تلازم الفساد مع المحاصصة له تاريخ وباع طويل، فالمحاصصة تجسيد للأنانية الفردية، مغلفة بشعارات رنانة مثل رد المظالم أو جلب الحقوق، من أجل كسب الجموع وإضفاء نوع من الشرعية عليها. ورجال المحاصصة هدفهم الأول القضاء على مؤسسات الدولة أو تطويعها لمخططاتهم، فالمؤسسات النزيهة تقف عقبة أمام مخططات الإستحواد على الغنائم التابعة للدولة، وبذلك لا مكان للوطن والوطنية في قلوب هؤلاء إلا بقدر الظفر بخيراته .
الإنسان بصورته الفطرية أناني، ونرى ذلك عند الأطفال، ولقد أودع الله فيه هذه الخاصية من أجل بقاء النوع، ولكن أنزل في ذلك أيات كثيرة لتهذيب هذه النزعة الفطرية. تبني نظام المحاصصة هو العودة إلى تلك الفطرة البدائية، وإطلاق العنان للرغبات التي لا تنتهي على المستوى الفردي والجماعي. للأسف شرقنا الليبي لآسباب إجتماعية وتاريخية أفرز نوابا من هذا النوع في إنتخاباته سنة 2014م، وهؤلاء عملوا على تشريع العنف والقتل والدمار في بنغازي، وصناعة حكومة مزيفة على المقاس، وإصدار عملة بلا رصيد على المقاس، وصرف مبالغ وديون على الدولة الليبية تناهز 20 مليار دينار تحت الحساب من مصرف مركزي تحت الطلب، وتزعموا مجلس نواب الذي لا يجتمع وله من المرتبات والمهايا مئات الملايين.
هذا الوضع لا يختلف عن الوضع العراقي الذي يصدر أكثر من ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميا ويوجد به سبعة ملايين مواطن تحث خط الفقر. بفعل ترسيخ الطائفية والمحاصصة أضعف الجميع الدولة حتى وصل بالعراق أن يقترب فلول داعش إلى مئة كيلومتر من بغداد، وما أنقذهم إلا جيوش الغرب.
المتخاصمون اليوم على الغنائم جميعهم من صف واحد ولا يفرقهم إلا إختلافهم على مقدار الغنائم، هؤلاء ليس لهم قواعد شعبية تحاسبهم ولا ينتمون إلى أحزاب يخافون تدني شعبيتها ولا حتى إلى بيوتات تستحي، بل معظمهم “حطبة ليل” أو كما يقول المثل الليبي (عريس الغفلة) وينتهون بين عشية وضحاها، فاين جظران والبرعصي وأين النائب الأول وأين المعارضين للإتفاق، وأين المحاربين في بنغازي، وأين حملة لواء الفيدرالية، والمطبلين اللذين لا ينامون، وبائعوا أملاك الوطن، جمعهم ساهموا في تعطيل مسيرة الدولة ووضعوا العصي في دواليبها ثم رحلوا إلى غير رجعة، والكثير منهم لعنهم الله ولعنهم اللأعنون، وبالتأكيد وهذه حكمة إلهية لن يهنأ أحد بإغتصاب مال اليتامى والمساكين.
الشرق الليبي ليس هؤلاء المتصدرين للمشهد، هم نوع أخر عرفنا فيهم الإنفتاح والتضحية ونظافة اليد، منهم من عاد إلى مهجرة، ومنهم من هاجر من جديد، ومهم من آثر الصمت وهو يتابع الأحداث في مدن أخرى مثل طرابلس ومصراته ومنهم من لعن وهجر السياسة بعد أن أصبحت عهرا .
لقد شهد معسكر المحاصصة أزمات وفضائح إنقسامات تشظي لم تبقى إلا حلقة واحدة وهي تباعية رأسة مجلس النواب للمخطط الدولى الذي تدعمه بقوة الإمارات، وهو المخطط الذي لا ينفع معه مصالحة أو مفاوضات أو تقريب وجهات النظر لآن الجميع قد إكتوى بناره، وحان الوقت للخروج الجماعي من كل أطياف ليبيا شرقا وغربا وجنوبا لرفض الواقع المرير والذهاب إلى إنتخابات برلمانية ورئاسية تطوي بها السنوات الخمسة العجاف.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اشعر وكان سالم عبد المجيد الحياري القامة الوطنية يتكلم او قام الشهيد ناهض حتر من قبره فكل الاحترام اخي عيسى فالمحاصصة فكرة كومبرادورية اصلا ظاهرها رد المظالم وباطنها اقطاعيات وتفكيك الدولة وطمس الهوية الوطنية
والله يا سيدي انهم كثير يرحلون وياتي غيرهم زرافاتا ووحدانا
وقد قال ذات مرة احد الشعراء الشعبيين يصف من هو على شاكلته ببيت من الشعر
حتى الشيخ اللي نشكوا له وجهه صاح تقول مدقة
المدقة لمن لا يعلمها تشبه السندان