بخطىً ثابتة في طريق مملوءة بالألغام سار الرئيس التركي طيب أردوغان خطواته السياسية في بلد إسلامي حارب الإسلام أكثر من مائة عام في بلد يحكمه الجيش في شخص رئيس الأركان الذي انقلب على كثير من رؤساء وزراء تركيا المنتخبين الذين حاولوا تغيير بعض الشيء فيها فكانت للجيش سطوة سياسية قوية، كان رئيس أركان الجيش يجلس بجانب رئيس الدولة في مجلس النواب وهذا له دلالاته الكبيرة، نجح أردوغان في تحييد الجيش الذي كبّل الدولة بذكاء عن السياسة وأصبح رئيس الجيش يجلس بجانب بقية الوزراء ولم يكن ذلك بالسهل كانت وراؤه تضحيات جمة لا تخفى على متابع وعملٌ طويل من الرئيس.
أردوغان بشرٌ يخطئ ويصيب ولكنه حكيم أخرج بلدا إسلاميا ضاربا في التاريخ من العلمانية المتطرفة إلى حرية المعتقد من بلد كان فيه إرتداء القبعة لأنها رمز إسلامي ممنوع كما أن دراسة المسلمة بحجابها في الجامعة ممنوع وصوت الأذان خارج المسجد ممنوع واللحية على موظفي الحكومة ممنوع وغيرها كثير، أردوغان نجح وسط حقول من الألغام بالداخل والخارج أن يعطي الحرية للجميع والإسلام لا يريد إلا الحرية لينشر نفسه فأصبح ارتداء القبعة عادي وأصبحت المسلمات بحجابهن في الجامعات بل ويتقلدن مناصب كبيرة في الدولة وصار الآذان يصدح في مدن وقرى تركيا وأصبحت اللحية حرية شخصية وانتشرت معاهد تعليم القرآن واللغة العربية وعادت تركيا في عهده إلى حضيرتها الإسلامية وهذا قليل من كثير. أردوغان الرئيس له نظرة مستقبلية لتركيا وللعالم الإسلامي بأكمله.
نجح أردوغان في إخراج تركيا من قبضة المصرف الدولي وهو مؤسسة لتكبيل الدول والسيطرة عليها وجعل تركيا في مصاف الدول القوية اقتصاديا وصناعيا، كما نجح في إنتاج سلاحه وغذائه ودوائه إلى حد الإكتفاء وجعل من تركيا لاعبا رئيسيا بين الدول الكبرى. تآمر عليه الأعداء وخدمهم من حكام الأمة لأنهم لا يريدون لهذه الأمة النهوض ولا يريدون لدولة اتجاهها إسلامي أن تكون لأنهم يعرفون أن أول الغيث قطرة. بينما ينصّب ملك بريطانيا بالصليب ممسكا بكُرة الصليب والإنجيل بيده ويحلف على الحفاظ على الدين البروتستانتي المسيحي وتقاتل فرنسا وروسيا من أجله؟ أفيدونا عن تفسيركم لهذا يا من تدعون لعدم تدخل الدين في السياسة يا من تقلدون الغرب كالببغاء؟!.
لقد أكد وعمل أردوغان على استقلال القرار التركي وعدم تبعيته وخضوعه لأحد كما انسحب من اتفاقية المجلس الأوروبي الموقعة مع الغرب والتي تدعم المتحولين جنسيا والمخنثين الأمر الذي أثار الكثير من المشاكل الداخلية وجنّ جنون الغرب ذلك وأجج عدائهم له فحورب بكل الوسائل ولازال.
إن انزعاج الغرب من نجاح أو عدم نجاح أردوغان في الإنتخابات لهو برهان على سيْره في الطريق الصحيح، فما من حاكم رضي عليه الغرب فلينظر في نفسه؟ لقد دعم الغرب المعارضة الشيوعية علنا من خلال تصريحات كبيرهم الرئيس الأمريكي الذي صرّح علنا قائلا: “بأننا يجب أن ندعم المعارضة بكل أشكالها الذين لازالوا موجودين والحصول على أكثر ما نستطيع منهم للإطاحة بأردوغان ليس بالإنقلاب (لأنهم حاولوا ولم يستطيعوا) ولكن بالإنتخابات”، كما أن حملات الصحف الغربية والرسوم المسيئة لأردوغان وللهلال رمز الإسلام تبين حقد هؤلآء عليه وعدائهم الدائم لأي توجه إسلامي يرفع غطائهم وهيمنتهم عن دولته ولنا في الأحداث عبرةٌ فانظروا ماذا فعلوا في الثمانينات عندما فازت جبهة الإنقاذ الإسلامية في انتخابات حرة في الجزائر وأنظروا ماذا فعلوا بأفغانستان وقتلهم لرئيس باكستان ضياء الحق رحمه الله ولكنّ الله غالبٌ أمره ونهوض الأمة قادم لا محالة.
نحن أمة واحدة ألسنا نؤمن بالله ربّا والله جل جلاله يقول: “إِنَّ هَٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ” الأنبياء: 92، إن ملة الإسلام والمنتمين لهذا الدين العظيم لا يفرقون بين عربي ولا أعجمي، بل هم إخوة متحابين ينصر بعضهم ويشد عضد بعضهم بعضا فلنتفطن لمن تآمر علينا وقسّمنا دويلات وشعوبا وأمّر علينا حُكّاما قرارهم بأيدي غيرهم فأصبحنا يبغض بعضنا بعضا ويتآمر بعضا على بعض ويقاتل بعضنا بعضا ويكره بعضنا بعضا فهذا من دولة كذا وذلك من أخرى تركنا ما أمرنا به الله ورسوله في هذا الشأن وفي كثير غيره فصرنا أذلاء كما صرنا ولا يخفى على أحد كيف صرنا.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً