يا سعادة الرئيس نعرف أن الأمر غير سهل أعانكم الله ولكن من يقبل التحدّي بتصدر المشهد لابد أنه يعرف المخاطر التي تحيط به والصعوبات التي تواجهه وتواجهها البلاد فيكون مستعدا لها ببرامج وتخطيط ورؤية واضحة وأولويات وعزم قوي شديد للتغلب على العراقيل والصعوبات ولا أظن أننا رأينا كثيرا من ذلك في الفترة السابقة من رئاستكم؟؟ لقد مضت على رئاستكم أكثر من خمس سنوات ونحن نسير في مكاننا لم نتقدم خطوة في الطريق الصحيح.
سعادة الرئيس، إن ما تحقق اليوم وعلى رأسه ما أتى بك للرئاسة لم يكن سهلا ولا وليد ليلة وضحاها بل هو وليد جهود ليست سهلة استمرت لا أبالغ إن قلت عشرات من السنين بدأها ثلة من أعضاء ما سُمي بمجلس قيادة الثورة الذي ترأسه القذافي، منذ تلك الفترة وحين شعر بعض أعضاء ذلك المجلس بأن القذافي انحرف عن أهداف التنظيم وهو تسليم السلطة لحكومة مدنية بعد الانقلاب وصارت ملامح التفرد بالسلطة شيئا فشيئا تتضح وقبل أن يصبح نظامه استبداديا في واجهة برّاقة جذّابة إلى حد ما وقبل أن يستقل بالسلطة حينها بدأ أفرادا من ذلك التنظيم بمحاولات عديدة للانقلاب على القذافي فمنذ السنة الأولى من الانقلاب في 1969 قام وزيري الدفاع والداخلية في ذلك الوقت آدم الحواز وموسى أحمد بمحاولة الانقلاب الأولى وتوالت بعدها محاولات تغيير القذافي ولم يكتب للنجاح لأحد منها وتم قتل كل من حاول تغيير النظام في ليبيا عسكريا كان أو مدنيا في محاولاتهم المستمرة لإعادة السلطة المدنية وأودع السجون من بقي منهم حيا وكان آخر محاولات التغيير هي الثورة الشعبية التي راح ضحيتها المئات من الليبيين وأتت بك للسلطة.
سعادة الرئيس، الآن وقد دُحر عدوان دام أكثر من عام من القصف والتهجير الممزوج بالخوف والرعب وبعد تربعك على سدة إدارة الدولة لفترة ليست بالقصيرة ألم يحن الوقت الذي يستطع أن ينعم فيه الليبيون بالأمن والأمان؟ ألم نتعلم الدرس بعد من خلال الفترة السابقة بعدم تكوين شرطة وجيش وأجهزة أمنية تنظم حياة الناس في مناطق سيطرتك وحكمك في الغرب الليبي؟؟!!! ألم يحن الوقت بعد لتكريم الشباب الذين قدّموا أرواحهم وضحّوا بالغالي والنفيس في الدفاع عن الوطن من المؤامرات الداخلية والخارجية وإيداع المجرمين في السجون؟؟؟ ألم يحن الوقت لتكريم هؤلاء الأبطال بإعطائهم الخيار في الانضمام إلى الجيش أو الشرطة أو إيجاد فرص عمل أو دعمهم بقروض طويلة الأجل لمن يريد بداية عمل تجاري أو صناعي أو غيرها من الأعمال الخاصة ؟ ألم يحن الوقت ليرى هؤلاء وغيرهم واقعا ثمرة جهدهم ومثابرتهم في دولة مدنية آمنة مطمئنة قدموا أرواحهم في سبيلها ؟ ألم يحن الوقت ليتخلص الليبيون من المعاناة المعيشية الضنكة ويستمتعوا بالحياة كباقي الشعوب؟ ألم يحن الوقت لوقف الانفلات واستتباب الأمن وعودة الناس لبيوتهم آمنين مطمئنين؟.
سعادة الرئيس، لقد أضعتم الفرصة الأولى حين رحّب بكم كثير من الناس عاقدين الأمل عليكم ولكن الحال زاد سوءًا فلم نرى عملا يثلج صدورنا أو يقوّم الاعوجاج الذي تعج به بلادنا وها هي الفرصة الآن متاحة لكم للمرة الثانية لتكوين الأجهزة الأمنية المطلوبة لتأسيس الدولة وتقديم الحلول الجذرية للمشاكل العالقة وتكريم واحتواء الشباب المقاتلين فلا نريد إضاعتها مرة أخرى يا سعادة الرئيس كما لا نريد العودة إلى البداية وكأن لم يمت ولم يجرح منا ولم يهدم بيت أحد وكأن شيئا لم يكن، فلا يلدغ مؤمن من جحر مرتين.
سعادة الرئيس، نعرف حجم المؤامرات فاضرب ولا تتردد فالتضحيات والدماء التي سالت تستحق منكم الاهتمام الكبير وعمل المستحيل لإرساء قواعد دولة مدنية يستوي فيها الرئيس والمرؤوس أمام القانون، إن استتباب الأمن وتمكين الدولة عن طريق الشرطة والأجهزة الأمنية واختفاء المظاهر المسلحة من المدن والقرى المحررة في الغرب الليبي تأتي في نفس أهمية تحرير سرت والجفرة، يا سعادة الرئيس، إن بعض الدول الخارجية قد تكون عاملا مساعدا ولكنها لن تكون أبدا عوضا عن الليبيين أنفسهم.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً