وجه رئيس منظمة الحوار الوطني الدكتور عمر زرموح، رسالة مفتوحة إلى ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز.
وفيما يلي النص الكامل للرسالة تحصلت “عين ليبيا” على نسخة منها:
السيدة/ القائم بأعمال المبعوث الدولي لليبيا
بعد التحية،،،،
نحن منظمة الحوار الوطني إحدى منظمات المجتمع المدني تتخذ من مدينة مصراتة مقراً لها وتتوفر على نخبة من المثقفين في عدة مجالات منها السياسية والقانونية والاقتصادية والأمنية ولديها تواصلات مع العديد من النخب الوطنية من مختلف أنحاء ليبيا.
نتابع بقلق شديد التحركات الأخيرة المتمثلة في اجتماعات عدة تفتقد للشفافية والوضوح وخاصة فيما يتعلق بالأسس القانونية التي تستند إليها ومعايير اختيار أعضائها والجهات التي يمثلونها وكذلك معايير اختيار الدول التي أريد لها أن تجتمع فيها والتي نعلم أن بعضها دول مشاركة في تأجيج الأزمة الليبية وخاصة إبان العدوان على العاصمة طربلس ولم يكن لها مواقف مشرفة مع الشعب الليبي.
عليه،، فإن منظمة الحوار الوطني تود أن تضع أمامكم بعض النقاط التي نعتقد أنها تلبي رغبة الشعب الليبي وهي:
1- إن الشعب الليبي الذي ثار على النظام السابق في 17 فبراير 2011 ودفع الدماء وتحمل التهجير والدمار والعناء، إنما ثار من أجل أن يتمتع وأجياله القادمة بالعيش الكريم كغيره من الشعوب الحية في ظل دولة القانون والمؤسسات والتداول السلمي على السلطة، دولة عصرية لا مكان فيها لأي نوع من الديكتاتوريات. لذلك فإننا نرفض، بشكل قطعي، أي عمل من شأنه أن يحاول إعادة تنصيب طاغية جديد بأي شكل من الأشكال، ولو كان مدنيا ناهيك أن يكون عسكرياً.
2- إن العدوان على طرابلس يوم 4/4 من العام الماضي هو مما لا شك فيه، وكما شهد عليه العالم ووثقته تقارير الأمم المتحدة ووسائل الإعلام، عمل إجرامي ارتكبت خلاله أفظع الأعمال الوحشية ضد الإنسانية بل لم تسلم منه حتى الحيوانات والبنى التحتية. لذلك فإن أي حل للأزمة الليبية يجب أن يتضمن اتخاذ الإجراءات القانونية ضد قائد هذا العدوان وتقديمه للعدالة في الداخل أو الخارج، وكذلك مقاضاة الدول التي دعمت العدوان ومطالبتها بتعويض الشعب الليبي نظير ما تعرض له من قتل وإعاقات وتشريد ودمار.
3- إن عمليات إغلاق الحقول والموانئ النفطية التي بدأت منذ عام 2013 والتي كان آخرها إغلاق يناير 2020 تعتبر من الجرائم الاقتصادية التي يعاقب عليها القانون الليبي. إن هذه االجريمة الاقتصادية التي سببت الأزمة الاقتصادية الحادة (أزمة السيولة، ارتفاع الأسعار، تدهور سعر صرف الدينار، عجز الميزانية العامة للدولة) هي من الجرائم التي تضاف إلى الجرائم المذكورة في الفقرة السابقة والتي يجب أن يحاسب عليها مرتكبها بتقديمه للعدالة.
4- إن أعضاء مجلس النواب الذين انتخبهم الشعب عام 2014 قد تحولوا إلى مغتصبين للسلطة منذ أن رفضوا حكم المحكمة العليا في نوفمبر 2014 ذلك الرفض المشين الذي لم يحصل قط في تاريخ ليبيا. ومما زاد الوضع سوءاً ما صرحت به البعثة الأممية في ذلك الوقت من أن المشكلة الليبية هي مشكلة سياسية وليست مشكلة قانونية مما شجع مغتصبي السلطة على المضي في غيهم، وقد كان بإمكانها أن تشجعهم على احترام القانون وأحكام القضاء تأكيداً لمبدأ سيادة القانون، ولكن ذلك لم يحصل. إن ما حصل، كما يعلم الجميع، هو أن البعثة قد حاولت ترميم المشهد بأن قامت بعمل أنتج في ديسمبر عام 2015 ما يعرف بالاتفاق السياسيي. لكن من المنطقي أن من تجاوز حكم المحكمة العليا لن يكون لديه حدود تمنعه من تجاوز أي وثيقة قانونية، ولذا ليس بالمستغرب إذ لم يلتزم أعضاء مجلس النواب بقواعد ونصوص الاتفاق السياسي مما جعل وجودهم استمراراً لاغتصابهم للسلطة، الأمر الذي يسيء إلى التجربة الديمقراطية في ليبيا فيجعل اغتصاب السلطة عملاً مباحاً ومباركاً ومرضياً عنه من قبل الجميع. إن هذا المنحى في إدارة الدولة يجب أن يكون مرفوضاً شكلاً وموضوعاً ولذلك نطالب البعثة الأممية بالآتي:
أولاً: التشديد على استقرار الوثائق القانونية المحلية والدولية ذات الطابع الدستوري وحصرها في وثيقتين هما: الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي. وأن أي قرارات أخرى مثل قرارات مؤتمر برلين أو غيره يجب ألا تتعارض مع هاتين الوثيقتين، وأنه من غير المقبول أن تتغير مثل هذه الوثائق بتغير مصالح الدول التي نعرف مدى مصداقية ونزاهة كل منها.
ثانياً: التشديد على أهمية وضرورة احترام وثيقتي الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي من الجميع (محلياً ودولياً) والابتعاد عن محاولات تغييرها أو تجاوزها من خلال اتفاقات سرية تعقد في الخفاء بين أشخاص مجهولين بعيداً عن أعين الشعب ليقرروا بها مصير الشعب. إن السؤال الذي يفرض نفسه هو: من أعطى الشرعية للمجتمعين بجنيف تحت رعايتكم؟ إن هؤلاء المجتمعين وأمثالهم لا يمثلون إلا أنفسهم فقط وليس لمخرجات مثل هذه الاجتماعات أي معنى أو قيمة إلا إطالة الأزمة بنفس عناصرها التي أثبتت فشلها.
ثالثاً: العمل الجاد على إنها المرحلة الانتقالية في أقرب وقت ممكن. إن أخشى من نخشاه هو إطالة المرحلة الانتقالية وما يعنيه ذلك من استمرار التوتر الأمني واستفحال الفساد الإداري والمالي وتوقف توحيد وبناء المؤسسات والتأخر في إعادة الإعمار. ما نطمح إليه الآن هو الذهاب مباشرة من اليوم للاستفتاء على الدستور.
رابعاً: رغم عدم اقتناعنا بأي تمديد للمرحلة الانتقالية، إلا أنه إذا كان ولابد، فيجب أن يكون مبرراً وقصير الأجل، كما يجب أن يكون من خلال إرجاع الحق لأهله وهو الشعب من خلال إجراء انتخابات برلمانية جديدة لا مكان فيها لمغتصبي السلطة الذين يجب محاكمتهم على التفريط في الأمانة التي منحها لهم الشعب منذ عام 2014. ولمن يعترض على ذلك من مجلسي النواب والدولة بحجة عدم الاستفتاء على الدستور نقول له إن القاعدة القانونية التي تم بها انتخاب المؤتمر الوطني ومجلس النواب هي نفسها لازالت صالحة لإجراء انتخابات برلمانية جديدة. إن إرجاع الحق للشعب هو الأسلوب الصحيح الذي تجاهله الجميع منذ نوفمبر 2014 ولا نرى أي حل إلا بالعودة إليه والدليل هو فشل الحلول التلفيقية التي حاولت في السابق ترميم المشهد السياسي باستخدام نفس المعطيات.
5- من الضرورة بمكان مشاركة كل المكونات الثقافية الليبية في أي حوارات سياسية كالحوار المزمع عقده في منتصف أكتوبر من هذا العام وعدم قصرها على العناصر التي أثبتت فشلها وقادت الدولة إلى الأزمات والهلاك والقتل والدمار. كما أنه من الضروري بمكان مشاركة الثوار الذين شاركوا في عملية البنيان المرصوص وبركان الغضب والاستماع إلى صوتهم باعتبارهم جزءاً من الحل لا يمكن تجاهله.
6- إن تقسيم المناصب بين الأقاليم الثلاثة أمر لم يعد مقبولاً ولا مستساغاً بعد عام 2020 مع العلم أن هذا التقسيم قد انتهى بموجب التعديل الدستوري لعام 1963 حيث تم إعادة تنظيم إدارة الدولة في شكل 10 محافظات بناءً على دراسة قدمت في ذلك الوقت من خلال الأمم المتحدة. إن عملية اختيار من يتولون المناصب السيادية يجب أن تكون وفق معايير الكفاءة والخبرة والقواعد المهنية لمتطلبات كل منصب وليس وفق مساومات جهوية أو مناطقية أو قبلية.
7- تؤكد المنظمة على أن ليبيا وحدة واحدة غير قابلة للتجزئة، وأن ظهور مجرم أو حفنة من الخارجين عن القانون لن يؤثر في مشاعر الحب والترابط بين عموم أفراد الشعب في شرق ليبيا وغربها وشمالها وجنوبها.
حفظ الله ليبيا
اترك تعليقاً