وصف تقرير نشرته شبكة “سي إن إن” أن مواطنين صينيين كانوا يوثقون ما يحصل في مدينة ووهان حيث اكتشفت أولى حالات الإصابة بفيروس كورونا.
وعرض التقرير عددا من الأسماء لهؤلاء المواطنين الذين لا يعرف مصيرهم، حيث اختفوا بعدما بدأوا في نقل وتوثيق ما يحدث في المدن التي اجتاحها الوباء داخل الصين.
ويعمل غالبية هؤلاء في المجالات الطبية أو الصحفية، فيما بعضهم مواطنين كان لهم اهتمام بتوثيق فيديوهات من مستشفيات تكدست فيها الجثث بسبب الإصابة بفيروس كورونا، وقامت السلطات بحذف منشورات وتقاريرهم المتعلقة بأزمة الفيروس.
وكانت غالبية التقارير توثق وتتحدث عن بطء وأخطاء السلطات الصينية في التعامل مع تحذير المواطنين الصينيين وحتى العالم من الفيروس القاتل، والتي كانت تروي قصصا تتعارض مع رواية الصين داخل وخارج البلاد، والتي تقدم جدولا زمنيا مختلفا عن الأحداث بعيون السلطات.
ويشير تقرير “سي إن إن” إلى أن هؤلاء الأشخاص “دفعوا ثمنا باهظا” مقابل العمل الذي قاموا به، حيث اختفى غالبيتهم، وأول طبيب كان قد أصدر تحذيرا من ووهان توفي بعد إصابته بالفيروس.
السلطات الصينية، تتحكم على بيئة الإنترنت، ولديها تقنيات عالية لممارسة الرقابة على ما يبث عبرها، وحتى مع محاولات البعض لتفادي هذه الأنظمة، غالبا ما تجد بكين طرقا لاكتشافها.
وتظهر غالبية صفحات الإنترنت التابعة لمواقع أو تطبيقات غربية بالرمز “404” أي بما يعني أنه لا يمكن العثور على هذه الصفحة، والتي لا تظهر بسبب خلل في الموقع إنما بسبب حظرها من قبل الصين.
تشن مي (27 عاما)، شاب صيني يعمل في منظمة غير ربحية في العاصمة بكين، كان يعيد نشر تقارير تعتبرها السلطة “حساسة” عن الفيروس والأزمة التي صاحبتها في ووهان وهوبي.
غياب مي، أثار قلق مديره في العمل وشقيقه تشن كون، ليعلما في بعد أن الشرطة اقتادته للتحقيق، على خلفية التقارير التي كان يعيد نشرها، حيث قامت السلطات بحظرها عن الإنترنت.
وحتى الآن، ورغم مرور أكثر من 10 أشهر على اختفاء مي لا يزال مصيره غيره معلوما.
كما أوقفت السلطات آخرون كانوا يقومون ببث مقاطع مصورة من داخل ووهان، من بينهم فانغ بين وتشين كيوشي ولي شيهوا، حيث لا يزال مكان بعضهم غير معروف.
تشانغ شان (37 عاما)، صحفية صينية كانت تعمل محامية، حكم عليها القضاء في ديسمبر الماضي بالسجن 4 سنوات، بتهمة “إثارة الاضطرابات”، وذلك بعدما حاولت إجراء تحقيقات حول الحجر الصحي في ووهان.
وقالت المحكمة إن تشانغ شان نشرت “تصريحات كاذبة” على الإنترنت، وذلك بعدما نشرت في فبراير من 2020، تقارير مصورة على شبكات التواصل الاجتماعي تتعلق خصوصا بالفوضى في المستشفيات.
وفي المقالات التي نشرتها على الإنترنت في وقت سابق من هذا العام، نددت تشانغ بالإغلاق المفروض على ووهان مشيرة إلى “انتهاك خطير لحقوق الإنسان”.
قامت السلطات الصينية باستجواب أي طبيب تحدث عن أزمة كورونا، والذين كان في مقدمتهم، الطبيب لي وينليانغ والذي توفي بالفيروس في فبراير 2020، ما أدى إلى إطلاق سيل من التعليقات الغاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن توجهها السلطات على الفور بالطريقة التي تراها مناسبة.
وكان وينليانغ طبيب العيون البالغ من العمر 34 عاما، قد أبلغ زملاءه في نهاية ديسمبر بظهور فيروس تاجي في مدينة ووهان. لكن الشرطة الصينية استدعته واتهمته بـ “نشر شائعات”.
ورافق لي 7 أشخاص آخرين قام بتحذيرهم من الفيروس اتهمتهم الشرطة بنشر شائعات، وبات هذا الطبيب بطلا وطنيا في مواجهة المسؤولين المحليين المتهمين بمحاولة التكتم على المرض في بداية انتشاره.
وكتب أحد زملائه على موقع “ويبو” للتواصل الاجتماعي “إنه بطل أنذر بانتشار المرض ودفع حياته ثمنا”.
وظهر الالتهاب الرئوي الغامض في أواخر 2019 في ووهان بوسط الصين، ويعتقد أنه بدأ لدى الخفاشات، ويرجح باحثون صينيون أن يكون انتقل إلى الإنسان من خلال البنغول، وهو حيوان حرشفي آكل للنمل من الثدييات.
وعمدت السلطات الصينية إلى وسائل جذرية، ففرضت حجرا استهدف مدينة ووهان في بادئ الأمر، ثم اتسع في 25 يناير 2020 ليشمل كامل محافظة هوباي، عازلا سكانها الـ56 مليونا تماما عن العالم.
وباتت شوارع المحافظة مقفرة وأقيمت حواجز على الطرق لمنع الناس من الخروج من منازلهم، وتم تشييد مستشفيات ضخمة فيها خلال أيام قليلة.
وخلال هذه الفترة أعلنت منظمة الصحة العالمية وضعا دوليا طارئا بدون أن تدعو إلى الحد من السفر.
وصفت الأمم المتحدة الوباء العالمي بأنه أسوأ أزمة تواجهها البشرية منذ 1945، يقترن فيها “مرض خطير” بشبح “ركود غير مسبوق في الماضي القريب”.
اترك تعليقاً