في لقاء تلفزيوني بقناة ليبيا روحها الوطن، أداره السيد محمد زيدان، واستضاف فيه مجموعة من النواب في حلقة الأول من مارس، وكانت بعنوان “مجلس النواب… متاهات الأزمة ومسارات الحوار”. كان ضمن الضيوف الدكتور على التكبالي، ومن أهم النقاط التي صرح بها وهي كما وردت في موقع القناة كردود على تساؤلات السيد محمد زيدان كانت كالتالي:
في سؤال محمد زيدان: من الذي يمتلك القدرة على التأثير داخل مجلس النواب؟ فكان جوابه: إذا أردنا حكومة توافق فيجب أن يكون هناك توافق في مجلس النواب، اعتقد أن كتلة السيادة الوطنية وقفت موقف وطنيا حقيقيا لمنع هذه الحكومة التي جاءت لتفتت مجلس النواب، ولتفتت ليبيا من بعدها ولتمنح الأجانب إمكانية ضرب ليبيا.
وفي جوابه عن حقيقة منع الكتلة الموافقة على الحكومة من دخول القاعة بالقوة من قبل بعض النواب المعارضين، أجاب بأنه لم يسمع يوما أن نائب يستطيع أن يرهب نائب أخر.
وفي السؤال عن حقيقة إقرار مجلس النواب للمجلس الرئاسي وتمريره تسأل السيد زيدان: هل العيب في التشكيلة الحكومية أم العيب في الاتفاق السياسي ككل؟ أجاب السيد على التكبالي قائلا: كنا ضد الطريقة التي يدار بها الحوار منذ اليوم الأول وان الحوار فاشلا.
فلما سائلة السيد محمد زيدان: إذا كان فاشل لماذا اقر؟ لماذا مرره مجلس النواب إن كان فاشل؟ أجاب انه هو وبعض زملائه كانوا يعتبرون أن الحوار فاشل وان هذا الحوار منع المجلس من خدمة الشعب الليبي لعام كامل، وأشار إلى وجود رغبة دولية في استمرارية الحوار بغض النظر عن مشيئة المجلس، وأشار بأنهم لا يخشون من أي شخص (!…).
وحاول السيد زيدان أن يزيد استيضاح هذه النقطة فقال له: خليني نفسر معاك وأنت رجل أكاديمي، ما هو المعيار الفاصل داخل مجلس النواب هل هو معيار الأغلبية؟ ثم لما يمنع هؤلاء الأشخاص من الدخول؟ فأجاب لم يمنع أي شخص من الدخول أبدا ونحن لم نرد ان ندخل لعدم رغبتنا بان تقام الجلسة لأنه هنالك مؤامرة في الأفق، إذا هذا حقنا الديمقراطي الذي مارسناه (انتهى).
لا ادري كيف يكون التوافق على حكومة الوفاق يتطلب التوافق في مجلس البرلمان لأسباب عديدة، السبب الأول: أن حكومة الوفاق مررت بموجب التصويت على الاتفاق السياسي الذي تم في 25 من يناير 2016، وتمرير الحكومة في جلسة البرلمان التي لم تعقد هي من منطلق قبول الشخصيات المرشحة للمناصب الوزارية فقط، ومن منطلق عدد الحقائب الوزارية التي كان عددها سببا في رفضها في جلسة تمرير الاتفاق السياسي، ورفض البرلمان لأي شخصية مرشحة يفترض أن يكون بناء على الذمة المالية والسياسية للشخص المرشح للمنصب وليس لاعتبارات أخرى فنية مثلا، ذلك أن الاعتبارات الأخرى للشخصية المختارة يقع تبعتها على المجلس الرئاسي وليس على البرلمان.
السبب الثاني أن التوافق بين الكتل السياسية لا يخضع للتمني والأهواء وإنما يخضع لآليات العملية الديمقراطية نفسها، فكما أن آليات العملية الديمقراطية مكنت شخص ما من أن يكون نائبا ربما بفارق صوت واحد على مرشح أخر في نفس دائرته، فان هذه الآلية تقول بان تمرير القرارات يتم بأغلبية الموافقين.
والسبب الثالث والاهم وهو الطبيعة البشرية التي تقول باستحالة التوافق، لهذا يرد نجاح اليهود مثلا في بعض الأدبيات إلى القول المشهور الذي يقول أذا تحاور يهوديين فان رأي ثالث سيلوح في الأفق، والذي يعني استحالة اتفاق رأي يهودي مع يهودي أخر لذلك يكون المخرج هو رأي ثالث لحل إشكالية عدم التوافق، فعدم توافق البشر إشكالية حقيقية، وحلها يكون في وجود رأي وسط بين الفرقاء وليس تمرير وفرض رأي احد الفرقاء، ولو اعتمدت أمور البشر على التوافق لم حلت قضية أو مورس عمل في هذه الحياة، بل وما صلح بيت قائم ناهيك عن دولة يفترض انها ستسعى لبناء مؤسسات.
ولا ادري ماذا كان رأي السيد النائب الدكتور عمر التكبالي والكتلة التي ينتمي إليها في القرار رقم 6 لعام 2014 والذي ينص على طلب التدخل الأجنبي وتكليف رئاسة البرلمان بالترتيب لهذا الأمر، فكيف ترفض حكومة الوفاق بحجة انها مطية لجلب التدخل الخارجي رغم أن التدخل الخارجي قد اقر سلفا بموجب هذا القرار، كما وان التدخل الخارجي في الشأن الليبي السياسي والعسكري واقع يعلمه كل المتابعين للشأن الليبي رغم التعتيم الرسمي عليه.
ورغم أن جميع الحاضرين في جلسة البرلمان محل الخلاف اقروا بحقيقة رفع سجل حضور الجلسات، وكذلك اقروا بعدم توقيع البعض لحضورهم في سجل الحضور رغم تواجدهم في مبنى البرلمان، مما يؤكد أن الكتلة الرافضة قامت بدورها في منع انعقاد الجلسة، يصر الدكتور على التكبالي بان لم يحدث في عمر البرلمان أن قام نائب بترهيب نائب أخر وإكراهه، على أن العديد من النواب أكدوا على الضغوط التي تمارس ويتعرض لها النواب داخل وخارج البرلمان، ولعل حادث اختطاف النائب المقاطع السيد محمد قعيص رغم أنها حدثت خارج البرلمان إلا أنها تؤكد على حدوث مثلها في قاعات البرلمان، لذلك نجد اغلب النواب يقيمون في مصر بعيد عن مدينة “السلام” التي تعقد فيها جلساتهم.
ويعترف الدكتور على صراحة بأنهم كانوا ضد الحوار السياسي، مما يؤكد ضمنا أنهم سيكونون ضد مخرجاته، خاصة أن لم تلاقي مخرجاته القبول لديهم وهو أمر لا شك مؤكد الحدوث، وسيعملون على تعطيل الوفاق عليه، ويعتبرون أن الحوار عطل عمل البرلمان رغم أني لم أجد ما يمنع البرلمان من أدائه في موازاة ما يحدث من اجتماعات في الصخيرات، ولا اعتقد أن على التكبالي سيجد الرابط بين ضعف أداء البرلمان وتخبطه وبين حوار يجري على بعد آلاف الأميال من قاعات البرلمان.
ربما اسواء ما أسفرت عليه ردود السيد علي التكبالي هو اعتقاده أن من حقه الديمقراطي الامتناع عن حضور جلسات البرلمان، حتى لو أدى غيابه إلى تعطيل جلسات البرلمان بسبب عدم حصول البرلمان على النصاب القانوني لعقد الجلسات.
لا شك أن الدكتور على التكبالي سيتفق معي أن كان هذا السلوك سليما “ديمقراطيا” فان البرلمان سيتعطل عن العمل كلما حدث خلاف وعدم توافق بين كتل البرلمان، وبالتالي سيمتنع السادة نواب الشعب غير الموافقين على أمر ما من حضور جلسات البرلمان لتقويض ما لا يلاءم أهوائهم وأمزجتهم وعقولهم، ويكتفوا من البرلمان بتحقيقه لهم رفاهيتهم التي أهلها لهم عضويتهم بجسم ميت لا ينتج شيء إلا انه قادر على توقيف عجلت الحياة في بلد كامل بسبب موته، وتصبح قوة البرلمان في تعطيل الحياة وهو ميت أقوى من قوته في إنتاج أدنى متطلبات مهامه وهو حي، الأمر الذي اسميه ديمقراطية على التكبالي أي تعطيل الجلسات بامتناع من لا مصلحة له في قراراته عن طريق تقويض جلساته بعدم إكمال نصاب الجلسات القانوني.
ولي نقطة أخيرة بخصوص سيادة الدكتور على التكبالي وهي لا تمت إلى الموضوع لكني أحببت أن أشير إليها، وهي لغته العربية، فلغته للأسف ركيكة جدا لا تنتمي إلى اللغة العربية الفصحى إلا في مفرداتها، واني أتمنى أن يتحدث اللهجة الليبية فهي أليق به من الحديث بلغة لا يتقنها، ونشازها يسبب أداً لأذن السامع.
والله من وراء القصد
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
“هردميسة”