية في التواصل مع باشاغا لسببين؛ المحافظة على اتصالها بشرق ليبيا والخطوات السياسية التي أنجزتها هناك، بعد طول جفاء، إضافة إلى حرصها على استقرار العاصمة طرابلس وعدم تسبب حلفاء باشاغا في توترات عسكرية جديدة”.
ويبدو أن زيارات القادة الليبيين للعواصم العربية والإقليمية تأتي في سياق محاولاتهم تخفيف الضغط الأميركي لدفعهم نحو إجراء انتخابات قريبة، وفقا لرأي الباحث في الشأن السياسي زايد وهيبة، الذي يرى أيضاً أن كل طرف يحاول تمرير رؤيته التي تصب في تحقيق مصالحه.
ويلفت وهيبة، خلال حديثه لــ”العربي الجديد”، إلى أنه بعد مرور يومين على لقاءات الدبيبة وباشاغا في تركيا لم ينعكس أي جديد في المشهد الليبي، ما يعني أن “تركيا لم تعط وعدا واضحا بالدعم، والأهم من ذلك أن تركيا لم تعلن عن أي موقف واضح، وهو كاف لوضوح موقفها المحايد منهما”، وبالتالي فهو يرى أن ما أنتجته الوساطة التركية لم يتجاوز حد عملها على تجنيب العاصمة تصعيدا عسكريا جديدا.
من جانبه، شدد الصحافي سالم الورفلي على ضرورة أن تتضح المواقف الخارجية بشكل كامل “ومن بينها موقف القاهرة والجزائر، فكلتاهما له ثقل في الملف الليبي، كما أن زيارات عقيلة صالح والمشري تبدو مستمرة، وغير معلنة، ما يزيد من حجم الغموض حول الوضع المقبل”.
ويؤكد الورفلي، في حديثه لـ”العربي الجديد”، على أهمية وضوح الموقف الدولي أيضا من تحديد مصير الانتخابات أو الوضع السياسي الحالي، لافتاً إلى أنه سيناط بالمبعوث الأممي الجديد مهمة إعداد الأطراف الليبية لقبول إجراء الانتخابات وفق جدول زمني جديد.
وأعلنت الأمم المتحدة عن تعيين، عبد الله باتيلي، مبعوثا أمميا جديدا، في خطوة قد تساهم في دفع الملف باتجاه طريق الانتخابات، بعد 9 أشهر من الإخفاق في اختيار مبعوث أممي.
ويرى الورفلي أن ملف الانتخابات “لا يزال مهددا بالخلافات الليبية التي قد تجد في صعوبة التوافق الدولي على حل ليبي فرصة لالتفافات ومناورات جديدة لعرقلته”، مشيرا إلى أن “تزايد الثقل الأميركي في الملف الليبي قد يكون دافعا باتجاه الانتخابات، لكنه لن يحل الأزمة الليبية إلا بقدر ما يخدم مصالح واشنطن في ظل لعبة المصالح الدولية التي تتعدد فيها الأطراف”.
وإثر تعيين باتيلي مبعوثا جديدا، رحب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، أمس في تغريدة “بالمبعوث الجديد، ودعم جهوده للتوسط في اتفاق وضع إطار دستوري وجدول زمني للانتخابات في ليبيا”.
وفي السياق ذاته، شدد بيان لوزارة الخارجية الأميركية أمس، على “تقديم الولايات المتحدة الدعم الكامل للمبعوث الأممي”، داعية المجتمع الدولي إلى “العمل بشكل وثيق مع عبد الله باتيلي”.
اترك تعليقاً