من إنجازات ثورة السابع عشر من فبراير أن يكون للأمازيغ مجلسا أعلى لم يحلم به أحد في زمن النظام السابق، وهو بداية لتنفيذ مبداء التنوع الثقافي وحرية إنشاء الجمعيات والمؤسسات الإجتماعية والثقافية، والهياكل المدافعة عن حقوق فئات من المجتمع، وهذا لا يخص الأمازيغ وحدهم بل قد يكون للعرب أو التبو أو الرگريگ، وقد يكون للمعاقين أو للمستهلكين أو لآي فئة لها إهتمامات خاصة وتجمعها روابط معينة.
ولقد قامت مفوضية إنتخاب أعضاء المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا بتحديد يوم 8 أغسطس لبداية التسجيل للإنتخابات وتتواصل حتى السادس عشر من أغسطس، على أن يكون الإنتخاب يوم الثلاثون من الشهر الجاري. ولقد تم تحديد عدد شخصين عن كل بلدية أمازيغية مثل زوارة ويفرن وجادو والرحيبات وكباو ونالوت ووازن، وعضو واحد عن البلديات المختلطة مثل جريجن وطمزين. ومن الملاحظ أن بلدية غدامس وغات وأباري وأوجلة لم يتم إدراجها في الملصق الصادر عن لجنة الإنتخاب، وهي مفارقة كبيرة، فالتنوع الغدامسي والغاتي لا يمكن له إلا أن يكون أمازيغيا، لغويا وتاريخيا، وما قام به المجلس الإنتقالي من التفريق بين سكان جبل نفوسة وسكان الصحراء إلا محاولة متبناه من النهج الإستعماري البغيض “فرق تسد” وللأسف إبتلع الطعم بعض المثقفين الغدامسية والتماشق، ورفضوا التنسيق في العديد من المواقف منها مقاطعة لجنة الدستور. وبذلك فإنه آجلا أم عاجلاً فسيكون هناك شباب من هذه المدن الأمازيغية ممن يرفض أن يكون التمثيل مقتصراً على المثلث الشمالي الغربي من ليبيا.
فالمجلس الأعلى هيكلية تطالب بحقوق جماعة لها تاريخها المديد وإرثها الثقافي العريق، وجغرافية ممتدة على طول الحدود الغربية والجنوبية. وهي فئة أصيلة في المجتمع الليبي، ورغم الغبن الذي لحق بهذا المكون الإجتماعي زمن الحكم السابق فإنها لازالت الشعلة التي لم تتوقف عن المطالبة بالتغيير من إجل إرساء دعائم الدولة المدنية الحديثة، وربما هي المكون الوحيد الذي له رؤية واضحة حول نظام الحكم المنشود، فالمكون العربي مثلاً منقسماً كثيرا حول نفسة بين من ينادي بالدولة المدنية ومن ينادي بالإمامة ومجلس الشورى أو مجلس القبائل ومن ينادي بعودة الملكية، أو عودة النظام الجماهيري. وهذا يؤكد نضوج الوعي السياسي عند الكثير من العامة والمثقفين الأمازيغ عند تبني جلهم لمفاهيم الحداثة والدولة المدنية.
إلا أن ما يجذب الإنتباه إليه عند قراءة إعلانات وقرارات إنتخاب المجلس الأعلى في الأونة الأخيرة خلو هذه القرارت من مرجعية الدولة، وهو قصور يحتاج إلى التنويه إليه، فقرار إعلان أو تأجيل موعد الإنتخاب يحوي دباجة تشير إلى المؤتمرات والإجتماعات السابقة للمجلس، وتزيد عن ذلك بالتنويه إلى مواثيق الأمم المتحدة حول الشعوب الأصلية (ولا ضير في ذلك) إلا أنها لا تتناول أي قرار صادر عن الدولة الليبية، وهذا يحدث لغطاً حول تبعية المجلس وأهدافه، والجميع يعلم مقدار وطنية الأمازيغ وتفانيهم لأجل الوطن، فهم بحق أول من يضحي وآخر من ينشد المزايا والعطايا والهبات.
الجميع يعلم أن الأمازيغ تم إقصائهم من لجنة الدستور بسبب تبني نهج المغالبة، ورفض مبداء التوافق، ولذلك رفع البعض منهم شعار ” لا نعترف بمن لا يعترف بنا” وهذا الشعار يصف نصف الواقع وليس كله، فالإعتراف له قصور من بعض هياكل الحكومة وليس كلها، والحراك الأمازيغي الثقافي والإجتماعي وحتى التعليمي لم يعد مقيداً كما في السابق.
أسوة بمؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات غير الحكومية فإن المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا هو مؤسسة أهلية ليبية غير حكومية تطالب بحقوق المكون الأمازيغي في ليبيا، وللمجلس دور ثقافي إجتماعي، وهو خاضع للقوانين واللوائح الليبية، ويتم تسجيله في قائمة المؤسسات الأهلية الليبية. ولذلك عند الإنتخاب أو إصدار قوانين يجب أن يشار إلى قرار إشهاره في وزارة الثقافة مثلاً. وهذا ما نراه لمعظم الجمعيات المطالبة بحقوق الفئات المجتمعية في العديد من الدول. ومن خلال التبعية للدولة يتم المطالبة بالعدل والمساواة في الحقوق والواجبات، تبعاً لمبداء المواطنة والأعراف والقوانين المحلية والدولية، ومنها مثلا الإعتناء بالموروث الثقافي الليبي، ومعيرة اللغة الأمازيغية، وإفتتاح قنوات فضائية على حساب الدولة الليبية، والعناية بالأثار والمدن التاريخية الليبية، ونشر الموروث الثقافي للعلماء الأمازيغ، وبناء المتاحف المعبرة عن عاداتهم وتقاليدهم والمطالبة بنهج الحداثة وإقامة الدولة المدنية كضامن للتنوع الثقافي في الدولة الحديثة.
أما الدور السياسي للمجلس فسيكون مستقبلاً بإنشاء حزب أو إتلاف تابع له يضم المكونات أو الفئات المتقاربة فكرياً من أجل الوصول للحكم وتنفيذ القيم والمبادئ التي يرفعها الحزب أو الإتلاف. وقد تتغير الظروف وينتهي التعصب العروبي الإسلاموي الذي ساد البلاد لعقود كثيرة، ويتم إنشاء دولة المواطنة التي يتساوى فيها أفراد المجتمع، ولا يحتاج الأمازيغ أو العرب أن يكون لهم مجلساً يطالب بحقوقهم المشروعة، وتصبح الأحزاب متنافسة على البرامج التي تتبناها وليس لأسباب أثنية أو عرقية.
في النهاية أرى أن فكرة المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا تحتاج إلى الكثير من العمل الفكري من أجل بلورة وضعها القانوني وأهدافها المبتغاة والوسائل المتوفرة لتحقيق إهدافها، ولا ينقص الأمازيغ الخبرات، بل ينقصهم شئ من التنظيم لتحقيق ذلك والله ولي التوفيق.
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
الامازيغ لن يكون لهم اى صوت او اى ثقل هم مجرد مكون بسيط ولاقيمة له .ليبيا عربية وستكون عربية .لغتها العربية والجامعة العربية حاظنتنا .نقطة انتهى الكلام