سنة ويزيد فترة ليست بالقصيرة قياسا بحجم العمل وحجم ما تعانيه ليبيا، إنتخب الليبيون لجنةً لكتابة الدستور التي يحدد فيها تقريبا كل شيء بداية من إسم الدولة ومرورا بالحقوق والواجبات إلى صون استقلال البلاد والدفاع عنها. إن هذا الإنجاز التاريخي ذا الأهمية الذي لم يتحقق حتى الآن يُتهم فيه بالتقصير رئيس اللجنة بالدرجة الأولى والمهمة فهو الذي أخذ على عاتقه هذه المهمة وقبل بها، فهو من يتحمل بداية ونهاية كتابة الدستور كما يتحمل أيضا كل هذه الفترة التي لم يتم فيها إنجاز العمل الذي كان من المترض أن يتم في بضع أشهر. يعلم رئيس اللجنة أهمية الدستور القصوى في هذه المرحلة الحرجة المتشابكة والكثير خيوطها وأنا على يقين أنه يعلم جيدا أهمية الدستور لحل الخيوط المتشابكة ووضع كل خيط في مساره. ويعلم جيدا أهمية الدستور في إرساء قواعد السلم والأمن الذي نسعى إليه، كما يعلم أهمية الدستور في تحديد طبيعة النظام السياسي الذي يدور حوله الصراع والإداري كذلك ويحدد الواجبات ويحفظ الحقوق وينظم العلاقة بين الحاكم والمحكوم.
لكن يبدوا أن الرئيس لم يقدّر تلك المسئولية الملقات على عاتقه والتي لها دور رئيسي في استقرار البلاد وتخطي مرحلة الإضطرابات التي تمر بها. فالرئيس لو قدّر حق التقدير أهمية العمل الذي يقوم به ما تلكأ يوما واحدا ولكان شغله الشاغل باليل والنهار هو إتمام كتابة الدستور بالوجه الوطني الذي يرضاه العباد ورب العباد قبل هذا وذاك!!! فهل كتابة الدستور يحتاج لكل هذا الوقت بالرغم من الأهمية؟ أم أن الإنقسام السياسي والعسكري التي تعاني منه البلاد سببا في التأخر؟ وإن كان ذلك كذلك فهل التلكؤ في إتمام كتابة الدستور سيرسخ ويؤكد هذه المشاكل؟ أم أن الدستور وُضع ليساعد في حل المشاكل السياسية ورسم طريق مسار الدولة كاملا؟ ولا شك أن الدستور بتحديده لشكل الحكم ونظام الدولة السياسي والإداري وبتحديده لكبائر المسائل وصغارها سيساعد في استقرار البلاد ويضع حدا للعابثين بها ومقدراتها.
لقد قسّم رئيس لجنة الدستور بحضور فقط إحدى وعشرون عضوا أعضائها إلى ثلاث مجموعات وهي فعليا مجموعات الولايات الثلاثة السابقة طرابلس وفزان وبرقة!!!؟؟؟ وهنا نتسائل بأي عقلية يسير رئيس اللجنة وفق هذا التقسيم؟ وهل هذا يوافق اللائحة الداخلية للهيئة؟ ما هذا التضارب والخبط العشوائي في تصريحات الرئيس من حرية المعتقد في البلاد إلى نقل أعمال اللجنة إلى خارج ليبيا إلى الخلافات الداخلية ؟ هل يعي رئيس اللجنة أهمية التعجيل بإكمال الدستور ودوره في استقرار الوطن؟ وهل يعي رئيس اللجنة أن التباطؤ في إتمام الدستور هو إحد مصائبنا التي ابتلينا بها بسبه وأمثاله؟
السؤال المهم الذي يتقدمه القول بأن الأمم تفتخر بتاريخها وتصنع منه مجدا وقاعدةً تنطلق منه لتصل الحاضر بالمستقبل ولتجدد البناء القديم وتؤكد بذلك إرتباطها بتاريخها الذي لا شك أن به من المعالم ما يجدر الحفاظ عليها. ونحن في ليبيا قام أبائنا وأجدادنا بصياغة دستور جدير بالإهتمام وجدير بالإستفادة منه والتزود بما فيه لنضع أسس بناء لحاضرنا ومستقبلنا مرتبطا بماضينا. فلماذا تجاهل ذلك الدستور ؟ كان على رئيس اللجنة أن يضع دستورنا القديم بين أيدي لجنته للإستفادة منه وتطويره وتعديله بما يتناسب مع متطلبات المرحلة التي نعيشها. إن الإستفادة من دستورنا القديم يسهل عمل اللجنة ويقلص الوقت المبذول لكتابة الدستور ويعجل بإخراجه الأمر الذي يقدم حلولا لكثيرا من مشاكلنا. أم أننا تعلمنا حتى في مدارس أمريكا وأوروبا أن نسيان الماضي والتاريخ المشرف هو جزء من العملية التعليمية؟؟؟!!!
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً