بعد جهد جهيد من النشطاء الوطنيين ومن قيادة غرفة بركان الغضب سُمح للجيش بالتحول من حالة الدفاع البائسة إلى حالة الهجوم بدعم تركيا التي قلبت الموازين العسكرية ثم السياسية، وهو هدف أي حرب، وقبل أن يبلغ الهدف مداه ويندحر العدو تخرج قرارات مثبطة للعمليات العسكرية منها توقف عن اعتراض غارة إماراتية على غريان، وتوقف عن قصف المغادرين لساحات القتال من الوطية، ثم من جنوب طرابلس، وأخيرا المنسحبين الجنجاويد والكفار الروس من ترهونة إلى بن وليد ولم يتم قصف طائراتهم في مدرج مطار بن وليد، وهي اللغة التي يفهمها العدو ولا لغة سواها.
يعتقد بعض الهواة أن دول الشر العربي يمكن تحييدهم أو تغيير مواقفهم أو إغرائهم بالمغازلة السياسية، هذا لا يمكن ولن يتحقق؛ ما كشفه التقرير الأممي الأخير يؤكد مدى انغماس الإمارات في زعزعة الدولة الليبية؛ حيث قامت بإبرام عقود مع أشخاص وشركات عالمية مثل شركة أوبس الكبرى، وهي شركة كان لها فرع في ليبيا لتوفير العمالة فأصبحت في الإمارات شركة لتوفير المرتزقة، وكيف أنها قامت بإبرام عقود لاستيراد 5 طائرات هيليكوبتر وزورقين في 2 يونيو 2019 الماضي مع مشاركة لخبراء أمنيين من جنوب أفريقيا وبريطانيا وفرنسا وأستراليا لأجل اعتراض السفن التركية القادمة إلى طرابلس، ورغم دفع حفتر 80 مليون دولار مقابل الصفقة إلا أنه بعد وصولهم أيقن حفتر أن الطائرات قديمة ولا فائدة منها فوقع خلاف بعد أربعة أيام وهرب الخبراء في زورق إلى مالطا، وحصد حفتر والإمارات ثمن غيهم.
في مسعى آخر قامت الإمارات بوساطة بين حفتر والأسد وروسيا من أجل تزويد حفتر بستة طائرات ميج 29 والتي وصلت إلى قاعدة الجفرة قادمة من روسيا الأسبوع الماضي، وهي طائرات سورية تم إصلاحها وإعادة تأهيلها في روسيا، وهي بقيادة طيارين سوريين. إضافة إلى قيام الروس بفتح باب التجنيد في مدينة حماة السورية، وتم تسجيل 600 مقاتل نقلوا إلى القاعدة الروسية في اللاذقية على أن يتم إرسالهم إلى ليبيا في الأيام القادمة.
زخم الحرب ودوران عجلة القتال يجب أن لا تحبط بقرارات تُعرض الكثير من أفراد الجيش الليبي والقوة المساندة له للخطر، الحرب لا تعرف الشفقة ولا الرحمة لمن هم في الجبهات أو من هم فارين من ساحات الوغى، ولا أن تعطى لهم فرص التجمع والتجمهر وإعادة ترتيب الصفوف.
هؤلاء جاؤوا من آلاف الكيلومترات ليسوا لنثر الورود على أهل العاصمة بل للدمار والقتل والتهجير وهدم الممتلكات.
نتعجب أن يكون هناك قرارات مرتعشة تخلي سبيل المجرمين الكفرة والمرتزقة الزنادقة وهم في مرمى نيران القوات الليبية. حكومة الوفاق تستطيع تحييد قوات حميدتي بعد أن تخلت الإمارات عن وعودها بتسليمه معونة تقدر ب 2.5 مليار دولار وسلمت (500 مليون فقط) وهو يريد أن يهرب من حفتر الخاسر في المعركة، ولكن لا لتحييد مصر أو الإمارات أو السعودية.
نعيد ونقول من يفشل في السياسة يجب أن لا يؤتمن على الحرب، فالحرب لها رجالها ونُظمها وقواعدها وسياقاتها، والحرب طلقة نارية تقضي على العدو أو تقضي عليك، والسياسيون لهم الحق في استثمار النتائج العسكرية وهذا من حقهم إن أمكن لهم ذلك، ولكن ليس لإدارة المعارك، ومن ذلك توقف استهداف القوات المنسحبة من ساحات الحرب، وهو إعطاء مبرر للعودة بقوة أكبر وبجرم أفضع وبحرب أشد، وهو ما رأيناه عند انسحاب قوات الشروق من الهلال النفطي وانسحاب القوة الثالثة من الجنوب، وتمكين السلفية من صبراته، وجيش القبائل من ورشفانة وترك ضابط تافه من يبع غريان برمتها.
بعد فشل حفتر دخول طرابلس أصبحت الخطة (ب) هي الاختيار المفضل: تنسحب قوات حفتر إلى الجفرة، مع إبقاء سرت تحت سيطرته والاستمرار في تغطية سماء الجنوب من أجل منع إعادة تشغيل حقلي الشرارة والفيل، وتجديد المحاولات لتصدير النفط من ميناء الحريقة والزويتينة، وربما العودة إلى طرح كميات من العملات المطبوعة في روسيا، مع تشجيع والوقوف مع عقيلة صالح لفرض مشروع روسيا ومصر لإعادة تشكيل الرئاسي من رئيس ونائبين بحكومة جديدة على أن يكون رئيس المجلس الرئاسي ورئيس مجلس الوزراء من إقليمين مختلفين، وطبعا هما برقة والغرب الليبي أما الجنوب فهو خارج الخارطة السياسية لعقيلة صالح، والغريب أن عقيلة يخرج علينا كل ليلة من بيته في القبة يتحدث عن مجلس نواب غادر مقاعده منذ ألغى حفتر دورهم رغم لعقهم لأحديته وتلميعهم له.
العمل الآن هو تحرير ترهونة ودعم زخم المعارك لتحرير الجنوب من خلال أكثر من اثني عشرة مقاتل متواجدين في الجنوب ولهم القدرة على تحرير قاعدة براك وتمنهنت من أوباش حفتر ومرتزقة الكرامة.
بعد فشل عملية إريني الغربي في المتوسط وعدم اقتناع روسيا بدور حفتر، يكون زخم معارك الجيش والقوات المساندة فاعلا بمساندة لوجستية تركية لضم الجنوب وحتى الشرق الليبي، فليبيا ليست طرابلس، والمهجرين من بنغازي ودرنة وسبها وأباري لهم الحق في الرجوع إلى بيوتهم.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً