رجال الدولة الليبية أصبحوا محكومين بسطوة الإسلاميين

«المقريف» يعتذر عن وصف ليبيا الجديدة بالدولة العلمانية ويؤكد أنها «زلة لسان»

محمد المقريف

اعتذر رئيس المؤتمر الوطني الليبي العام محمد المقريف لليبيين عما اعتبره “زلة لسان” في تصريحات صحفية نسبت له وأشار فيها إلى ضرورة أن تكون الدولة في ليبيا الجديدة مدنية علمانية.

وقال المقريف الثلاثاء في تصريح لقناة ليبيا الوطنية “أرى لازما علي أن أوضح ملابسات ومقاصد ما صدر عني من آراء عبر الصحافة، أُخرجت عن سياقها وذهبت بها الظنون كل مذهب تقول إن ليبيا ستكون دولة علمانية”.

وكانت وساءل إعلام عربية ودولية قد تداولت في اليومين الماضيين تصريحا للمقريف ذكر فيه أنه يريد أن تصبح بلاده “دولة دستورية ديمقراطية مدنية علمانية”.

وكان المقريف أوضح في هذه التصريحات الصحفية أنه يرغب في أن تكون بلاده مدنية علمانية بشرط ألا يتصادم ذلك مع الشريعة الإسلامية.

وأوضح أن فصل الدين عن الدولة يكون “بألا تتحكم هيئة دينية في قرارات المؤتمر الوطني أو الحكومة. وفي الوقت نفسه لا أتصور ولا أتوقع أن يصدر مؤتمر وطني أو حكومة في بلد إسلامي مئة في المئة (ما هو) مصادم للشريعة الإسلامية”.

لكن المعارض الليبي السابق عاد ليقول في تصريحه للتلفزيون الليبي إنه لا يملك الحق في تقرير مثل هذا الأمر الدستوري كما لا يملك النيابة عن الليبيين في تقريره.

وأكد المقريف في اعتذاره أن الدين الإسلامي منهج الحياة في ليبيا وأن الشعب الليبي شعب مسلم سني لن يرضى بأي مخالفة لأصول إيمانه وثوابث دينه وأحكام شرعه، كما شدد على أن الواقع الليبي لا مكان فيه لمصطلح العلمانية ولا لمصطلح الثيوقراطية.

ويرجح مراقبون أن يكون المقريف قد تعرض إلى ضغوطات هائلة استدعته إلى التراجع عن تصريحاته التي بدا فيها وكأنه تجاوز خطا أحمر بالنسبة للقيادات الدينية المتشددة أو حتى تلك التي تؤمن بديمقراطية لا تخرج عن سياق دولة محكومة بالشريعة الإسلامية.

وقال مراقبون إن المقريف كان يعبر عن قناعاته وعن أفكار ناضل من اجلها سنوات طويلة عندما تحدث عن طمدنية الدولة الليبية المرتقبة.

وكان المقريف أحد عناصر نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي.

واستقال منذ عام 1980 من منصبه كسفير لليبيا في الهند لينظم إلى المعارضة الليبية وعمل داخلها لسنوات على الإطاحة بنظام القذافي من أجل إقامة نظام “بديل وطني دستوري ديمقراطي”.

وكشفت الأحداث اللاحقة لنجاح احتجاجات الليبيين في القضاء على نظام القذافي، هيمنة للتوجهات السياسية الإسلامية على أغلب الأحزاب والليبية والمليشيات المسلحة التي ما تزال ترفض تسليم اسلحتها إلى السلطات المركزية.

وتعاني ليبيا انفلاتا أمنيا برزت ملامحه مؤخرا في الهجمات التي قام بها إسلاميون سلفيّون ضد أضرحة ومكتبات في طرابلس وزليتن ومصراتة، فضلاً عن قيام مجموعات من المسلّحين بتدنيس أضرحة في مسجد ومدرسة في المدينة القديمة في العاصمة.

ودمّر المتشدّدون ضريح الشعاب الدهماني في طرابلس، وانتهكوا حرمة القبر في طرابلس. كما فجّروا ضريحا آخر للعالم الصوفي الشيخ عبد السلام الأسمر، الذي عاش في القرن التاسع عشر في زليتن، إضافة الى ضريح الشيخ أحمد زرّوق.

وأحرق المتشدّدون أيضاً مكتبة الشيخ الأسمر الأثرية، بما فيها من مخطوطات وكتب إسلامية تراثية نادرة.

وتوج متشددون اسلاميون مشهد الانفلات الأمني بالهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي قبل نحو ثلاثة اسابيع، والذي أدى إلى مقتل السفير الأميركي في ليبيا.

ويقول محللون إنه بات من الصعب في هذا الجو الإسلاموي على أي صوت حداثي في ليبيا ان يجاهر بالدعوة إلى دستور مدني حداثي لليبيا مثلما يفعل الحداثيون والعلمانيون في تونس ومصر على سبيل الذكر.

ومباشرة بعد إعلان تحرير ليبيا في أكتوبر 2011، قال مصطفى عبد الجليل الرئيس السابق لما كان يعرف بالمجلس الوطني الانتقالي الذي حكم ليبيا ما بعد القذافي على حين تنظيم انتخابات يوليو/تموز، “إن الشريعة الإسلامية ستكون المصدر الرئيسي للتشريع في ليبيا”.

ومنذ ذلك الحين، يسعى الإسلاميون في ليبيا إلى ضرورة أن تكون الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للحكم القادم في ليبيا ويرفضون أي جدل في غير هذا الاتجاه.

وكما يعمل الإسلاميون على تأسيس أحزاب سياسية ذات مرجعية إسلامية، فإن بعض الليبراليين اختاروا بدورهم تشكيل أحزاب سياسية بمرجعية دينية، تفاديا لأي مشكلات محتملة مع الرافضين لفكرة الأحزاب العلمانية في البلاد.

ويقول مراقبون إن رجال الدولة الليبية اصبحوا الآن وكثر من أي وقت مضى محكومين بسطوة الاسلاميين. ويضيف هؤلاء المراقبون ان الاسلام السياسي في ليبيا صار أقوى من ان تهمشه انتخابات او جوه.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً